أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025


إجهاض الثورات لإعادة الشعوب إلى بيت الطاعة

بقلم : حسين الرواشدة
24-07-2013 01:12 AM
اذا كان الغرب قد تفاجأ “بالثورات” العربية التي استبقت المواعيد التي كان يتوقعها، وخرجت نتائجها عن الحسابات التي تصورها، فانه – بالتأكيد- لم يستسلم لما حدث، صحيح انه تعامل مع الواقع الجديد وفق مصالحه، وحاول ان يتكيف مع التحولات السياسية تبعا لمنطق “الاستيعاب” احيانا ومنطق “الانتظار” احيانا اخرى، لكن لا شك بانه عمل منذ اليوم الاول على اعداد “خططه” لاجهاض هذه الثورات واعادتها الى “دائرته” الاستراتيجية واخضاعها للمقاسات التي وضعها لابقاء هذه المنطقة تحت “قبضته” ومنع شعوبها من التقدم والاعتماد على انفسهم وضمان ولادة انظمة تحافظ على امن الكيان الصهيوني المغتصِب.
قبل ان يتهمني القارىء العزيز بتعليق “اخطائنا” على مشاجب الغرب، او تحميله مسؤولية “ما فعلناه بأنفسنا” استأذن بالاستدراك انه لا مجال للشك في احتمالات التدخل الاجنبي، لان هذا الاجنبي له مصالحه وحساباته ومن حقه ان يدافع عنها كما ان من حقنا ان نرفضها ونواجهها.. لكن لا شك بان مسألة “اجهاض الثورات” كانت في صميم اولوياته وقد انتظر عامين ونصف تقريبا حتى تكتمل لديه الصورة، وأقصد هنا صورة “الداخل” بما يملكه من قابلية واستعداد لتقويض الثورات بنفسه، وبما يتوافر من عوامل لتحقيق ذلك.
وقد سبق وقرأنا ما ذكره منظرو الثورات الذين درسوا “حالة الثورات” ووجدوا ان عوامل اجهاضها تحقق من خلال تدهور الوضع الاقتصادي وشل حركة الانتاج واغلاق الطرق ثم ضرب السياحة واشاعة عدم الاستقرار من خلال نشر الفوضى وتشجيع الاضطرابات والاعتصامات واقناع اغلبية الناس بان الامن مفقود، ونشر “البلطجية” لتخويف الناس، واستثمار المنابر الاعلامية لتشويه الوضع العام وادانة النظام الحاكم وتشجيع العصيان المدني واثارة النعرات الطائفية وتوفير الغطاء السياسي للعنف وتعميق الاستقطاب السياسي ومنع الوصول الى اية توافقات وكسر هيبة السلطة ورفع منسوب الاجتراء عليها، والوقيعة بين مؤسسات الدولة وتحسين صورة النظام السابق لاذكاء مشاعر الحنين اليه “راجع مقالة فهمي هويدي 30/4/2013”.
هذا –بالطبع- ما حدث في مصر على مدى عامين، ولم يكن بوسع النظام ان يواجهه لانه لم يكن يمارس الحكم اصلا لكن لا بد وان نعترف بان “المايسترو” الذي كان وراء هذا الايقاع هو “الاجنبي” بالتحالف مع ادواته سواء المحلية او الاقليمية، وربما انكشفت مؤخرا بعض الخيوط التي تؤكد طبيعة العلاقة التي ربطت بين “مهندسي” الانقلاب وبين الخارج، وبينهما وبين الحلفاء في الاقليم.
في ضوء ذلك يمكن ان نفهم ما جرى في مصر من اكثر من زاوية، فهو اولا ليس انقلابا ضد “الاسلاميين” فقط وانما انقلاب ضد الثورة لاجهاضها وانقلاب ضد الديمقراطية التي بدأت تطل من الصناديق التي انحاز اليها اغلبية المصريين وهو ثانيا ليس صناعة “العسكر” فقط وانما ثمة عوامل كثيرة تضافرت لانتاجه لكنه كان مصمما للعودة الى الماضي واحلال النظام السابق محل النظام الذي ولدته الصورة، وهو ثالثا لا يقتصر على “الثورة” المصرية وانما يشكل “بروفة” ستتكرر بصورة او باخرى في البلدان الاخرى سواء التي حدثت فيها ثورات او الاخرى التي اختارت الاصلاح المتدرج وربما يؤكد امتداد “حركة تمرد” من مصر الى تونس هذه الفرضية.
باختصار ثمة محور موجود دائما لاجهاض الثورات لانه يتضرر من وجودها ومن نتائجها وثمة “عوامل” داخلية تسهّل هذه المهمة وتستعجلها احيانا، لكن السؤال: هل تنجح دائما مثل هذه المحاولات؟ وهل يمكن للشعوب التي استعادت وعيها وفتحت عيونها على الحرية والكرامة ان تقع في “الفخّ” مرة اخرى؟ ام انها قد تسقط في جولة ثم تنهض لجولة اخرى تنتصر فيها لثورتها من جديد؟ لانها لا يمكن ان تقبل بالعودة الى بيت الطاعة مهما كان الثمن.
حين تدقق في عوامل اجهاض الثورات التي ذكرتها سلفا ستكتشف بانها كانت موجودة ومتطابقة -وان اختلفت في بعض التفاصيل- في كل الدول التي انجزت الفصل الاول من ثوراتها، في الدول الاخرى التي تبحث عن “طريق ثالث” للاصلاح والانتقال الى الديمقراطية، وستكتشف ايضا بان “الخطة” التي وضعت لتحقيق ذلك “عابرة” للحدود ومن صناعة طرف درس تماما “الشخصية” العربية وفهم سياقاتها وتقلباتها وستكتشف ثالثا بان الهدف منها لا يتعلق بازاحة فصيل سياسي –حتى وان كان اسلاميا- وانما ازاحة “النموذج” الديمقراطي الذي اصبح ممنوعا تماما عن الشعوب العربية، فكيف اذا كان هذا النموذج يملك “المرجعية” الاسلامية التي تشكل “فوبيا” للغرب وللمرتبطين بمصالحه ايضا.
لا افهم –بالطبع- كيف يغيب عن “النخب” التي ادعت بأنها تناضل من اجل الحرية والديمقراطية وركبت “موجة” الثورات مثل هذه الحقائق ولا اجد اي تفسير لهذا “التصفيق” الذي نسمعه “للانقلاب” ولحركات التمرد للملايين التي تقوم باداء الدور المرسوم لها، كل ما اعرفه ان هؤلاء لم ينتبهوا –وسط هذا الجنون والحماس- الى ان “الانقلاب” الذي حدث لاجهاض الثورة لم يكن وليد الصدفة ولم يكن ضد الاخوان فقط، وانما هو كما ذكر الفقيه الدستوري المصري طارق البشري ضد النظام الديمقراطي والدستور وبالتالي فهو “نموذج” قابل للتطبيق في اي بلد بصورة او بأخرى ويفترض ان يكون مرفوضا من الجميع لانه يسجل “سابقة” خطيرة جدا.(الدستور)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
24-07-2013 02:09 AM

تحليل نوايا العدو ليس ذكاءا .. بقدر ماهي ثرثره ليس لها قيمه من ذليل مهزوم يشرح لنا خطط العدو وكانه قادم من استراليا ..!!

2) تعليق بواسطة :
24-07-2013 10:00 AM

اسمع يا دبوس زين: انت أصبحت مكشوف وحتى حينما تتخفى بأسماء مستعارة مثل شخصيتك ألتي لا تجيد شيء غير الإساءة للناس .
كنا نضنك إسلاميا فوجدناك تسيء حتى للإسلاميين بتوعك فلم يعد لنا مجال إلا الشك بإرتباطات مشبوهة ونحن نعرف أنك تعلق من مكتب متخصص بالتعليقات لكبح كل المعارضين بإسم دبوس وحينما تنزنق تعلق متخفيا بأسماء أخرى.
لقد عرفناك وإن لم تنتهي سنقول فلان بن فلان وحتى تاريخ ميلادك ورقمك الوطني اصبح موجود ==تحياتي حجي--حجي.

3) تعليق بواسطة :
24-07-2013 11:28 AM

من افضل ما كتب عن ما حصل في مصر. طبعا لا يمكن فقط لوم الغرب على ما حصل في مصر. لا ننسى ان جماعة مبارك والذين قدر البنك الدولي انهم سرقوا من مصر فوق 70 مليار دولار لا يرضيهم الديموقراطية واعادة هذه الاموال للشعب. يا اخوان مليار واحد يمكن ان يصنع اكبر مظاهرة واكبر ثورة في بلد جائع مسكين. لا ننسى ايضا ان كل مخابرات الانظمة الاستبداديةالعربية كلها عملت في مصر قبل الثورة في محاولة لأخمادها وبعدها لقتلها. نجاح ثورة مصر (مهما كان الفائز في الانتخابات) كانت ستكون الضربة القاضية لكل الانظمة الاستبدادية العربية. بالتالي ليس فقط الغرب وانما الفلول والعرب المستبدين.

4) تعليق بواسطة :
24-07-2013 03:49 PM

كل ثورة أو اسم ثوررة تصل للسلطة بتنسيق مع الأجنبي (أمريكا) وبتعاون أمني مع العسكر ليس اسمها ثورة ولا حتى تصحيح ثورة.

هذه ليست ثورة ولا يمكن أن يكون العسكر أصحاب ثورة، ولا يمكن أن يكون أي شخص ثوري طالما هو متحصن بالعسكر، ولا يمكن أن يكون مخلصا لبلده ودينه طالما بقي على اتصال بالأجنبي وأصر على مواصلة السماح للسفارة الاسرائيلية بالوجود في القاهرة.

أخطاء الإخوان في مصر متعلقة بالمصداقية الفكرية، إذ ظهر للناس أنهم تخلوا عن كل أدبياتهم بتحكيم الشريعة بمجرد وصولهم للسلطة، وكذلك شعور الناس أن غاية الوصول للسلطة لم تمنعهم من اللجوء لوسائل وأساليب التورية والسكوت عن مبادئ طالما تمنى الناس تنفيذها منذ أول يوم بوصولهم للسلطة.

لكن غلبت عليهم الأفكار التكتيكية على حساب الاستراتيجية، ووصلوا للسلطة ليس بلباس الثورة وانما بركوب موج الثورة، وليس بلباس الدين وانما بلباس الديموقراطية.

أتصور أن الناس غيرت تصوراتها عنهم كأشخاص، ولم تغيرها عن الدين، الناس تريد الاسلام وتنتظر من يحكمها بالأسلام، ولكن بدون عسكر ولا إخوان. وهذا يحتاج من الوقت أطنان.

5) تعليق بواسطة :
25-07-2013 01:21 AM

بدك مليون سنه حتى تفهم ماذا اهدف من تعليقاتي .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012