أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025


هل هو الانحسار؟

بقلم : د.محمد ابو رمان
19-07-2013 12:47 AM
في مقاله المميّز في مجلة 'السياسة الخارجية' (Foreign Policy)، يجادل فوّاز جرجس ضد الفرضيات التي قفزت إلى السطح سريعاً في تحليلات سياسية عربية وغربية -هي أقرب إلى الأمنيات والرغبات- وتقول بنهاية الإسلام السياسي، وبدء العد العكسي له!تتمركز رؤية جرجس على اعتبار أنّ ما حدث هو تقويض 'المسار الديمقراطي'، ما سيعيدنا إلى 'المربع الأول'؛ أي أن تتأسس عملية سياسية بدون إسلاميين. وهي طريق خطرة، لن تنجح في إيجاد حلٍّ للأزمات السياسية التي تعاني منها المجتمعات العربية، بخاصة أنّ التيار الإسلامي العريض يتمتع بشعبية سياسية كبيرة ونفوذ واسع في الشارع العربي.لن تكون ردّة الفعل عند الإسلاميين هي بالقيام بالمراجعة الذاتية-النقدية لأخطائهم الفادحة التي ارتكبوها خلال فترة حكم الرئيس محمد مرسي، وفقاً لجرجس؛ إذ يرى أنّهم مؤمنون بـ'حتمية النصر الإلهي'. وبالتالي، سيدفن الإسلاميون رأسهم في الرمال، ويحمّلون في خطابهم الجيش والعالم مسؤولية هذا الانقلاب العسكري الكبير، ويعودون إلى صفوف المعارضة واللعبة التي يتقنونها جيّداً.يخشى جرجس من انتقال عدوى ما حدث في مصر إلى الدول العربية الأخرى التي تتمتع بحضور إسلامي في الحكومات الجديدة، مثل تونس والمغرب، ويتم تقويض التجارب الجديدة على القاعدة نفسها.يعزّز هذا السيناريو ما يحدث من إقصاء واعتقالات بحق قيادات 'الإخوان'. فالإسلاميون يتقنون تماماً التعامل مع هذه الشروط والظروف؛ فهي ليست جديدة عليهم، لكنّها تسمح اليوم بعودة التيار المحافظ المتشدّد الذي يشكّك في الشراكة مع الأطراف الأخرى والقوى السياسية العلمانية، ويبرهن على رؤيته بالعداء التام مع الولايات المتحدة والغرب بما حدث من تواطئهم مع الانقلاب العسكري!يضيف إلى النتيجتين السابقتين القيادي الإسلامي د. نبيل الكوفحي، هاجسا ثالثا، يتمثّل في الخوف من أن يفتح ما يحدث في مصر الباب واسعاً أمام الخطاب الراديكالي الإسلامي المتطرف، ليتمكن من تجنيد أعداد جديدة من الشباب الإسلامي الغاضب، الذي يرى أنّ ما حدث يدفع إلى إعادة التفكير في الموقف من الديمقراطية وصناديق الاقتراع التي يتم وأد نتائجها إذا جاءت بإسلاميين.هذه الخلاصات المهمة يرسمها بوضوح وعمق الصديق الباحث د. خليل العناني، في مقاله في مجلة 'السياسة الخارجية' أيضاً. إذ يرى أنّ 'الإخوان' ما بعد الانقلاب 'أعادوا إحياء رواية المحنة'، وهو المناخ الذي تعرف 'الجماعة' تماماً كيف تتعامل معه!بيت القصيد هو أنّ الوقت ما يزال مبكّراً للذين يطلقون صيحات الانتصار على 'الإخوان' والظفر بالإسلاميين. بل ما تبع الانقلاب العسكري من إقصاء للجماعة، واعتقال لقياداتها، واستعداء للإسلاميين عموماً من قبل العسكر والتيارات الليبرالية واليسارية القريبة المؤيّدة، كل ذلك لن يعجّل في نهاية الإسلام السياسي، بل على العكس من ذلك، ربما يمنح الإسلاميين استراحة ومخرجاً من مأزق الحكم القاسي الذي وقعوا فيه، ولم يستطيعوا التعامل معه!الحل العسكري أو الأمني، أو فرملة المسار الديمقراطي الانتخابي، ليسا المسار الصحيح للمواجهة مع الإسلام السياسي والتقدّم خطوات إلى الأمام، وليسا الدرب الذي سارت عليه أوروبا حتى وصلت إلى القبول الحقيقي العميق بالديمقراطية، والتمييز بين حقلي الدين والسياسة.المعركة الحقيقية تأتي من داخل الديمقراطية نفسها، وعبر الانتخابات وصناديق الاقتراع، ومن خلال التنوير والأدب والثقافة. كل ذلك هو الذي سيؤدّي إلى تطوير حركات الإسلام السياسي نفسها، بل ويخلق إدراكا جديدا لدى المجتمعات بشأن العلاقة بين الدين والدولة والمجتمع.m.aburumman@alghad.jo
(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
20-07-2013 12:50 AM

تحليل الدكتور جرجس واقعي تماما , بالنسبه للتيارات الأسلاميه فما حدث يحاكي محنه المسلمين والصراع بين الخير والشر وظلم وتجًبر الطواغيت ,,, من استمع لدعاء الخطيب في صلاة التراويح في رابعه العدويه على من( ظلًمً المسلمين وتجَبًر بهم وأراق دمهم ) وشاهد الدموع تترقرق من مآقي مئات الآف الصائمين الذين لم تفت من ارادتهم لهيب حرارة الصيف وهم يقفون للمطالبه بعودة الشرعيه يعرف أن من يعتقد أن المشهد قد انتهى واهم تماما .
قد تثبت الأيام أن ما حدث كان أكبر دعايه مجانيه للأخوان المسلمين , فالحمله اللاأخلاقيه على الرئيس مرسي والجهود الكبيرة لأفشاله (بل لقد أستمر سبعه وزراء من حكومته منهم وزراء الدفاع والداخليه في الحكومه الجديدة )وهو ما يدل على حجم التواطؤ ضد مرسي حتى من وزراءة . وهذا ما يجعل افئدة الملايين تتعاطف مع الرئيس مرسي ولا تجد سببا اخلاقيا لأحتجازة من الضباط .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012