أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025


شاعر الفصول..

بقلم : احمد حسن الزعبي
13-08-2013 12:13 AM
كان اسمه جزءاً من النشيد..في الصفوف الضيقة المعتمة ، في حقائب القماش المبللة بمطر تشرين التي تجلس قربنا مثل كائنات أليفة، مع كسر الطباشير الممددة على سكة «اللوح»..مع الريح التي تمر مجروحة من زجاج الشبابيك المكسورة..كان المعلّم يلحّن أناشيده بالفطرة فنغنيها بالفطرة أيضاَ..ثم نختمها بـ»سليمان العيسى»..
أصواتنا الحادة المرتجفة تشغل طقس الصف..(ماما ماما..يا انغاما ..تملأ قلبي..بندى الحب..انت نشيدي عيدك عيدي..بسمة أمي سر وجودي) ..سليمان العيسى ..
سليمان العيسى..خازن الذكريات.. ووكيل الطفولة الحصري..و»شاعر الأبجدية الأولى»..أنفاسه كانت مخبأة بين طيات الورق البكر، وصفحات الكتب المزركشة بأغصان الربيع وأجنحة الفراشات ، عطر كلماته ممزوج برائحة المطابع و»خشب» أقلام الرصاص المبرية على عجل..رحل ثاني أيام العيد عن الدنيا بهدوء بعيداً عن الضجيج..تاركاً خلفه ملايين الحناجر التي هتفت على مدار عشرات السنين «بفلسطين داري»..» ويا الهي يا الهي..يا مجيب الدعوات»..و»عمي منصور النجار»..
سليمان العيسى الذي علّمنا..ان فلسطين درب الانتصار..في حين كانت كل الأنظمة العربية ترمي الهزيمة على بعضها بعضاً مثل كرة النار او كرة العار..سليمان العيسى علمنا ان «فلسطين هي الدار «..في وقت كان يُمدّ شرشف التفاوض على طاولة الانكسار...سليمان العيسى هو الذي علمنا ان ثمة «وجوه غريبة بأرضي السليبة»..غير آبه بكل أغصان الزيتون المزيفة التي تلقى على نعوش الشبيبة...
**
في ذلك الزمن الجميل..كانت الكتب روزنامات الفصول و للدروس مواقيت شهية..فمثلاً عند حلول الخريف وفي الصفحات الأولى من كتاب الصف الأول الابتدائي : كنّا ننشد للراحل سليمان العيسى.. (ورقات تطفر في الدرب...والغيمة شقراء الهدبِ..والريح أناشيد..والنهر تجاعيد.. الفصل خريف..سليمان العيسى) يا الله كم كانت تأسرني هذه النشيدة وأنا أرى أوراق العنب الصفراء المتساقطة على الأرض وعلى كتابي...حيث كانت تسري قشعريرة الغروب على ذراعي كلما رددتها وقت الغروب قرب أمي وهي تنقل حطب الطابون الى داخله...أما في تشرين..فكنا ننشد (مطر مطر ..بالنعمة انهمر..) وفي كانون نحفظها عن ظهر قلب ( يا ذرات الثلج انهمري ..غطي وجه الدرب..الآن ساكتب تمريني.. وأخرج للّعب)..وغيرها الكثير الكثير..
في ذلك الزمان كان الوطن طفلاً مثلنا ينشد معنا ويشتاقنا...وينام في دفاتر تحضير المعلّمين وفي قبّعة سليمان العيسى... شاعرنا الطيب يا من صنعت لنا الفصول كلمات... لم نكن نعرف أن أعمارنا أيضا ورقات تطفر في الدرب..شاعرنا الطيب العظيم..نم في سكينة وسلام.. فذكراك «ظفرت» بالدربِ كل الدرب.. (الراي)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
13-08-2013 01:17 AM

رحمة الله على الشاعر سليمان العيسى!!!

يا زعبي ليش ما تطلب من ورثتة او من ورثت المرحوم سليمان عويس ان يكتبوا لنا نشيد وطنيا لاننا البلد العربي الوحيد الي لا يعزى اليه نشيد وطني!

الا يوجد شعراء ولا نريد شعار ان يكتبوا لنا نشيد يحفضوه ابناءنا!

2) تعليق بواسطة :
13-08-2013 01:19 AM

وبقيتُ شُباكآ على الماضي يئنُّ
وقصيدةٌ هي كلُ ما ترك الزمانُ
كلُ .....
من احدى قصائده رحمه الله.
ألف بن نوون

3) تعليق بواسطة :
13-08-2013 03:31 AM

وكذلك كتب

شمس العروبة ان تطيق الذل غيبي

سنصنع للدنا شمسا تضيئ بلا غروب

الف رحمه على روح الفقيد

ولن يموت الامل لاننا امة نحمل رسالة خالده

4) تعليق بواسطة :
13-08-2013 09:00 AM

رحمه الله رحمة واسعة.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012