أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025


عندما تخضع السياسة للتفسير والتأويل الديني

بقلم : طاهر العدوان
11-07-2013 01:05 AM
شهر رمضان يجمع العرب والمسلمين على موائد الإفطار وصلوات التراويح لكن السياسة والفتاوى تأبى إلا ان تفرقهم، والأجيال المعاصرة في العالم العربي لا تذكر ان مر عليها شهر الصيام والعبادة وهي بأحوال أسوأ مما هي عليه اليوم. واذا كان شهر رمضان لم يخلو خلال العقود الماضية من أحداث مأساوية وقعت في بلد عربي وآخر فان ما يحدث اليوم للأمة في هذا الرمضان لم يسبق لها ان عاشته وواجهته، أنها الفتنة التي تفوح روائحها المنتنة من بين صفوف الشعب الواحد، فتنة بعضها ظاهر على الملأ وبعضها يتغلغل في النفوس وخلف الصدور.
ويكاد المرء ان يفقد الأمل بالصلاح والإصلاح وهو يرى شهر رمضان يبدأ ( بحرب فتاوى ) بين الأزهر وبين هيئة علماء المسلمين التي يرأسها الشيخ يوسف القرضاوي، فتاوى ليست حول شأن ديني للعباد إنما في السياسة وحولها. وإذا كانت هذه الفتاوى قد نجحت في شئ فهو نجاحها بانقسام المصريين، الذين كانوا دائماً رقما صعباً على كل محاولة للقسمة. لقد وقف الأزهر الى جانب الجيش في عزل مرسي فسارع القرضاوي لإصدار فتوى بان هذا الإجراء باطل، وكأن من يحكم مصر ( دولة دينية ) لان الدولة الدينية وحدها من تدار بالفتاوى.
منذ معركة صفين بين الإمام علي وبين معاوية اختلف المسلمون على شرعية الحاكم وهو اختلاف سياسي استعان في السنوات والقرون التالية بالفتاوى المتضاربة والتفسير والتأويل والاستنباط لتوظيف الدين في خدمة السياسة وشرعية من بيده صولجان الحكم كما وظفت الأدوات ذاتها لخدمة المعارضة(من الشيعة الى الخوارج)، لم يختلف المسلمون يوما على القرآن وقواعد الإيمان انما اختلفوا عندما تناقضت التفسيرات للنص القراني وتعددت وتضاربت الفتاوى خدمة للصراع على السلطة.
كتب جمال البنا الذي عاش حتى شهد حكم الإخوان المسلمين لمصر ( توفي أوائل هذا العام ) وهو ليس إخوانياً مع انه شقيق لمؤسس الجماعة حسن البنا، كتب حول مسألة التفسير « القرآن هو كلام الله بين دفتي المصحف مبدؤاً بالفاتحة ومختوماً بالمعوذتين. وهو كتاب وسط فإذا قارناه بتفاسير القرآن من الطبري الى سيد قطب لتملكنا العجب لكثرة مجلداتها.! والرسول لم يفسر من القرآن الا ٣٠ آية ولم يطالب الصحابة بتفسير. والحال ان المفسرين أدخلوا فيه، ماادعوه تفسيراً كل ما كان شائعاً بين بني اسرائيل وكتبهم البائدة كما أباحوا الاستدلال بالشعر ركيكه ومنحوله. قال تعالى « ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر «.
الا تكفي وقائع الفتنة السوداء التي تملأ الأوطان بالأحقاد والكراهية والدماء وتنتشر بين صفوف الشعوب كالوباء لتحرق الأخضر واليابس الا تكفي هذه الوقائع لوقف عملية توظيف الدين في خدمة السياسات الرسمية او الشعارات
المعارضة، لقد أصيب الوعي العربي في هذه المرحلة بالانتكاسة جراء مفاهيم هي عكس ما أراده الربيع العربي الذي قام من اجل الحرية والكرامة والديموقراطية، شعارات لا تتحقق بالاقصاء وانما بسلطة الدستور والقانون بمقاييس الحضارة العالمية التي لا تقصي احزاباً عن المشاركة السياسية لان لها أيديولوجية دينية ولا لأنها يسارية بمفاهيم علمانية.(الراي)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
11-07-2013 11:18 AM

الدين مرحب به في عالم السياسة (العربي) طالما انه في خدمة الحاكم (الإله) و يضفي الشرعية على انظمة فاقدة لأدنى مقومات الشرعية، فنسمع هذا "حفيد الرسول" و ذاك "امير مؤمنين" و آخر "خادم حرمين". هذا كله، على كذبه و افترائه، مقبول و لا يسمى "خلط" دين بالسياسة..!!؟
اما عندما يصرخ الانسان المقهور المظلوم، الله اكبر فهنا الارهاب و هنا الدولة الدينية!!؟ لا حل الا بالتخلص من الانظمة الرجعية القائمة، حتى و لو جاء نظام دواب، فوالله الدواب عندها انسانية و حكمة اكثر من حكامنا!!

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012