أضف إلى المفضلة
الإثنين , 20 كانون الثاني/يناير 2025
الإثنين , 20 كانون الثاني/يناير 2025


المقاومة والمشروع السياسي

بقلم : د. رحيّل غرايبة
15-09-2013 12:56 AM
بعد مرور (65)عاما على احتلال فلسطين، وإقامة الكيان الصهيوني على الأرض المحتلة عام (1948)، وبعد مرور ما يقارب (48) عاماً على إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية، وبعد مرور (46) على احتلال بقية فلسطين عام (1967) ، وبعد مرور ما يقارب (25) عاماً على تأسيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وبعد مرور ما يقارب (20)عاما على اتفاقية (اوسلو)؛ التي أدت ولادة السلطة الفلسطينية في رام الله، وما رافقها وما تبعها من أحداث، ينبغي منا جميعاً وقفة مع النفس؛ تتخللها مراجعات نقدية جريئة، من أجل تقويم المسيرة ومن أجل الإجابة عن السؤال الكبير والختامي: «هل نحن في تقدم أو في تراجع ؟!».
أعرف تماماً أن الإجابة عن هذا السؤال ليست سهلة، وتنقصنا الشجاعة الكافية في هذا السياق على وجه التحديد! ولكن إذا كنا لا نمتلك المصارحة المطلوبة في الحوار مع الذات، فإننا لن نمتلك الشجاعة المطلوبة في مواجهة العدو بكل تأكيد !
هناك مرتكزات تصلح لتشكيل إجابة معقولة؛ إذْ لا يمكن تجاهل بعض الحقائق الكبيرة والبارزة التي تتفوق على حجم التبرير، وحجم الأقوال والمقالات والتحليلات التي تعج بالرغبة وتملأها العاطفة، وتضعف فيها لغة التحليل العلمي الموضوعي الذي يلامس الجرح الفلسطيني النازف بحكمة، ويلامس الشعور بالألم المفضي الى ملامسة الحقيقة المتوهجة التي لا تخطئها العيون المبصرة.
أولى هذه الحقائق التي تتعلق بموضوع المقاومة المسلحة المشروعة؛ التي تميل نحو التراجع والتهدئة، ولا تسير في مسار متصاعد ومتقدم، وليس في مسار تحقيق انجازات ملموسة على الأرض، بل إن ثمرة المقاومة على مدار عقود سابقة، وثمرة التضحيات والدماء والشهداء وآلاف المعتقلين الذين ما زالت تزدحم بهم سجون الاحتلال، تلخصت باتفاقات اوسلو وانجاز السلطة الفلسطينية القائمة في رام الله، وسلطة حماس في غزة، وكلتاهما لا ينطبق عليهما معنى الاستقلال الكامل، ولم تقتربا من تحقيق الحلم الفلسطيني بحده الأدنى، فالكيانان الفلسطينيان لا يمتلكان القدرة على تزويد الشعب الفلسطيني بضرورات الحياة العادية، ولا يقدران على توفير الحاجات الماسة من وقود وكهرباء، فضلاً عن الحدود والمسائل الخارجية وقضايا الدفاع!
في مسألة المقاومة لا يستطيع أحد أن يتغاضى عن الاعتراف بأنها لا تسير نحو تحقيق انجازات أفضل، ولا تسير نحو امتلاك مزيد من أوراق الضغط على الكيان الصهيوني، لتحقيق مزيد من التنازلات على صعيد المطالب الاستراتيجية الكبيرة التي تدفع نحو إنجاز دولة فلسطينية مكتملة السيادة وقابلة للنمو، وقادرة على تحقيق آمال الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال والبناء والتقدم مثل كل شعوب العالم.
الحقيقة الثانية تتعلق بقضايا الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967م، والمستعمرات القديمة والجديدة، فليس هناك انسحاب! بل هناك إعادة انتشار للقوات (الإسرائيلية) كما يسميها (الإسرائيليون) أنفسهم، فيما زالوا يحكمون سيطرتهم على أراضي الضفة الغربية كاملة، وليس هذا فحسب؛ بل يمارسون قضم الارض بشكل مستمر و تدريجي ، وليس ادل على ذلك من اقامة الجدار العازل الذي قضم نسبة عالية من الاراضي الفلسطينية المحتلة عام (67) ، بالاضافة الى الاستمرار باقامة المستوطنات الجديدة، وتوسيع المستوطنات القديمة !والاستيلاء على اراضي الغائبين والحاضرين!!
الحقيقة الثالثة تتعلق (بالقدس و الاقصى)، إذْ يواصل الكيان (الاسرائيلي) خطة التهويد القائمة على عدة محاور؛ تشريعية وسياسية و فعلية على الارض ، بالاضافة الى الخطط التي تتعلق بالاقصى نفسه، وفي مقابل ذلك تتبدى مظاهر العجز عن مواجهة هذا المخطط التهويدي المرعب الذي يجري تنفيذه امام العالم كله .
الحقيقة الرابعة تتعلق بقضايا اللجوء وحق العودة لمجموع اللاجئين والنازحين، الذين اخذت امالهم تتبدد في ضوء تطورات الواقع السياسي على الصعيد الفلسطيني نفسه، وعلى الصعيد الاقليمي والعربي، والدولي والعالمي ، الذي يسير باتجاه تبديد حلم حق العودة، خاصة اذا علمنا بان بعض القادة الفلسطينيين يعبرون عن استحالة تنفيذ هذا الحق! بل فرطوا به بشكل معلن و صريح ، فضلا عن التقاعس والكسل عن العمل والضغط الحقيقي باتجاه استعادة حقوق اللاجئين الاخرى .
الحقيقة الخامسة تتعلق بقضايا الانقسام الفلسطيني، والانقسام العربي والاسلامي، الذي اتاح للصهاينة تشكيل موقف (اسرائيلي) موحد، و بناء استراتيجية (اسرائيلية) موحدة تجاه الصراع مع الفلسطينيين والعرب، الذين عجزوا عن تشكيل جبهة عربية موحدة، كما عجزوا عن بناء استراتيجية فلسطينية عربية واحدة، مما افضى الى تشتت وانقسام كبير الى حد التناقض والتصادم ، أدى الى ضعف واضح على الصعيدين السياسي و العسكري ، والأمر الاشد خطورة في هذا الموضوع هو ذلك المظهر الذي يتبدى بتشظية الشعب الفلسطيني الى عدة مكونات متباعدة و متباينة ، فهناك فلسطينيو الـ (48) ، وفلسطينيو الضفة و غزة ، وفلسطينيو الأردن ، وفلسطينيو الشتات على الرقعة العربية و العالمية، ولكل مكون اهداف وغايات مختلفة، مما أخل في المعادلة الفلسطينية الاستراتيجية والتي ينبغي ان تقوم على : وحدة الشعب الفلسطيني، و وحدة الأرض الفلسطينية، و وحدة القيادة والهدف والاستراتيجية، ولا بأس من تعدد الأدوار في ظل استراتيجية واحدة، ولكن الأمر لم يكن على هذا النحو!!
أما الحقيقة السادسة فتتعلق بمزج المقاومة بالسياسة ؛ وهذه تحتاج وحدها الى تفصيل آخر اكثر عمقا شمولا، ولكن ما ينبغي ان نقف عليه في هذا السياق باختصار : أن الجانب السياسي في هذه المرحلة يجب أن يخدم جانب المقاومة واهدافها، و ليس العكس، فليس المطلوب ان يتم استخدام المقاومة واستثمارها في تحقيق اهداف سياسية قاصرة ومجزوءة تحت سيادة الاحتلال، وذلك لسبب بسيط اننا ما زلنا نعيش في مرحلة الاستقلال التي تستوجب الاستمرار بالمقاومة وتصاعدها حتى يتم انتزاع الاستقلال الكامل اولا، ومن ثم الدولة والسيادة الفلسطينية الكاملة.
(الدستور)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
15-09-2013 04:10 PM

لم تعد المقاومة خيارا مطروحا في منطقتنا ، فالحزب الذي يرفع شعار المقاومة ويقدم الشهداء اصبحنا نطلق عليه بسخرية ( حزب اللات) ارضاء لاسيادنا ابناء العمومة بني صهيون ، وحتى النخب والمشايخ وجدوا بمهاجمة حزب الله تجارة مربحة فاولوا في غلوائهم!!!!
وهل بعد ذلك بقي من يتحدث عن المقاومة ياشيخ رحيّل، وانت تعرف ان كل طلقة او صاروخ اطلقته حماس على اسرائيل كان مصدره حزب الله او ايران!!!!
الم تتحول عاصمة الامويين. دمشق من رمز للمقاومة والممانعة الى عاصمة (للنصيريين وقتل السُنة) وكل ذلك بغضون اسبوع واحد، فماذا تسمي ذلك؟؟؟
هل بعد ذلك وجود قليل من الحياء عند المتشدقين بالحديث عن المقاومة، فاتقِ الله ياشيخنا عند الحديث عن خيار المقاوة.

2) تعليق بواسطة :
15-09-2013 10:27 PM

.
-- سيدي, كتبت ما لا يمكن ان أضيف عليه كلمة او حرف.

وللأخ الدكتور محمد العتوم التقدير و المودة.

.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012