أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025


الدم العربي الرخيص

بقلم : جمانة غنيمات
14-08-2013 10:15 PM
أمام القتل والدم، لا مجال للحياد والموضوعية. فالقتل وإزهاق الأرواح مرفوضان أخلاقيا وإنسانيا، وكل من يبيح القتل حريّ به أن يراجع مقياس الإنسانية لديه.
ووسط حالة الاستقطاب التي تسود المشهد العربي، رأينا وسمعنا مَن يشجع على العنف والقتل، ويبرره أحيانا؛ ما يعني أن كره البعض للإسلاميين والاختلاف معهم فكرياً يسوغان لديه سفك دمائهم!
الإصلاح والتغيير لا يتجزآن؛ فمن يؤمن بالديمقراطية والدولة المدنية التي تكرس فكرة الحقوق والواجبات، يدرك جيدا أن حق الحياة مقدس وغير قابل للمساومة، وأن القتل فكرة مرفوضة، تماماً كما أن الحرية والعدالة أيضا مبدآن لا يُفصّلان وفق أهواء البعض ورغباتهم.
أمسِ، سالت دماء المصريين من الجهتين المتناحرتين، فلم يعد الدم محرّما وسط التنافس على السلطة.
عدد القتلى والمصابين بالمئات، والخسائر لا تحصى. السلطة المؤقتة استباحت الدم، فيما الإسلاميون انتظروا طويلا لإعادة إنتاج رواية المحنة والاستهداف التي يجيدونها بامتياز. وهي، بالتالي، لحظة انتهازية لديهم، وبما يعني أنه لم يعد من رادع أخلاقي يمنع الفتنة وسفك الدماء، ليضيع حق مصر في خضمّ تنافس غير شريف على السلطة.
العسكر كشفوا عن وجههم الحقيقي، وأماطوا اللثام عن أهدافهم، فلم يختلفوا كثيرا عن إسلاميين سعوا إلى إقصاء الآخر، بعد أن رفضوا العودة إلى الثكنات.
الإسلاميون، بدورهم، كانوا ينتظرون خطوة فضّ الاعتصام. وقد أدركوا مبكرا أنها المعركة التي ستجلب لهم تعاطفا غير مسبوق، فضحّوا بأرواح الناس رغم علمهم وإدراكهم بنوايا السلطة هناك.
كلا الطرفين ارتكب جريمة بحق مصر، وتاجر بدماء المصريين المحرمة، وجعلنا قلقين على 'المحروسة' التي تزداد المخاوف من وقوعها في براثن اقتتال أهلي وطائفي لا يدري أحد متى سيتوقف!
الإخوة الأعداء استعدوا جيدا للمعركة، ورابط الإسلاميون في الميادين بانتظار لحظة الصفر التي أدركوا أنها اقتربت، فظل إصرارهم على البقاء في الشارع.
أمسِ، خسرت مصر، وخسرنا جميعا! فأم الدنيا تنزف وجعا من أبنائها الذين أسالوا دمها ودم أبنائها.
ورغم الحدث الكبير والمأساوي، ما يزال البعض يمارس لعبة التحريض في مصر لدفع الجميع إلى حرب أهلية لا يعلم أحد حجم خسائرها وكلفها. بيد أن المنطق يفرض التفكير بعقل بارد، حتى تعود لمصر عافيتها وسلامتها.
ها هي مصر توشك أن تغرقَ في بحر من الدم، بعد سورية والعراق، وكأن ثمة قوى لا تريد أن يعم الاستقرار والسلام هذه البقعة من الأرض.
ومع ما حدث في مصر، يستغل البعض ذلك لتسويق فكرة أن الشعوب العربية لا تستحق الديمقراطية والعدالة، وأن حكم هذه الشعوب الجاهلة لا يتم إلا بالدم والنار.
بلوغ هذه النتيجة خطير، لاسيما أنها تعيد إنتاج النظام القديم، أو سيناريو تسلّم العسكر للحكم.
في مصر الجميع خسر الشرعية؛ الجيش الذي استباح الدم، والإسلاميون الذين استغلوا الفرصة للفوز بجولة سياسية. اليوم، لا أحد يملك الشرعية، والشرعية الوحيدة هي تلك التي يمنحها المصريون.
تجنيب مصر السيناريوهات الصعبة يتطلب من الجميع، بمن فيهم الإسلاميون، تقديم تنازلات، بحيث يسود الحوار العاقل الذي ينتشل مصر قبل أن تغرقَ في مستنقع العنف.
القوى السياسية المختلفة مطالبة اليوم بتقديم مصلحة مصر وطموحات الشعوب على أجندتها.(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
14-08-2013 11:08 PM

بعد عبد الناصر تاهت مصر ولا اقول ان عبد الناصر افضل من غيره .واليوم ضاعت مصر وضيعت العرب معها .قبل مده حلمت بابو الهول يبكي دما وارجو ان يكون اضغاث احلام لا اكثر .العسكر لن يتركوا مصر والاخوان لن يتركوا حقا اكتسبوه .مطلوب حل والا بكينا مصر كما العراق كما سوريا كما كما .

2) تعليق بواسطة :
15-08-2013 08:38 AM

هَب الهَوى . . وطار الرَماد وشَبّ . . نيران القَتِل والدَمّ *
ولاحَت بَوادِر لِلفِتَن . . . تِحمِل حَقائِق للأسى والغَمّ *
وسالَت دِماء اليَعرُبي . . والسيف سيف اليَعرُبي . . وما اهتَمّ *
مال العَرَب . . يُقتُل عَرَب . . بيد العَرَب . . تا يِرضى إبن العَمّ *
* رُباعيات الضِرغام * فاخر الضِرغام حياصات *

3) تعليق بواسطة :
15-08-2013 11:27 AM

هناك مبدأ رباني فحواه "أقتلوا أنفسكم"

عندما تفسد الأمم وتكفر بنعم الله يبعث الله عليها عذابا من عنده بأشكال مختلفه، لكن عندما تنحرف أمة مؤمنه أو مسلمة كبني اسرائيل، وما نفعله اليوم من مسلمين ارتدادا عن ديننا وتنكرا لأحكامه وذلا أمام عدو الله وعدونا، وجحودا وعصيانا لنواهيه وتكفيرا لبعضنا ووووووو

في هذه الحال تكون إرادة الله متفقه مع ما حصل لبني اسرائيل "اقتلوا أنفسكم" تكفيرا وتوبة لما نحن فيه وعليه من عصيان، حتى ما شاء الله.

كلام غريب، وعاد الإسلام غريبا كما بدأ.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012