أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025


المشوار طويل!

بقلم : جمانة غنيمات
30-07-2013 02:07 AM
قبل 30 يونيو، كان كل النقد يوجه للرئيس المعزول محمد مرسي، وللإخوان المسلمين باعتباره أحد أعضاء 'الجماعة'، على أخطاء لا تتوقف، ومحاولات احتكار السلطة، ووأد الديمقراطية التي لم يمسك 'الإخوان' منها سوى بصندوق الاقتراع الذي أوصلهم للحكم.ومما قيل إن 'الإخوان' أسقطوا من حسابهم جميع الشروط الموضوعية للتأسيس لمرحلة ديمقراطية حقيقية في مصر، تقدم أنموذجا يحتذى، وعلى رأسها صون الحريات العامة، وإشراك الجميع في اتخاذ القرار وعدم احتكار السلطة؛ فكان منهج الإقصاء والمغالبة عنوانهم الرئيس.بعد 30 يونيو أمسى المتهم ضحية، تحديدا عقب أخطاء العسكر المتكررة، والفجة أحيانا والمرفوضة أحيانا أخرى، بدءاً من الاستمرار في اعتقال رموز 'الإخوان' في مصر، مروراً بالتجييش الإعلامي الذي افتقد كل معايير المهنية والموضوعية، وليس انتهاء بالمجزرة التي ارتكبت بحق أنصار مرسي والتهم الساذجة التي وُجهت له.من دفع الثمن غالياً هي البلاد والعباد، ولاسيما الضحايا الذين سقطوا؛ إذ لا شيء يبرر قتلهم، ومن يدافع عن القتل هو شخص أسقط من حساباته السياسية كل القيم الأخلاقية والإنسانية.الغريب أن مشهد الدم والقتل (هذا) لم يؤثر في كثيرين ولم يحركهم؛ فظل التحشيد والاستقطاب سيديّ الموقف، ولم تقم القوى السياسية المؤمنة بالديمقراطية بإدانة الحدث، باستثناء قلة عبّرت عن ذلك باستحياء.القلق يتزايد على مصر من أن تنزلق أكثر نحو بحر دم يغذيه اقتتال أهلي لن يتوقف. وأبطال المعركة معروفون تاريخيا، بعد أن عاد المشهد المصري ليكرّس ذات المعركة بين طرفي ذات الثنائية، فثبت بالتجربة أن فكرة التيار الثالث لم تنضج بعد، وأن القوى السياسية التي آمنت بها ما تزال هشة، في مواجهة الانتشار الواسع للإخوان والتنظيم الدقيق والعميق للعسكر.المسلّم به هو أن المصريين لم يثوروا على نظام حسني مبارك حتى يدخلوا تحت حكم عسكري أو حتى ديني؛ لم يكن ذلك على أجندة الثوّار البتة. بل كان الهدف حكما ديمقراطيا حقيقيا، يكون مظلة للجميع بدون إقصاء، وعدالة اجتماعية وكرامة وطنية، وهي الشعارات التي تمثّل المطالب الجوهرية الحقيقية للشعوب والمجتمعات العربية كافة، وليس في مصر فقط.أما الصراع الحالي، فهو بين عسكر ومؤيديهم يحاولون إقصاء 'الإخوان'، في مواجهة 'الإخوان' الذين يسعون بدورهم إلى شيطنة العسكر والعودة إلى السلطة، فيما القوى الأخرى على الهامش، والجميع ينجرّ إلى معركة بين طرفين ليس ضمن أولويات أجندة كل منهما إقامة ديمقراطية مدنية تعددية مستقرة! أما ثورات الربيع العربي التي سعت إلى الديمقراطية باعتبارها خيار الشعوب، فلم يتحقق منها شيء، ولن يتسنى ذلك في ظل استمرار سيطرة القطبين على المشهد السياسي، بغض النظر عن البلد.الصراع اليوم يحبط الآمال ويقتل التفاؤل بالربيع العربي، ما يجعل البعض يتمنى حتى عودة الأنظمة السابقة للخلاص من الدم والقتل، وسورية ومصر شاهدتان على ذلك. وهذا مما يزيد القلق على مستقبل المجتمعات والشعوب العربية؛ من أن تقع في مهب الإحباط وفقدان الأمل.التغيير ليس هيّنا، ومن ظنّ غير ذلك، لم يقرأ التاريخ ليعرف كم دفعت الشعوب ثمنا للديمقراطية والحرية والدولة المدنية!التحدّي المُلحّ الآن لإنقاذ التضحيات الشعبية وحماية أحلام المجتمعات العربية، يتمثل في استنهاض والتقاء القوى الشبابية والمجتمعية المؤمنة بالطريق الثالث. وهي القوى التي ذبل حضورها، وأصابها العطب مبكرا، أم أنها استسلمت، ووجدت أنها أضعف من الدخول في اللعبة دفاعا عن أفكارها؟! المطلوب من هذه القوى اليوم أن تخرج من حالة الاستقطاب الثنائية الحالية، وألا تقع في فخ الانحياز لأحد قطبي الصراع، لتعلن بوضوح برنامجها المختلف المتمايز عن ذلك، وأنه 'لا العسكر ولا الإخوان يمثلوننا'.jumana.ghunaimat@alghad.jo
(الغد)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012