أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025


تحرير الصراع من الدين وتحرير الدين من الصراع!

بقلم : إبراهيم غرايبة
26-07-2013 01:08 AM
الاستناد إلى حديث قد لا يكون صحيحا في تشكيل فهم وأحكام على الناس، بأنهم في أحد فسطاطين؛ إيمان لا نفاق فيه، أو نفاق لا إيمان فيه، إنما ينطوي على تضليل أو وهم كبير. ثم تتوالى سلسلة التضليل والوهم؛ فالناس إما مؤمن أو كافر، منحاز إلى المؤمنين أو منحاز إلى الكافرين. ثم يمتد التقييم والتقسيم إلى الصراع السياسي والاجتماعي، وربما يمكن استخدامه عند الحاجة في كل اختلاف أو موقف؛ فتكون في كل شأن إما مع المؤمنين وإما مع الكفار! التوظيف على هذا النحو فيه قدر كبير من سوء النية، أو جهل أسوأ من سوء النية!فالإيمان والكفر لا يتحددان بموقف أو سلوك سياسي، والمؤمنون يجتهدون في مواقفهم واختلافاتهم، وقد يصل الخلاف بينهم إلى القتال، فما معنى قوله تعالى: 'وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما'؟ والتاريخ الإسلامي مليء بنماذج الصراع العنيف الدامي بين المسلمين بعضهم بعضا؛ منذ عثمان بن عفان حتى اليوم. من كان يقاتل من في معركة الجمل على سبيل المثال؟ هل كان طلحة والزبير أو علي في فسطاط النفاق الذي لا إيمان فيه؟ ثم في قتال علي وأنصاره، وأغلبهم من أهل العراق، مع معاوية وأنصاره وأغلبهم من أهل الشام، ثم قتال الأمويين والعباسيين، والعثمانيين والمماليك، والعثمانيين مع تيمورلنك الذي هو مسلم يحظى بقداسة حتى اليوم في قومه المسلمين الأزبك! وقتال السلاجقة مع البويهيين، وقتال الفاطميين مع الإخشيديين، ثم الأتابكة الزنكيين ثم قائدهم ووريثهم صلاح الدين! وهكذا، فلا يمكن إحصاء القتال الإسلامي-الإسلامي في التاريخ. إنه صراع بشري مثل الصراع المسيحي-المسيحي في أوروبا على مدى قرون طويلة؛ لا يصنف في خانة الإيمان أو الكفر.هناك مخطئ ومصيب. ويختلط الخطأ بالصواب حتى يكاد يلتبس الحكم في المسألة. وينقسم الناس في التأييد والمعارضة، لكن لا التأييد ولا المعارضة يمنحان أو ينزعان صفة الإسلام، فلا يجوز نزع صفة الإسلام عن أحد بسبب خطئه السياسي إن كان مخطئا. ثم، من يحدد المخطئ مِن المصيب؟ إنها قضية ملتبسة، وبخاصة في التراث والفقه (الإسلامي)؛ ما معنى الغلبة التي حظيت بالقبول التاريخي المتواصل، ومعظم الدول الإسلامية قامت بالغلبة؛ غلبة مسلمين على مسلمين آخرين بالقهر والقتل!ليس هذا المقال تأييدا لاستيلاء الجيش على السلطة والسياسة في مصر، أو في جميع دول العالم. ولكن الفكرة الأساسية أن الصواب والخطأ في الصراعات السياسية لا يصنفان وفق قواعد الإيمان والنفاق/ الكفر. والانحياز إلى الديمقراطية والانتخاب اتجاه سليم، ارتقت به الحضارة الإنسانية لتنظيم تداول السلطة. ولكن هذا الانحياز ليس إيمانا أو كفرا. والديمقراطية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع هما منتج حديث، علّمنا إياه غير المسلمين. وهو أمر جميل بالطبع، ورفضه يجب أن يكون مرفوضا، ولكن هذا التأييد والرفض ليسا مستمدين من الحديث عن الفتن، حتى يصير الناس إلى فسطاطين.وبالطبع، فإن المؤمن يتحرى الإيمان دائما ويتجنب النفاق، ولكنه لا يبحث عن إيمانه في المواقف والاجتهادات السياسية. وحتى الجريمة السياسية ليست ضد الإيمان! وهذه الاختلافات التي يحب البعض تحويلها إلى صراعات دينية، لا تخدم الدين في شيء! العكس تماما؛ هي ليست سوى صب للزيت على النار! ولا تفيد إلا في تكريس الاستبداد والفساد.وبالطبع، فإن أطراف الصراع تحشد الدين في معركتها ضد الآخر، وتجد فيه موردا لحشد الأتباع والمؤيدين، وإنشاء دوافع وحوافز قوية للتأييد أو المعارضة. ولا بأس في ذلك على أي حال، برغم ما فيه من محاذير ومنزلقات، ولكن ذلك لا يحوّل الصراع إلى حرب دينية، ولا معركة إيمان وكفر. وحتى إن كانت معركة إيمان وكفر، فمن يحدد المؤمن والكافر في صراع مثل الذي يجري في مصر على سبيل المثال؟ من يملك أن يقول لأحد من المعسكرين إن كان يعتبر نفسه مؤمنا إنك لست كذلك؟في جميع الأحوال، أن يعتبر أحد نفسه مؤمنا لا يعني أنه على حق وصواب! الإسلام لا يضيف صوابا أو حقا لأحد طرفي الصراع فيما يجري في مصر وفي جميع الدول والمجتمعات العربية والإسلامية!ibrahim.gharaibeh@alghad.jo
(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
26-07-2013 06:01 AM

كلام موزون واتفق مع الكاتب بالحرف والكلمة والجملة والفاصلة والنقطة..الخلاف سياسي لا علاقة للدين فيه

2) تعليق بواسطة :
26-07-2013 09:53 PM

لاننا في البدايات تلبس عليك الامر . هذا الصراع مازال في بداياته وسيطول ويمتد ويشتد وستكون فتن كقطع الليل المظلم الحليم فيها حيران .. ولن ينجوا الا كل صاحب ايمان راسخ قوي . في كتاب الله ايات كثير عن المنافقين واوصافهم وافعالهم وهي تتلى الى يوم القيامه . هل ساْلت نفسك لما انزل الله هذه الايات في المنافقين وماهي الحكمه ؟؟ لان المنافقين باقين الى اخر الزمان . والمنافق هو من يظهر الايمان ويبطن الكفر والارتياب . وفي هذا الزمان المنافقين موجودين واقوياء ايضا ويتخفون تحت مسميات كثيره منها القوميه والوطنيه والديمقراطيه والانسانيه ... الخ هذا بالاضافه الى لمضللين . وللمنافقين ارتباطات اجنبيه من نصارى ويهود يستقوون بهم كما كان يفعل اجدادهم . هؤلاء القوم يشكلون فسطاط . وفي الجهة المقابله فان المسلمين مقسمين يفتقرون الى القياده الموحده او المرجعيه الواحده لذلك ترى الصوره امامك متداخله متشابكه صعب عليك الحكم . وقد سئل امير المؤمنين علي كرم الله وجهه عن اهل الحق فاجاب اعرف الحق في نفسك تعرف اهله . الذي اود قوله ان استمرار الصراع وامتداده وقسوته ودمويته سيتمخض في النهاية عن فسطاطين واضحين وضوح الشمس وضحايا الصراع يبعثوا على نياتهم يوم القيامه . افكارك الوارده في المقال متلطخه بالافكار العلمانيه ومتاْثره بها . في كتب السيره ورد ان رجلا دخل النار بسبب سرقته (شمله ) من الغنائم . فما بالك بالذي يحارب الاسلام فكرا ونهجا ويشيع الفاحشه في المجتمعات الاسلاميه من خلال افكاره التي يسميها (متحرره ) ويهلك الحرث والنسل ثم مع ذلك يقول عن نفسه انه مسلم !!! انت لاتضع يدك على الجرح انما تريد ان تضمد الجرح على وسخه وعفنه . باسم الدين والحرص على الامه ومستقبلها وخوفا من سفك الدماء . الم تقراْ قول الله تعالى ( الفتنه اشد من القتل ) ؟ المقصود بالفتنه هنا بعد الناس عن دين الله من خلال الافكار اللادينيه المسماة انسانيه المستورده .. فاذا خاف المسلمين من الدم فان الله يخبرهم ان الفتنه اشد ضررا ودمارا من سفك الدم . لقد خلق الله سبحانه وتعالى الارض والخلق ليعبدوه واي مبداْ يتعارض مع هذه الحكمه البالغه فهو باطل مهما تسمى باسماء براقه . اذا اردنا ان نتجنب الدماء بيننا , فعلينا ان نجتمع على صعيد واحد ونجاْر الى الله ونتوب اليه وندعوه ان يصلح حالنا ويلطف بنا ويرحمنا فهو عز وجل مولانا ونحن عبيده شئنا ام ابينا . ولتعلم منذ ان خلق الله هذه الارض والخلق ينقسمون الى قسمين فسطاط ايمان وقسطاط كفر . وانسانيتك هذه ولطفك الوارده في المقال لن تغير من سنن الله في ارضه مهما سميتها . وقد قال الله عز وجل ( ثلة من الاولين وقليل من الاخرين ) لذا احرص ان تكون من هذا القليل المؤمن في اخر الزمان هذا .

3) تعليق بواسطة :
27-07-2013 09:45 AM

لم اقراء المقال ولكن قرئت تعليق الاخ دبوس يا ريت هذه تكون افكار كول اسلفيه فكلامك مقنع المشكله اصبحنا نشك بكول شيء حولنا الا الكتاب المقدس صرنا نشك بلاسلامي وسلفي ولعلماني ليس لنا ملجئ الا الله سبحانه وتعاله ان ينجي امة سيدنا محمد ولاردن قبل الدخول في نفق مظلم وعياذ بلله

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012