أضف إلى المفضلة
الإثنين , 20 كانون الثاني/يناير 2025
الإثنين , 20 كانون الثاني/يناير 2025


لحظة روسيا.. خيبة أميركا

بقلم : فهد الخيطان
16-09-2013 01:02 AM
إن كنت تعارض النظام السوري، وتتمنى سقوطه في أقرب وقت، فمن الطبيعي أن تشعر بالغضب من موقف روسيا والثنائي 'بوتين ولافروف'، لما يقدمانه من دعم لنظام الأسد. أما إذا كنت مؤيدا للأسد وتكره جبهة النصرة وجماعات المعارضة السورية، فلك الحق في أن تفخر بصلابة الروس في مواجهة الأميركيين، ونجاحهم في تجنيب نظام الأسد ضربة عسكرية كانت شبه محتومة.

لكن في الحالتين، لا تستطيع أن تتجاهل الحقيقة الماثلة؛ لقد حققت الدبلوماسية الروسية نصرا مدويا على الإدارة الأميركية، يعترف بهذا المعارضون لنظام الأسد قبل المؤيدين.

الرئيس الأميركي باراك أوباما كان مترددا، ويفتقر للقدرة المطلوبة على الحسم؛ يخشى الرأي العام الأميركي المعارض للضربة، ذهب للكونغرس يطلب التفويض مع أنه يملك الحق المطلق في التحرك. ووزير خارجيته، جون كيري، ليس أفضل حالا؛ لم يسبق أن كان وزير خارجية لأميركا بهذا الضعف والسذاجة. كل ذلك صحيح مائة بالمائة، لكن الأهم منه أن السياسة الخارجية الروسية لم تكن يوما بهذه الحيوية والديناميكية، كما كانت في أزمة 'الكيماوي' السوري.
لم يقتصر نجاح الدبلوماسية الروسية على منع الضربة العسكرية، إنما تجاوز ذلك بكثير؛ فقد تمكنت بدهاء وخبرة لافروف من أخذ زمام المبادرة من الولايات المتحدة في سابقة هي الأولى من نوعها. فقد تولت بلورة المبادرة الخاصة بنزع الأسلحة الكيماوية السورية، وتحديد تفاصيلها، ولم يكن أمام كيري سوى الموافقة على بنودها في جنيف.
في المؤتمر الصحفي المشترك أول من أمس في جنيف، بدا كيري باهتا ومهزوما، فيما لافروف سيد الموقف؛ يتحدث بثقة، ويشرح أدق التفاصيل، ويجذب اهتمام وسائل الإعلام على غير العادة.

وما يجعل من النصر الدبلوماسي الروسي حدثا تاريخيا غير مسبوق، ومن الهزيمة الأميركية أمرا مذلا، هو أن القضية التي ترافع فيها الروس دفاعا عن نظام الأسد، كانت بالتعريف القانوني قضية خاسرة؛ نظام استخدم السلاح الكيماوي ضد شعبه، وقتل ما يزيد على 1500 إنسان جلهم من النساء والأطفال. كيف يمكن لدبلوماسي مثل كيري، يعتز بكونه محاميا مرموقا، أن يخسر القضية؟!

لقد نجح الروس في تحويل الأنظار عن المتهم، والتركيز فقط على أداة الجريمة؛ أي 'الكيماوي'. وصاغوا مبادرة جوهرها 'ضبط' أداة الجريمة، ومن ثم إتلافها، مقابل عدم معاقبة المتهم على جريمته. هذا ما حصل ببساطة في جنيف.
لكن عند كتابة التاريخ، ستبدو مثل هذه الأمور تفاصيل على الهامش. صلب الرواية سيكون عن قدرة الدبلوماسية الروسية على حماية حليفها السوري، والوقوف معه حتى النهاية، لا بل وتأجيل نهايته إلى إشعار آخر.
وفي عالمنا العربي الذي يعج بفوضى التغيير، لموقف روسيا مع نظام الأسد دلالة ذات مغزى إذا ما قورن بموقف الولايات المتحدة من حلفائها؛ الأخيرة تركت أعز الحلفاء يتساقطون بدون أدنى اكتراث، بينما روسيا الطامحة لاستعادة مجد الاتحاد السوفيتي، وقفت مع حليفها السوري بكل قوة، ولم تسمح بسقوطه على هول ما فعل مقارنة مع أنظمة مثل التونسي أو المصري.

قبل أن يجف حبر اتفاق لافروف وكيري -لاحظوا أصبحنا نذكر اسم وزير خارجية روسيا قبل أميركا- فتح بوتين خطوط الاتصال بقوة مع إيران التي بدت مبهورة من النجاح الدبلوماسي الروسي، وها هي تعرض على لسان رئيسها، حسن روحاني، على موسكو حمل ملفها النووي، عسى أن تجني انتصارا شبيها بما تحقق لحليفها بشار الأسد.

fahed.khitan@alghad.jo
الغد

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
16-09-2013 11:19 AM

أخي الكاتب جاء في إحدى فقرات مقالك الفقرة التالية :-
"" لقد نجح الروس في تحويل الأنظار عن المتهم، والتركيز فقط على أداة الجريمة؛ أي 'الكيماوي'. وصاغوا مبادرة جوهرها 'ضبط' أداة الجريمة، ومن ثم إتلافها، مقابل عدم معاقبة المتهم على جريمته. هذا ما حصل ببساطة في جنيف.""
وبرأيي الشخصي فهذا الموقف وأقصد الروسي إنما هو كشف فوري وميدأي عن عورة الحلف السوري . وأقصد انه لا يوجد قانون للمحاكمة في الدنيا يغفل عن الأهمية القانونية لإعتراف المجرم بجريمته , إذ أن النصر الأمريكي وليس الروسي كما نرى هو الذي عرّى التبجحات السورية بادعاءات البطولة وكشف نفيها المتواصل لإستعمالها السلاح الكيمائي , وبهذه الاتفاقية جرى إثبات ذلك كله وبان المستور من خلال الموافقة على التسليم والتدمير لتلك الأسلحة . هكذا قرأتُ المشهد وعليه فإنّ الأهم هي الخطوة القادمة , والتي قد تكون الحاسمة .

التردد الأمريكي في الحسم وكما اراه هو بسبب التحضير الجيد لمرحلة ما بعد الأسد والخشية من تدهور الأوضاع كما هو حال العراق حالياً ,,, وينسف رأيي هذا من الأساس إذا كان الهدف النهائي لما يجري ليس فوق الأرض السورية فقط بل في المنطقة العربية الشرق أوسطية هو تحقيق الفوضى الخلاّقة " عربياً - إسلامياً " لتنعم اسرائيل بالأمن والسلام دون أنْ تدفع أي ثمن .

2) تعليق بواسطة :
16-09-2013 07:58 PM

عبر سنتين وشارفنا على الثالثه زخرت الصحف العربيه جميعا وحتى الاجنبيه بمقالات كان معظمها يتمحور على ان الروس يستخدمون تصريحات وزارة خارجيتهم لرفع سعر سوريا كسلعه للتفاوض مع الامريكان والخليج وباقي دول العالم ولو راجعنا كثير من مقالات معظم الصحفيين الاردنيين باستثناء ناهض حتر وقليلين لتاكد لنا ان رجال السياسه في المنطقه والعالم كانوا يحللون ويكتبون مقالاتهم تحت عنوان اسمه "الامنيات وليس التجرد والواقع والتحليل"ولا شك ان هناك فرق كبير بين غريزة كره النظام السوري وبين عدم التفكير والتامل بشراشة لافروف وبوتين فيما يخص الملف السوري .معظم من كتب ونظر بالموقف الروسي كان يتذكر حرب الخليج ناسيا ان بوتين لا يشبه يلتسين او غورباتشوف ونسي ان لافروف كان مندوب روسيا الرافض للحرب على العراق ولكن لم يكن بوتين رجل روسيا الاول في تلك المرحله. ما يمكن قراءته في وجه بوتين وخطاباته وخاصة تلك التي اعقبت فوزه في الانتخابات الماضيه هو الحقد على امبراطوريه كامريكا اذاقت الروس الذل عقب انهيار حائط برلين الامر الذي جعل من تلك الدوله التي كان لها الدور الاكبر في الحرب العالميه الثانيه متسوله على ابواب الكثير من الدول الغربيه وعليه سوف تدفع اوروبا في المستقبل القريب مضافا اليها امريكا فاتورة عشر سنين من التسول الروسي ولعلنا نذكر ما قام به بوتين من اجتياح لجورجيا خلال ليله عندما كانت امريكا مشغوله باعياد الميلاد وبعدها باشهر قطع الغاز عن اوروبااثناء موجة البرد الذي عم اوروبا في تلك السنه ومن هنا تبرز اهمية سوريا لروسيا بانها مفتاح الحل للاوروبين بامداد الغاز القطري وبالتعاون مع الاتراك والاسرائليين .موقف روسيا من سوريا اكبر بكثير مما توقعه ويتوقعه الكثيرين حتى ولو اعادت امريكا الكره ستجد الرئيس بوتين شخصيا مصارع ولاعب جودو الذي يستحيل صرعه بسهوله او كسب معركه معه مهما كانت تضحيات روسيا وهذا ما يؤكده بعص التسريبات "ان صدقت "ان فلاديمير بوتين في قمة الثمانيه خلع حذائه في وجه الامريكان والاوروبين .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012