أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025


العنف بوابة الشرور

بقلم : د. رحيّل غرايبة
16-08-2013 12:09 AM
لم يقرأ التاريخ، ولم يع الدرس، ولم يتعظ بأحداث الماضي والحاضر كل من يسلك مسلك العنف والدماء والقتل والسحل، وفرض نفسه بالقوة على الشعوب، وكل من يسعى لتثبيت أركان حكمة بالقهر والرعب والتخويف، فضلاً عن جهله بنواميس الكون وقوانين الطبيعة التي تقرر البديهية القائلة: لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه، ولكل عنف عنف مضاد، ولكل دم مسفوح انتقام، ومن رحم الظلم يولد الثأر والثأر المضاد.
فكر التكفير والعنف الحديث ولد في سجون عبد الناصر، وزنازين حكم العسكر في مصر أواخر ستينيات القرن الماضي وأوائل السبعينيات، عندما خرج شكري مصطفى بمقولة إخراج هؤلاء الحكام الذين يستبيحون قتل خصومهم، وزهق أرواح من يخالفهم الرأي السياسي من الإسلام والملة! واستباحة دمائهم وأموالهم!! ورأى أن هؤلاء الذين يمتهنون تعذيب رعاياهم بلا رحمة، والذين أقدموا على تحويل الجيوش والأجهزة الأمنية الى أدوات قتل وسحق للمواطنين! دون وخزة من ضمير أو تأنيب داخلي! ووجد فكر شكري مصطفى أتباعا ومنظرين في مصر أولاً، ومن ثم في مختلف أقطار العالم العربي الاسلامي، ينظّرون لاستخدام القوة ضد من يستخدم القوة من الحكام ضد الشعب، وإباحة استخدام العنف ضد من يستخدم العنف لتثبيت أركان عرشه.
فهمت الأجهزة الاستخباراتية العالمية هذه الحالة تماماً، وأصبحت تستثمر فيها بذكاء، وعملت على إغراء الحكام المستبدين باستخدام العنف بلا هوادة، وإعلان الحرب على «الإرهاب»! من أجل ادامة البيئة المناسبة التي تصلح لاستنبات بذور العنف والتطرف، حتى تبقى المعارك الداخلية مشتعلة، على طريق اشغال العالم العربي والاسلامي بنفسه، ومن أجل الاستمرارية في معركة التقسيم والشرذمة، واستبقاء مسلسل الفتنة قائماً ومستمراً، والعمل على إدامة العنف والعنف المضاد بلا نهاية ولا أفق، وفي كل مرة كان يتم الاعتماد على قيادة عسكرية مغامرة معبأة بوهج الزعامة ومجد البطولة المزيفة، الخالية من الفكر !والحد الأدنى من استيعاب التاريخ وحكمة الزمن !!
ما حدث في مصر في هذين اليومين يمثل فتحاً لبوابة الشرور و الدم والقتل على مصراعيها، وادخالاً لمصر في حقبة تاريخية سوداء جديدة، لتسجل صفحة أخرى من الصراع الدموي الداخلي! الذي يبدد الطاقة ويطحن الإرادة في معركة خاسرة، على حساب الشعب المنكوب والدولة المهلهلة، التي تسير نحو الضعف والهزال، أمام عدو خارجي لئيم متربص، يزداد قوة على حساب ضعفنا وتفرقنا، ويتمدد في أرضنا المغتصبة استيطاناً وتهويداً مستمراً لا يتوقف!.
يدرك خصومنا تماماً أن تحرير الإرادة الشعبية في العالم العربي يمثل البوابة الحقيقية نحو امتلاك القوة، والخطوة الأولى نحو الامساك بحبل النجاة، والتخلص من أسباب الضعف والتخلف والتبعيّة، التي تدوم بدوام القهر والأستبداد والفساد، ومن هنا يتم العمل على وأد تجارب التحرر الوليدة، وعدم السماح لها بالنمو والنجاح والنضوج، بمساعدة القوى السياسية الداخلية التقليدية ،التي ولدت من رحم القهر والاستبداد، ولا تفقه الاّ لغة الدم والقتل والسحق والاقصاء، المغلفة بقشرة وطنية زائفة، وفصاحة لفظيّة خالية من المضمون.
الأجيال الجديدة التي في أغلبيتها ليست مؤطرة سياسيّاً، ينبغي أن ترنو الى المستقبل بذهنية واعية، وبصيرة ثاقبة، ونظرة استراتجية بعيدة المدى، وعليها أن تعمل على عدم تكرار المشهد البائس، وأن تعمل على تجنب لدغ الأمة من الجحر نفسه آلاف المرات، وأن تحرص على امتلاك المنهج العلمي الصحيح في التفكير، وأن تمتلك أدوات النهوض وأسباب القوة، من خلال القدرة على رؤية الحقائق، وتمحيص الوقائع ،وادراك الزيف الكثيف، وإزالة الحجب وكتل الضباب التي تمنع المسير ،وتحد من العزم نحو الأنطلاق.
المحن التي تصيب الأمة، والفتن العمياء التي تضرب فيها بقوة، ليست كلها شراً محضاً، فينبغي أن تشكل محطات مهمة للدرس والمراجعة، وينبغي ألا تشكل عاملاً من عوامل الاحباط واليأس والارتكاس في وحل الهزيمة، بل يجب أن نجعل منها عاملاً من عوامل الوعي، وسبباً من أسباب الإصرار والتحدي ومعاودة النهوض، فقد رأينا المانيا واليابان قد تعرضتا لهزيمة ساحقة في الحرب العالمية الثانية، الاّ أنهما استطاعتا تشكيل تجربة نهضوية رائدة ،على الصعيد العلمي والتكنولوجي والاقتصادي والرقي والتحضر الاجتماعي المتميز، خلال سنوات معدودة.
هذا يدفعنا جميعا للاجابة على السؤال الكبير المتعلق بنقطة البدء، التي تتلخص بالانخراط الجمعي في مشروع تحرير إرادة الشعوب العربية تحريراً كاملاً ،بحيث لا يستطيع أي طرف داخلي أو أي قوة خارجية إفشالها، أو الانقلاب عليها، من خلال محاربة منطق الوصاية ،أو استخدام القوة في فرض وجهة نظر أو رؤية أحادية على الأمة، ومحاربة كل من يحمل هذه الفكرة ،وكل من يؤيدها ،أو يساندها ،أو يتواطأ معها.(الدستور)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
16-08-2013 04:54 AM

.
-- الإخوان لن ينجحوا ابدا في قيادة الدوله لانهم تنظيم إجتماعي بتركيبته و خدماته و قياداته و لا يصلح للحكم. لذلك يجب ان تقتصر علاقتهم بالحكم على رقابته و توجيهه عبر اجهزه التشريع و الرقابه فقط

-- و لم تنجح فترة تسعون عاما في إقناع الإخوان ان معايير الحكم تكاد تكون نقيضا لمعاير قيادة المجتمع.

-- اصغر خليه بالمجنمع هي العائله و اصغر خليه بالدوله هي الفرد .. المحتمع يقوم على التسامح و الدوله تقوم على الحزم .. في المجتمع انت تعطي في الدنيا و تسترد بالآخره اما في الدوله فأنت تدفع ضريبه مقابل خدمه معلومه في الدنيا.. في المجتمع أذنك اصدق من عينك و في النظام العكس.

-- و هنالك مآت الامثال التي تبين ان الدوله هي منظومه خدميه مدنيه تقاس اعمالها بإنجازات ملموسه و برامج واضحه .

-- تسليم إداره الدوله للإخوان هو كتسليم الإشراف على المرضى في مستشفى للكادر الإداري الذين يظنون انهم بلبس الروب الابيض اصبحوا اطباء ابضا.

.

2) تعليق بواسطة :
16-08-2013 09:19 AM

الاخوان هم اساس كل عنف في المنطقة .. باستثناء العنف الموجه الى اسرائيل فهم لم يكونوا جزء منه في اي يوم من الايام ...

3) تعليق بواسطة :
16-08-2013 06:16 PM

خلصونا يادكتور وطلعوا زمزم على السطح وابدأوا بالمشاركة والتعددية
مع جميع مكونات الشعب، اذا فعلاَ همكم الوطن والشعب عامة فاليوم قبل غداً فرصتكم قبل فوات الآوان و،، تخرب برما،،!!! عبدالله دالعموش

4) تعليق بواسطة :
16-08-2013 09:25 PM

لم يعد في الأمة عقلاء وعلماء، بالعامية الناس الفهمانه قاعدة في بيوتها، لا تريد الظهور، أمة عربية على نوعين:

النوع الأول: نخبة قومية علمانية ليبرالية لا تريد الدين جهارا نهارا وتحارب الإسلام بلغة خفية وتتنكر لأحكام الدين الذي أعزنا الله به، وتفتخر بالقوانين الغربية مرة والشرقية أخرى، ناسين الله واليوم الآخر "فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا" صدق الله العظيم.

النوع الثاني: جماعات وأحزاب دينية أخذت الدين يهواها على غير علم واستهوت كل ما فيه من حب للذات والشخصية والزعامة وأولوية الجماعة، وبدأت تكفر كل من هو على غير ملتها، وكل من لا يسير وفق هواها، أمروا عليهم من أنفسهم من لا يفقه في الدين شيئا، أو من انتحل صفة عالم دين، أو علماء دين استهوتهم أموال النفط وبذخ الأمراء فتاهوا لما خالفوا فيه نهي رسول الله لهم عن الجلوس على أبواب السلاطين والأأمراء.

لهذا نحن نعيش في وقت تتلاطم وتتناقض فيه الملل، ووتزاحم على السلطه، وتترك نفسها ألعوبة بيدي الأجنبي الكافر، وتفضل حرب المسلم على حرب الكافر المحتل، وعلى هذا:

يندرج عليهم مبدأ "اقتلوا أنفسكم" وهو المبدأ الذي طبقه الله تعالى على بني اسرائيل، لعصيانهم وتمردهم على تعاليم الله وعصيان رسوله، هذا الإقتتال الداخلي بين المسلمين هو سار إلى ما شاء الله حتى يكفروا ذنوبهم ويفيقوا لأوامره ونواهيه، ويلتزموا حرماته، وعلى رأسها تحريم قتل المسلم المؤمن، بل تحريم قتل النفس الزكية في الطرقات والمساجد والكنائس والأسواق.

ولهذا تكررت قصص بني اسرائيل في القرآن الكريم حتى لا نقع في أخطائهم ونحذوا حذوهم القدة بالقدة، حتى لو دخلوا جحر ضبع لدخلناه.

هذه فرصة التوبة والعودة لله ودينه بدون طائفية ولا عنصرية ولا حزبية ولا شخصية ولا زعمائية، فالدين لله والزعيم هو محمد (ص) والدستور هو القرآن، بكل بساطة أمة عربية اسلامية شعبية لا أكثر ولا أقل.

مع التحية لكل مصلح وصاحب ضمير

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012