أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025


معركة الحقيقة الضائعة

بقلم : د. رحيّل غرايبة
15-07-2013 01:15 AM
ليس خطيراً ولا خارجاً عن المألوف، أن ينتصر طرف سياسي وينهزم طرف سياسي اخر، ولا أن تربح فئة وتخسر فئة في معركة التنافس على ثقة الجماهير، فالحياة سجال، والأيام دول، ولا تنتهي الحياة ولا تتوقف بخسران جولة أو عدة جولات، إذا كان هدف المتنافسين خدمة الشعب وحماية الدولة والحفاظ على مكاسب الجماهير، ولكن الفجيعة تبرز في تزييف الحقائق والانقلاب على المفاهيم ،والاستناد الى ازدواجية المعايير، وسلوك مسار الفوضى الذي يؤدي الى ضياع المرجعية الواحدة، التي يتم التحاكم الجمعي اليها برضا وطواعية، ومحاولة حسم الأمور عن طريق الاستقواء بالحشد الجماهيري والاعلام والمال والدعم الخارجي.

ليس معقولاً أن يتم الاستناد الى مؤشرات الحشد الجماهيري من أجل استخدام الجيش والقوة لقيادة انقلاب عسكري، لأن الاحتكام الى هذا المعيار يتوجب الاذعان اليه مرة اخرى عندما تظهر مؤشرات الحشد على النقيض، حتى لا نقع تحت وطأة ازدواجية المعايير المستندة الى العاطفة والرغبة، وعوامل البغض والكره التي تعمي عن الحقيقة بكل تأكيد.
الحل يكمن في التحاكم الى معيار منضبط حاسم لا يستطيع طرف ما التشكيك في صحته، أو التملص من الاذعان له، تحت مبررات لفظية، وبلاغة كلامية، وألا يتم الفوز تحت عامل القدرة على اغتصاب الحقيقة ، والمهارة الفائقة في التشويه واغتيال السمعة، بطريقة تخلو تماماً من العلمية والموضوعية وانعدام القدرة على القياس، ولذلك في مثل هذه الحالة يجب اللجوء الى استفتاء شعبي واضح وحاسم من خلال حسم الخيارات الجماهيرية بطريقة واضحة منضبطة، بعيدة عن المزايدات والمبالغات والمماحكات الفارغة، التي تضيع معها الحكمة، وتطيش فيها العقول.
إن الهروب من استحقاقات المعيار المنضبط المتمثل بالاستفتاء الشعبي من أجل تحديد خيار الجماهير في هذه اللحظة المفصلية الحرجة، إلى أية صبغة هلامية أخرى مثل المظاهرات والاعتصامات والحشود الجماهيرية تمثل هروباً من الحقيقة، وتمرداً على قواعد المنطق والعقل البشري.
إن الذين يريدون أن يبتدعوا ديمقراطية جديدة لا تقوم على (الصناديق)، إنما هم يخوضون معركة جدل فارغ ، ومعركة طفولية ساذجة، وبائسة لا ترتقي إلى مستوى الحوار العقلاني بحده الأدنى، ويمثل لوناً من ألوان 'الديموغاغية' التي تبعث على الرثاء..
يجب وقف الهدر في الوقت، وتوفير الجهد الضائع في إلهاء الناس والشعوب في لعبة طحن الماء وعصر الهواء، وفرض معركة لا طائل فيها على الإعلام والنخب والكتاب، وأهل القانون وكل فئات الشعب، ويجب أن تتوقف الأطراف كلها عن عقلية التآمر والتخوين والاستعانة بالخارج، وأن تعود الأطراف داخل مصر إلى حل مقبول وعادل وغير منحاز، ولا يستند إلى القوة بطريقة غير مشروعة.

إن الذين يرفعون عقيرتهم برفض مبدأ استفراد طرف بالسلطة، ورفض منهج فرض أي طرف رؤيته على الشعب، يجب أن يقفوا ضد ما يحدث الآن تماماً الذي يتمثل بأن طرفاً محدداً يستخدم القوة والجيش والمال لفرض وجهة نظره على الشعب المصري، في حين أنه ليس منتخباً ولا مفوضاً بذلك، ولم يحصل على فرز الصناديق، وفي الوقت نفسه فإن الرئيس المعزول كان منتخباً ومفوضاً وفقاً لنتيجة فرز صندوقي لا يشكك بها أحد.
نحن أمام حالة من التناقض البشع، وحالة من الفوضى العارمة، وتصادم بكل وضوح كل المبادئ التي استند إليها المتمردون والمنقلبون في تمردهم وانقلابهم على الشرعية الشعبية والدستورية.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012