أضف إلى المفضلة
الإثنين , 20 كانون الثاني/يناير 2025
الإثنين , 20 كانون الثاني/يناير 2025


«قاضب ومقضوب»

بقلم : احمد حسن الزعبي
08-09-2013 12:29 AM
من طبيعة عمله انه لا يعطي موعداً محدّداً..هو فقط يأخذ العنوان وتفاصيل المكان والعدد على التلفون ، ثم يؤكّد قدومه دون أن يعطي ساعة معيّنة..لذا تجد الأهل ينتظرون منذ الصباح الباكر كل سيّارة تمر من الشارع وعليها اللوحة المعدنية التقليدية «مطهّر أولاد» متبوعةً بأرقام هواتف على شركات الاتصال الثلاث: « زين..اورانج..أمنية»- طبعاً لإرضاء جميع الزبائن - وللتواصل مع كل العروض لا سيما احكي ودردش ببلاش ...المهم ، يبقى الأب في حالة ترقب وقلق شديدين يفتح الستارة عن زجاج الشباك تارة، وعن باب «البلكونة» تارة أخرى..
ها..»خوف الله هاظ هو» ..»لأ مش هو»!!..ثم بعد دقائق «كأنه هاظ»؟!!..ثم يعود للنفي «لا مش هاظ»!!! ..وما أن يغيب عن الشرفة قليلاً أو يطمئن على تجهيز «الصبي» نفسياً وبدنيا..حتى يقرع جرس الباب بوصولٍ مفاجىء..
تتكهرب العائلة فور وصول «المطهّر» رغم أنهم هم من أصروا على حضوره ، الأم تبكي دون مبرر، الشقيقة الوسطى تزيد من تقبيل الطريد، بينما الأخ الأكبر فيفضّل الجلوس في بيت الدرج هروباً من كل العملية..كما جرى العرف أيضا أن يبدأ المطهّر حديثه عن الطقس وينتهي عن المقص..ومن خبرتي بمعشر «المطهّرين» فإنهم يتمتعون بقدرة هائلة على قطع أي حديث مهما بلغت درجة أهميته حتى لو كان جلسة للكونجرس ليقول بصوت آمر ومفاجىء «وين الصبي»؟؟..عندها يقفز الأب من مكانه ليحضر المطلوب بالحيلة وترغيباً بالجائزة التقليدية : «عموه بده يعطيك مصّاصة» ..وبعد أن يحضر المغدور، وقبيل عملية «البطُح» بقليل... لا يجرؤ قلب الأب على تثبت الصبي استعداداً لأدوات المطهر ..فيتم الاستعانة بالعم ، الذي بدوره يمسكه ويثبت ساقي الولد بالأرض بعد أن يشيح بوجهه يميناً، وبعد الصرخة الكبرى يبدأ المطهر بالكلام التطميني الكاذب: «هه خلصنا»..»خلص خلّصنا»..لتأخذ العملية نصف ساعة على الأقل..
الضربة الأمريكية و المطهّر الاثنان ليس لهما موعد محدد ، هما فقط يأخذان تفاصيل العنوان والمكان والعدد ثم يحضران فجأة ..وجه شبه آخر بين «الطهور والضربة» ..منهم من يفضّل الحياد» ..ومنهم لا يملك قوة القلب لمساعدة المطهر في تثبيت المطلوب..ومنهم من يشارك المطهر العملية من ألفها إلى يائها لكنه يفضّل أن يشيح بوجهه كي لا يرى، وكي لا يراه «الحدث».
ويبقى أهم شيء بعد كل هذا الألم الإجباري : أن يناول المطهر الصبي لأمه ..وألا يختطفه أو يتركه ينزف حتى الموت !!.(الراي)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
08-09-2013 05:13 AM

رائع!

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012