أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025


عروض تجريبية للتذمّر..

بقلم : احمد حسن الزعبي
04-07-2013 01:50 AM
يبقى الكنترول خارج»الكوستر»..الى ان يبدأ بالتحرّك جدياً نحو مخرج المجمّع ..فيقفز بطريقة استعراضية بداخله حاملاً بيده كوب من القهوة وبفمه سيجارة..محاولاً أن يلفت انتباه الطالبات العائدات للتو من دوام «الصيفي»، يقرأ وجوه الركاب بنظرة بانورامية ليتعرف على ردة فعلهم من «النطّة»الخرافية التي قد أحدثها قبل قليل...وعندما يدرك أن ركابه ليسوا من عشّاق «الآكشن»..فإنه سيطلق جملته التقليدية التي تقطر إحباطا: «روح أبو عماد روح..»
الباص يشبه تماماً مجلس النوّاب.. عبارة عن مجموعة من «الكوتات» غير المعلنة ...هناك كوتا للمتقاعدين في الكراسي المزدوجة، وهناك كوتا للأرامل والأقل حظاً غالباً في الكرسي الخلفي، والحوامل العائدات للتو من فحص «السونار»، وكوتا للمحافظين ؛ وتمثله فتاة ملتزمة تنظر من شباك الباص طوال الرحلة تلافياً للمعاكسة ..أو شاب متدين لا يحب الاشتراك ولا الاشتراكية في المقعد..
***
شوارع المدينة الداخلية..تغص بالبسطات والشحادين..يتعطّل السير فيها أكثر من مرة لكثرة المتنقلين بين الأرصفة بلا هدف، أو بسبب مرور «عرباية» عنّاب عابرة للحارات..الغريب في تموّز..أن أحدا لا يضحي بابتسامة لأجل الآخر..الكل ممعن في الضيق، والتأفف، وكأن الطقس مؤامرة كونية ..و الحرّ تنظيم إرهابي مكون من إشعاعات مسلّحة بالعرق والشوب والازدحام ..تسللت إلى المزاج العام وبدأت تفتك به...
تخيّلوا أن رمضان لم يبدأ بعد ...لكن في الطريق ازدحام غير مبرر يشبه ازدحامات رمضان، وشتائم وسباب سابق لأوانه يشبه العصبية المفرطة التي يتقمصها البعض في الصيام، زوامير متواصلة تعبّر عن غضب ما ..لا يعرف سببه، بعض «الكافيتريات» بدأت تخرج منذ الآن صاج القطايف..في محاولة «تلييف» متأنية، كما ان «الجوز» صار يضطجع في أبواب المحلات التموينية بجرأة مبالغ فيها..ونوافير التمر هندي والليمون ..بدأت تعمل ساعات الغروب..
على درجة البيت يجري أحدهم صيانة دورية للأرجيلة؛ يشيّشها جيداً، ينفخ في رأسها وينظف «سبطانتها»..العجائز يقطعن أوراق الروزنامة باكراً..ثم يعطينها لآخر العنقود ليقرأ متى سيؤذن المغرب في أول أيام رمضان...وقت الغروب يقوم أحد ضحايا ديوان الخدمة - رأس دور في التعيين- بتفقد خزانات البيت، ليس حباً بالتفقد، ولكن للتدريب على كيفية إضاعة الوقت حتى يحين آذان المغرب..
كل ما سبق من مشاهد..مجرّد عروض تجريبية للتذمّر..
(الراي)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012