أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025


مجتمع مشاعره مختلطة

بقلم : جمانة غنيمات
20-07-2013 02:17 AM
ثمة مفارقة تستحق التوقف عندها. فالمزاج العام سيئ ومتشائم، في وقت تحقق بعض المؤشرات الاقتصادية تحسنا ولو طفيفا؛ منها ارتفاع حوالات العاملين في الخارج، والدخل السياحي، وتدفق الاستثمار، خلال الربع الأول من العام الحالي.والخطط الحكومية، رغم نمط الإنفاق 'السلحفائي'، تتحدث عن توفر مليارات الدنانير التي يُفترض إنفاقها خلال السنوات القليلة المقبلة لتمويل 115 مشروعاً في قطاعات الطاقة المتجددة، والمياه، والتنمية عموماً، بموجب المنحة الخليجية. رغم ذلك، يشيع جو يفتقد التفاؤل بالمستقبل، بين العامة والنخب على حد سواء.الأرقام السابقة قد لا تعني شيئا، لكنها تعطي بصيص أمل بإمكانية انحسار الأزمة المالية التي تعمّقت منذ انقطاع الغاز المصري. ويتضاعف الأمل مع توقع الانتهاء من ميناء النفط في العام 2014، وترجيح إنتاج النفط من الصخر الزيتي بحلول العام 2016.رغم كل ما سبق، ما يزال الشعور بالإحباط وفقدان الأمل مسيطرا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الحال في الأردن لا تقارن بدول أخرى.الأردنيون على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والمالية، يلفهم هذا الشعور، فتسمع منهم كثيرا دعاء 'الله يستر'؛ من ماذا؟ لا أحد يعلم!الإحساس المسيطر يرتبط بشكل وثيق بغياب الأفق من وجهة نظر الناس، ربما لأن البلد مر بسنوات هي الأقسى سياسيا واقتصاديا، ولم يلمسوا إلى الآن نتائج سنوات من الإصلاح تؤثّر مباشرة في حياتهم، خصوصا على صعيد تحسن مستوياتهم الاقتصادية والمعيشية.استطلاعات الرأي تشي بتنامي هذا الشعور، إذ تؤكد نتائجها أن الأردنيين غير متفائلين بالمستقبل، رغم شعور الاطمئنان السائد نتيجة استقرار الوضع السياسي والأمني مقارنة بدول المنطقة.هذا التناقض بحاجة إلى دراسة وتحليل، لمعرفة الأسباب التي تخلق مثل هذه الأجواء، أو تعجز عن تغييرها بالحد الأدنى.بالتفصيل، يلمس الناس تراجعا كبيرا في مستواهم المعيشي على المستوى الجزئي، وتراهم يتعايشون بشكل مستمر مع أعباء تتزايد نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي، واستنزاف مداخيلهم بسبب نسب التضخم التي بلغت 6.5 %، في ظل أرقام تؤكد أن مداخيل 80 % من الأسر الأردنية تقل عن 400 دينار شهريا.يسهم في خلق المزاج الشعبي المتردي حالة التشاؤم التي تلف تصريحات المسؤولين حول سوء أوضاع الموازنة العامة، من عجز ودين، ما يضعف الإيمان بمدى قدرة الفريق الاقتصادي على عبور المرحلة بسلام.ثمة شيء ينتظره المجتمع أكبر من كل الوعود التي تقدمها الحكومات، ويتجاوز أيضا تصريحات رئيس الحكومة بوضع قانونين للانتخاب والضريبة. فكل ما تقوله الحكومة وتفعله غير كاف لتبديد الشعور السلبي وإشاعة التفاؤل بدرجة تمكّن من طي صفحة الماضي ومخاوفه.نَقلُ المجتمع إلى مزاج مختلف، يتطلب مبادرة ضخمة؛ تتعلق بكل مؤسسات الدولة، وتؤسس لمرحلة جديدة في البلد تكون قادرة على بناء جسور جديدة للثقة تمتد نحو المستقبل.السنوات الماضية كانت قاسية على الجميع. والكل بدون استثناء، تَعايشَ خلال العامين الماضيين مع كثير من الهواجس والمخاوف المصيرية، السياسية والاقتصادية. وهذا العبور الذي انتهى بسلامة، ترك أثره في نفوس المجتمع الذي تختلط لديه المشاعر تجاه ما تمّ وما سيأتي.المجتمع مشاعره مختلطة؛ فمن ناحية تراه مطمئنا إلى أن الأردن ممسك على ميزة الأمان والأمن، لكن على الضفة الأخرى تسيطر على هذا المجتمع حالة من عدم اليقين والخوف على مستقبل لا يعلم ماذا يخبئ له.
(الغد)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012