أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025


سرداب السيد.. وفيلا العبد

بقلم : جهاد المنسي
26-06-2013 01:24 AM
استذكرت ميسون بنت جندل قبل نحو 1400 عام، وهي تقف في قصر زوجها الخليفة الأموي الأول معاوية بن أبي سفيان، مرابع أهلها؛ فقالت: لبيت تخفق الأرياح فيه.. أحبّ إلي من قصر منيف. وتابعت قولها: فما أبغي سوى وطني بديلا.. فحسبي ذاك من وطن شريف.

استذكرت كلام بنت جندل، وأنا أطالع ما يكتب وما يدور حولنا من مهاترات، ونقد البعض لدعوات أحزاب سياسية للجهاد ضد إسرائيل، والقول إن تلك الدعوات تخرج من أشخاص يعيشون في سرادب.

استذكرت ما فعله شيوخ الفتنة فينا، وكيف تحولت إيران الإسلامية إلى دولة المجوس، وكيف حول مشايخ الفتن الغرب رائد الاستعمار في المنطقة ومقسم الدول وقاتل الشعوب، إلى دول صديقة محبة للسلام.

نعم، استطاع شيوخ الفتنة الطائفية والمذهبية والإقليمية زرع سمومهم في عقول البعض، ولوثوا الفكر والمعتقد؛ فبتنا نسمع عن طوائف مسلمة كافرة، يُدعى عليها على المنابر، وأخرى تتعرض للقتل يدعى لها بالنصر من على المنابر أيضا.

استذكرت وأنا أنفض عني هذا الكلام المذهبي الطائفي أن فقهاء الحديث عندنا؛ ابتداء من البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم، هم من بلاد فارس والسند سابقا، وهم من نقلوا لأهل السنة والجماعة كل الأحاديث النبوية التي نوردها في كلامنا. فهولاء لم يكونوا مجوسا، وإنما مسلمون أقحاح.

شيوخ الفتنة استغلوا الدين وسيلة لمغازلة عقول البعض، وتصوير ما يحدث في المنطقة، وتحديدا في سورية الشقيقة، باعتباره صراعا مذهبيا طائفيا. فلم يكن الصراع في منطقتنا يوما طائفيا ولا مذهبيا، وإنما كان عبر سنوات طويلة صراعا سياسيا بامتياز، تديره أجهزة غربية، وينفذه أراجوزات في بيتنا.

ما يحدث يذكرنا بسنوات سابقة، ساهم فيها شيوخ الفتنة في التغرير بشباب عربي ومسلم، وإرسالهم إلى التهلكة في أفغانستان وغيرها والموت هناك. والنتيجة أن أفغانستان حررت من السوفييت، واحتلت من قبل الأميركيين والغرب، فلصالح من يعمل أولئك؟!

ذاكرتنا ليست مثقوبة، ولن نسمح لمن يريد لنا أن نغيب عقولنا، وإحلال وساويسهم وألاعيبهم والتسليم بما يقولون، وما يأمروننا به، بإقناعنا بالتعامل مع الأخ والشقيق والصديق كعدو، ومعاملة العدو كصديق حميم كما فعل البعض.
شخصيا، لا فرق عندي بين مسيحي ومسلم، وشيعي وسني، ودرزي وكردي، وعلوي وزيدي؛ فلا يمكن أن تبنى الديمقراطية بغير ذلك، ولا يجوز التعامل مع الديمقراطية برؤى مذهبية. الأصل أن يكون مطلبنا الرئيس مدنية الدول، بديمقراطية حقيقية وليس وهمية، وعدالة ومساواة، وحق الآخر في التعبير والاختلاف، وليس قتل الآخر ورفضه، وأكل الأكباد، وحرق الكتب، وتنصيب القتلة محافظين ووزراء، وتخوين المعارضة، وسلبهم حقهم في المطالبة بمدنية الدولة.

كيف لنا أن ننسى أن أولئك المشايخ الذين يُفتون الآن، ويحلّون ويحرمون، ويجيزون قتل هذا وتحريم قتل ذاك، هم أنفسهم من زرع الفكر المتطرف بين ظهرانينا. وفتاواهم تلك كانت وقودا لتفجيرات بغداد وعمان والقاهرة، وغيرها من المدن العربية التي ذاقت من نيران تلك الفتاوى ما ذاقت، وذهب من ربيع شبابها من ذهب.

عذرا، لا أستطيع التعامل مع من صوّب بندقيته إلى إسرائيل المغتصبة، وألزمها الملاجئ لأيام، بالقول إن من فعل ذلك يعيش في سرداب؛ فالسرداب أشرف وأكثر إشعاعا من بيوت وفلل سكنها عبيد لأسيادهم، ينفذون ما يطلب منهم، وإن حادوا عن الطريق يقتلعون من كراسيهم. فلا يعاير من قال وفعل، وإنما يتوجب محاسبة من بنى القصور والفلل وسخر أموال شعبه لسيده.

الديمقراطية، والعدالة، حق للشعب السوري البطل، المدني الحضاري، ولكن ليس من حق أحد تقديم نفسه وصيا عليه والنطق باسمه، كما ليس من حق من لا يعرف معنى الديمقراطية ولا يعرف لفظها، ويعاقب من يطالب بها، الكلام عنها. وليس من حق من خرّب عقله المال الأسود، فاختلط عليه الأمر، وبات الصديق عدوا والعدو صديقا، أن يحاجج بالديمقراطية، فقد رأينا ديمقراطيتهم التي يريدون في شوارع القاهرة وكابل. أما نحن، فإننا نريد دولة مدنية، شعارها العدالة وحقوق الإنسان، وحق الفكر والمعتقد.

الغد

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
26-06-2013 02:53 AM

.
-- ما احوج الأمة لمثل هذه المقالات.

كل الشكر للأستاذ جهاد المنسي.

.

2) تعليق بواسطة :
26-06-2013 05:12 AM

أتفق إلى حد كبير مع ما يراه الكاتب من أن ما يجري في سوريا ليس حربا طائفية ولا مذهبية أو عقائدية أنما حرب يديرها خفافيش الظلام وأعوان الصهيونية والصليبية دفاعا عن مصالح أسيادهم وتحقيقا لرغباتهم في رسم واقع عربي ضعيف قوامه دويلات هشة غارقة في مشاكلها الداخلية وصراع مكوناتها البشرية بدون أسباب وجيهه إن ما يجري في سوريا هو إستهداف لكل مشروع نهضوي أو مشروع قومي فسوريا بلد ممانعه ولا زالت دمشق من العواصم التي لا يرفرف عليها العلم الأسرائيلي كما أنها لم تأتمر يوما بشروط صندوق النقد (الذل) الدولي يجب أن لا نذهب بعيدا فكل ما هو مطلوب منا كدول وشعوب عربية أن مع سوريا الدولة وليس سوريا النظام وأن نحميها من المؤامرة العالمية إلى رسم شرق أوسط جديد تحل فيه القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار وتكون جميع دويلاته كرتونية يعين حكامها ويخلعون بناء على مدى إخلاصهم وولائهم للغرب واليهود.

3) تعليق بواسطة :
26-06-2013 09:11 AM

بارك الله فيك، و اعاننا على جاهليتنا "الحديثة".

4) تعليق بواسطة :
26-06-2013 02:31 PM

Thank you. Well said

5) تعليق بواسطة :
26-06-2013 10:44 PM

تحية للسيد الكاتب أتفق معك وأختلف بنفس الوقت
* أنا كنت (في حينها) ضد ما سمي الجهاد في أفغانستان .. كيف لفلاح فلسطيني يدعى عبد الله عزام أن يقود جهادا ضد الإتحاد السوفيتي في أفغانستان بينما بيته و قريته و وطنه محتل من اسرائيل !
* الفتاوي في أيامنا هذه تسمى دينية و لكنها سياسية بامتياز حسب رغبة ولي الأمر الذي يسير بخطى الغرب
* و هذا لا يختلف عن الوضع في سوريا ف سوريا منذ تشرين 1970 وهي في فلك الغرب و حتى لو ظهر غير ذلك ، فدخول لبنان و احتلاله ل 30 عاما و اخراج المقاومة من هناك و الوقوف مع ايران منذ 1979 ضد العراق العربي الحر و وقف تصدير النفط العراقي عبر سوريا و دعم ايران في حربها على العراق و دعم حزب الدعوة و المجلس الأعلى و الوقوف مع أمريكا في حفر الباطن و الكثير الكثير من اغتيال لوطنيين عرب و فلسطينيين و محاولة تفتيت م ت ف و ايجاد بديل لها و تشجيع الإنقسام و و و الكثير
* أما ما حدث و يدث منذ سنتين و يزيد يوجد شعب سوري أراد حقوقا من دولته ! لماذا تم قمعه و قتله ؟
* لماذا تدخل و يتدخل الإتحاد السوفيتي و إيران مع نظام ضد شعبه (قبل اشتعال المقاومة ضد النظام) ؟
* نجح النظام في استغفال بعض العقول بأن هناك مؤامرة كونية على سوريا (ولا أجد سببا مقنعا لذلك)
* سوريا النظام هي من أخرجت و أفرزت الكثير من هؤلاء الذين تدعي محاربتهم (و أقول تدعي محاربتهم) لأنهم خدموا النظام باعطائة شرعية القتال ضدهم و لا أشك مطلقا بأنهم يستلمون رواتب منه مباشرة أو عبر وسطاء
* المستفيد من وجود هؤلاء (الإسلاميين) هو النظام و من يؤيده و أولهم اسرائيل لأنه كان أفضل حامي لحدود الجولان منذ تشرين 1970
* لا يصعب على الشعوب الإستمرار بتوراتها لنيل حرياتها و حقوقها الثورة الفرنسية استمرت عدة سنوات و انتصرت و العديد من الثورات انتصرت
دمت بخير أستاذنا الكاتب

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012