أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025


فردية وعشوائية في صناعة القرار

بقلم : باتر محمد علي وردم
13-07-2013 03:27 AM
دونا عن بقية الدول العربية والكثير من العالم النامي يمتلك الأردن منظومة متفدمة وواسعة النطاق من المؤسسات والمنظمات المختصة في كافة القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. هذا يندرج على الجامعات والمؤسسات البحثية وعلى جمعيات ومؤسسات القطاع الخاص وعلى المجتمع المدني والهيئات الاستشارية وغيرها من المؤسسات الناجحة التي تمثل كنزا من المعرفة والخبرة التي يمكن أن تستفيد منها الحكومة في صناعة القرار وفي كافة القطاعات.

للأسف هذا لا يحدث، ويتم اتخاذ القرارات الرسمية بشكل منفرد وعشوائي ضمن دائرة ضيقة جدا من الوزراء والأمناء العامين وبعض الموظفين أصحاب المراكز العليا، وبدون بذل اي جهد في استشارة المؤسسات التي تمتلك قدرة على رؤية الصورة الكبيرة للقطاع. معظم القرارات يتم اتخاذها بهدفين أولهما درء المخاطر على الحكومة والثانية تعظيم المكاسب وخاصة المالية منها ولكن بدون الأخذ بعين الاعتبار التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية لهذه القرارات.

الحكومة جمدت منذ سنوات المجلس الاقتصادي الاستشاري ولا تهتم به إلا إذا طلبت غطاء منه لقراراتها المتخذة مسبقا، وهي لا تأخذ برأي جمعيات رجال الأعمال التي تهتم بمصالح المستثمرين، ولا تهتم بمنظمات المجتمع المدني التي تعكس رأي الشارع، وبالطبع لا مكان للجامعات ولا الأحزاب السياسية. المرحلة الثانية الوحيدة التي تمر فيها قرارات الحكومة هي مجلس النواب في حال كانت القرارات مرتبطة بتشريعات.

الرسالة التي بعثت بها جمعية شركات تقنيات المعلومات في الأردن إلى الحكومة تظهر تماما مدى غياب النظرة الشمولية عن قرار حجب المواقع الإلكترونية. الجمعية ليست معنية بالشأن السياسي ولكنها تعكس وجهة نظر مهمة حول جاذبية الاستثمار في قطاع اعتبره الأردن وبقيادة جلالة الملك من أكثر القطاعات الواعدة في التنمية وفي التوظيف وتحسين مصادر الدخل. الرسالة تشير إلى تأثيرات القرار التي جعلت الأردن بيئة طاردة للاستثمار في مجال تكنولوجيا المعلومات وذكرت فيها أن شركة كبرى مثل جوجل صرفت النظر عن الاستثمار في الأردن نتيجة هذا القرار وبالتالي ضاعت فرص توظيف ربما بالآلاف للشبان المختصين بهذا القطاع.

قرار رفع الضريبة على الأجهزة الخلوية وبطاقات الشحن جاء بغمضة عين وبدون اي دراسة أو تحليل للآثار الناتجة عنه وهذا ما سيؤدي الآن إلى إرباك شديد في الأسواق وسيدفع الثمن الإضافي في نهاية الأمر المستهلك خاصة أن قرار الرفع سوف يسري على كافة المنتجات الموجودة في السوق حاليا. قرارات الحكومة الخاصة بقطاع الطاقة سواء في اسعار المحروقات أو الكهرباء أو إدارة الطاقة لا تخضع لأي حوار مع القوى والمؤسسات والخبراء في هذا القطاع بل تحدث نتيجة حوار بسيط بين مجموعة من الوزراء وربما باستشارة الجهات الخارجية المؤثرة مثل صندوق النقد الدولي.

كم من القرارات الحكومية الضارة كانت ستتمتع بقدر أكبر من التوازن والرؤية الشمولية لو تم استشارة الجهات والمؤسسات المعنية بها لتوسيع نطاق التفكير؟ كل هذا هدر للجهود والوقت وتنفيذ لسياسات فردية وعشوائية يفكر بها عدد قليل من المسؤولين الذين في بعض الحالات يكونون اصلا غير مختصين وغير مدركين لعواقب قراراتهم. (الدستور)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012