أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025


ساعتان في وزارة الاوقاف

بقلم : حسين الرواشدة
25-06-2013 02:00 AM
حين سمعت ان وزارة الأوقاف تبنت تنظيم مؤتمر حول «اصلاح المؤسسات الدينية» قلت: اللهم اجعله خيرا، فلربما انتبهت الوزارة الى دعوات الكثيرين – وأنا احدهم- التي الحّت على ضرورة تصويب مسار هذه المؤسسات واستعادة حضورها وثقة الناس بها، ذلك اسوأ ما يمكن ان نتوقعه هو ان تصل هذه المؤسسات التي تشكل اليوم بالنسبة لنا آخر «حصون المقاومة» الى «المصير» الذي وصلت إليه مؤسسات عديدة في بلدنا.

لكن -للأسف- اعتذرت الوزارة فجأة عن تنظيم هذا المؤتمر، وذكر لي أحد المسؤولين بأن الوزير أصدر قبل سفره امس الى «المانيا» قرارا «بالغاء» المؤتمر، وحين سألت لماذا؟ قيل بان غياب الوزير في زيارات خارج البلد ربما دفعته الى تأجيل عقد المؤتمر، أو ان المؤسسات الاخرى المعنية كان لها رأي آخر، أو ربما لأسباب اخرى غير معروفة حتى الآن، باعتبارها جزءا من «أسرار» العمل التي تحاط غالبا بالكتمان.

منذ سنوات لم أزر وزارة الاوقاف، لكنني - بالطبع - من المهتمين والمتابعين لما يحدث فيها، وكنت دعوت قبل نحو اسبوع الى ضرورة فتح ملفاتها ومعالجتها في اطار داخلي، لكن استاذنا الدكتور عبدالسلام العبادي، وزير الاوقاف السابق، عاتبني معترضا على ما قلته، وداعيا الى ضرورة عدم «التستر» على اي تجاوز، مهما كان فاعله ومع انني اقدّر وجهة نظره الا انني ما زلت مصرّاً على موقفي، لا دفاعا عن «التجاوز» وانما عن «المؤسسة» التي اعتقد انها قادرة - متى توفرت النوايا الحسنة والارادة في المسؤولين عنها- بمعالجة شؤونها دون اشهار او اساءة لأحد.

ما علينا، امس الاول ذهبت للوزارة زائرا، وحين سألت عن الوزير قيل لي بأنه في اجتماع مع السفير الايراني «لا ادري لماذا؟» كنت -بالطبع- قد تلقيت العديد من الشكاوى من موظفين وأئمة حول بعض القضايا التي تمسّ عملهم، لكنني فوجئت بما طرأ على مزاج العاملين في الوزارة من هواجس ومخاوف، بسبب بعض الارتباك في القرارات التي تصدر، سواء من جهة الاحالات على التقاعد او التنقلات او التعيينات المتوقعة، كما احزنني ايضا ان رحلة «الاصلاح» لم تبدأ بعد وقلت في نفسي: ما الذي يمنع الوزارة من ان تبدأ باصلاح نفسها قبل ان تدعو الى مؤتمر لاصلاح المؤسسات الدينية الاخرى؟ صحيح ان «الاصلاح» مطلوب من الجميع، لكنني اعتقد ان خطوته الاولى يجب ان تنطلق من «الوزارة» باعتبارها «الأم» والدينمو الذي يحرّك المجتمع، كما ان دورها ومهماتها قياسا مع المؤسسات الاخرى تبدو اكبر، وربما اخطر ايضا.

ما زلت مصرا على الدعوة لاصلاح مؤسساتنا الدينية، وخاصة وزارة الاوقاف التي تشكل «رافعة» لبناء مجتمعنا «المتدين» على اسس صحيحة، بعيدة عن التطرف والعنف والانحراف والفساد، لكن من المؤسف ان هذه الدعوات لم تجد ما يناسبها من استجابة وقبول، لدرجة ان هذه المؤسسة التي نقدرها اصبحت جزءا من المشكلة بدل ان تكون جزءا من الحل، الامر الذي يفرض علينا ان نتحرك للضغط باتجاه «تصحيح» المسار، لا فيما يتعلق بالامور الشكلية التي لا تغير من الصورة شيئا، وانما على اساس «جوهري» وعميق، او ان شئت عملية «تطهير» حقيقي، يمكن من خلالها اعادة الاستقلالية للمسجد والمنبر، وانتاج خطاب دعوي مقنع ومؤثر يتولاه نخبة من العلماء الذين يحظون بالعلم والاحترام ثم ايجاد أُطُر جديدة لتنظيم رحلة الحج والعمرة، والافضل ان تشرف على ذلك هيئة مستقلة منفصلة عن الوزارة، واخيرا اعادة موازين العدالة لكي يشعر العاملون جميعهم بان حقوقهم محفوظة وان احدا ليس افضل من احد، الا بمعيار الالتزام والانجاز، والتقوى قبل ذلك.(الدستور)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012