أخي الدكتور محمد شكرا ً لك على هذا العرض لنقاش يجمع أشخاصا ً لا يعرفون بعضهم في مكان عام و هو يشي في الحقيقة بالكثير و يضع النقاط على الحروف لأنه يوضح هموم فئات مختلفة من المجتمع.
تشخيصي المتواضع للمشاكل التي يواجهها مجتمعنا الأردني ينصب في اتجاه الوضع الاقتصادي بشكل خاص، فالمواطن الأردني من أي أصل و منبت مشغول بلقمة العيش و بتوفير المتطلبات الأساسية و يطمح بحد أدنى من الترفيه المعقول و المحمود، و هو يكابد ليحصل على هذه الأمور حتى إذا مشى في يومه زاد مخزون الغضب و الاحباط و الترقب و القلق لديه بسبب كل ما يشاهده و يسمع به و يحصل معه.
في ذات الوقت تتنازع المواطن الأردني سلطتان إحداهما سلطة الدولة و الوطن و الثانية سلطة الوكالة الدينية التي يفرضها عليه الشيوخ و جماعات الإسلام السياسي، فتجده يؤمن بالدستور الأردني و القانون بينما جزء كبير منه ينزع نحو دستور موازي فرضه عليه الشيخ السياسي حين أقنعه أن هذا التوجه السياسي هو مشيئة الله، فصار المواطن انفصاميا ً يوظف في حياته مرجعيتين تتنازعانه، في نفس الوقت الذي لا يتبلور فيه مفهوم المواطنة تبلورا ً صحيحا ً حيث الأصل و المنبت يشكلان قوة ً كبيرة تتجاذب مع الدستورين السابقين و تطغى عليهم أحيانا ً.
سيدي الدكتور الكريم، إن سبب نجاح الأمم الغربية على اختلاف طرق حكمها سواء ً الديموقراطية منها كأوروبا و أمريكا أو الديكتاتورية منها مثل الصين أو المحكومة بأنظمة اجتماعية نفسية ناجخة مثل اليابان هو أنهم انتهوا منذ عقود طويلة من سياسات التعصب الفكري و المذهبي و الديني و المنشأي و أسسوا دولهم على أساس المواطنة حيث الجميع متساوون أمام القانون، ثم زرعوا هذا الفكر في عقول الشعب أو بالأحرى زرع الشعب في نفسه هذه الفكرة حين أنتج الدولة فأصبح مقياس التعامل هو المواطنة.
و حين آمن الناس بالمواطنة أمنوا بالإنتاج فأصبحوا مجتمعات منتجة و مبدعة لا حجر لديها على فكر أو عقل و تُخضع كل شئ للنقد و المراقبة و القياس، و الهدف النهائي هو: خدمة المواطن.
فقط عندما نصبح دولة مؤسسات و يختفي تمجيد المسؤول و رجل الدين، فقط عندما تصبح كل الناس متساوية فلا نسأل عن منشأ الشخص و بلده الأصلي و دينه و مذهبه داخل الدين، فقط عندما تتوقف الشيوخ عن اتخاذ منصب وكيل الرحمن الحصري في عقول الناس، فقط عندما نحب الإنتاج و الإبداعي و نتوقف عن مراقبة سلوك الناس و محاولة التحكم بهم، فقط عندها سيتحسن اقتصادنا و تتحسن أوضاعنا لأننا سنكون قد سخرنا كل طاقاتنا الضائعة الآن في إنتاج مستقبلي علمي و فكري و صناعي و سوف نتقدم.
مشكلتنا كبيرة جدا ً صدقني.
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .