02-11-2010 08:44 PM
كل الاردن -
مع بدء العد التنازلي لموعد انتخابات المجلس النيابي الأردني السادس عشر المقررة في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، يتسارع إيقاع حراك المرشحين ضمن حملاتهم الانتخابية في استقطاب الناخبين الأردنيين الذين تقدر إحصاءات غير رسمية أعدادهم بما يزيد عن مليوني ونصف المليون ناخب.
وبالتوازي، تواصل الحكومة الأردنية تباعا إدارة مراحل العملية الانتخابية التي كان آخرها الإعلان عن 1492 مركزا للاقتراع والتصويت، واكتساب جداول المرشحين درجتها القطعية لتغلق على 763 مرشحا بينهم 134 سيدة، يتنافسون على 120 مقعدا خصص منها 12 مقعدا للسيدات، من خلال 108 دوائر فرعية.
وتشكو جهات "مراقبة مستقلة" ومرشحين وناخبين على حد سواء من "رصد عمليات شراء أصوات" الناخبين بطرق ووسائل عديدة، غالبيتها "سرية" ومن خلال وسطاء بحسب مصادر منهم، مرجحين أن ترتفع وتيرتها يوم الاقتراع، رغم تجريم قانون الانتخاب المؤقت لسنة 2010 هذا العمل بعقوبات مشددة تصل إلى الحبس مدة 7 سنوات.
وقال المستشار السياسي لرئيس الوزراء الأردني والناطق الرسمي باسم الانتخابات، سميح المعايطة، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إن "الحكومة الأردنية من خلال أجهزتها الأمنية والرقابية كثفت عمليات الرقابة على العملية الانتخابية حيث رصدت 20 ألف من قوات الشرطة لحفظ الأمن يوم التصويت، إضافة إلى الموافقة على مشاركة ومراقبة نحو 1300 إعلامي محلي ودولي للاطلاع على سير عملية الانتخاب."
و اعتبر المعايطة "أن تخصيص العدد الكبير من قوات حفظ الأمن هو إجراء طبيعي في يوم الاقتراع ،" مضيفا بالقول إن هذا "لا يعني توقع حدوث اضطرابات بل هو إجراء طبيعي لضمان سلامة الناخبين وسير العلمية الانتخابية."
وعن عمليات شراء الأصوات "السرية،" بيّن المعايطة أن الأجهزة الحكومية قد حولت خمس حالات متورطة في عمليات شراء أصوات ما تزال منظورة أمام القضاء الأردني ضبطت في محافظة إربد (شمال الأردن،) فيما ما يزال التحقيق جاريا في قضيتي "ابتزاز مرشح."
وأشار المعايطة إلى أن سبب "محدودية الحالات المحولة إلى القضاء، هو "تحايل المواطنين على القانون وإتباع وسائل سرية وغير مباشرة ومن خلال وسطاء وأنصار مرشحين، مؤكدا بالقول إن الأجهزة ت"راقب في كل مكان ومن خلال المتصرفيات والمراكز الأمنية، لكن دور الأفراد في التبليغ عن حالات الضبط ضعيفة ولا بد من تعاون الناخبين لضبط عمليات الشراء إذا كانوا حريصين على ذلك، خاصة أن عمليات حجز البطاقات أو غيرها قد تتم داخل البيوت حيث يجب ان يرافق عملية التبليغ الاستناد إلى الأدلة الموثقة."
وترد يومياً عشرات الشكاوى إلى مراكز حقوق الإنسان حول عمليات شراء أصوات، بيد أنها انحصرت بحسب مساعد المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الإنسان ( هيئة عليا مستقلة معتمدة دوليا ) الدكتور علي الدباس، في "التبليغات الشفهية" حول وقائع حجز هويات مدنية وطرق شراء أصوات غير مباشرة وسرية، مشيرا إلى أن المركز لم يسجل حالات شراء أصوات بشكل رسمي.
وتحظر المادة 20 من قانون الانتخاب الأردني المؤقت لسنة 2010 على "أي مرشح أن يقدم من خلال قيامه بالدعاية الانتخابية هدايا أو تبرعات أو مساعدات نقدية أو عينية أو غير ذلك من المنافع أو يعد بتقديمها لشخص طبيعي أو معنوي سواء كان ذلك بصورة مباشرة أو بواسطة غيره بما في ذلك شراء الأصوات."
وجاءت تعديلات القانون الأردني متضمنة عقوبات مشددة تعاقب بالأشغال الشاقة مدة لا تزيد على سبع سنوات كل من ارتكب أي عمل من الأعمال المحظورة المنصوص عليها في القانون، وذلك عقب حدوث عمليات واسعة لشراء الأصوات في موسم الانتخابات السابق لعام 2007.
وأعرب الدباس لـCNN بالعربية عن قلقه من "تزايد الشكاوى الشفهية من دون تقديم الأدلة والإثباتات لتوثيق الوقائع حتى من خلال راصدي المركز حيث لم ترفع أي شكوى رسمية للجهات المعنية، مضيفا بالقول: "وردتنا شكاوى شفهية حول حجز بطاقات مدنية ودفع مبالغ، لكن تسجيل الشكوى والتحقيق فيها يتطلب توفير المشتكي أدلة مسجلة بالصوت أو الصورة والشهود."
ورأى الدباس أن عملية إثبات شراء الأصوات "صعبة جدا" معتبرا أن تردي الحالة الاقتصادية لبعض الشرائح من المجتمع أصبحت مدخلا للمرشحين لاستغلالها لشراء أصواتهم، إضافة إلى ما وصفه بـ"عدم ثقة الناخبين الأردنيين بالقانون القائم على الصوت الواحد وعلى ضوء التزوير في الموسم الماضي."
وفيما اعتبر الدباس أيضا "أن ثمة مسؤولية تقع على عاتق الناخبين في التبليغات ضمن المسؤولية الاجتماعية العامة،" إلا أنه أعبر عن اعتقاده بأن النص القانوني "ليس كافيا" خاصة أن كافة جرائم الانتخاب تسقط بعد مضي ستة أشهر من وقوعها، ودعا إلى "التشديد في عمليات المراقبة من جهة كافة أجهزة الرقابة."
وفي إطار رصد بعض المشاهدات لعدد من المرشحين والناخبين حول "شراء الأصوات" ، قال محمود الطراونة أحد المرشحين عن محافظة الكرك ( 140 كم جنوب العاصمة عمان، ) إن هناك "أساليب عديدة يتبعها بعض المرشحين خاصة من المقاولين وأصحاب رؤوس الأموال" في دائرته، من بينها قيام أنصار المرشحين ووسطائهم بزيارة البيوت وإبرام مقايضات لحجز الهويات حسب دوائرها الانتخابية لكل مرشح بشكل فاضح، مشيرا إلى أن المبالغ التي تدفع لكل صوت تراوحت ما بين 100 و200 دينار أردني.
أما حول الطرق غير المباشرة لشراء الأصوات أضاف قال الطراونة: " قام أحد أصحاب المشاريع التجارية من المرشحين بتوظيف 400 شاب من العاطلين عن العمل ممن يحق لهم الانتخاب في عقود مدتها شهر واحد براتب شهري 200 دينار، وتم الاتفاق أن يتم التصويت له في الانتخابات."
وأضاف: "كما قام أحد وسطاء لأحد المرشحين بفتح باب محله التجاري للزبائن التسوق من دون مقابل على أن يتم التفاهم ضمنيا على التصويت لمرشح بعينه يوم الانتخاب."
وفيما اعتبر الطراونة أن ثمة "تقصيرا" من الجهات الرسمية في عمليات الضبط، أوضح بأن لم يتقدم بشكاوى رسمية لاعتبارات عديدة من أبرزها "درجة القرابة التي تربطه بكثير من المرشحين في منطقته إضافة إلى صعوبة توفير الأدلة."
إيمان عواد ( 30 عاما ) إحدى سكان مخيم الحسين في العاصمة عمّان، أشارت لـCNN بالعربية إلى أن سيدة "مجهولة" استوقفتها قبل أيام لتعرض عليها "مبلغ 50 دينارا مقابل حجز هويتها،" كما أشارت إلى أن أحد المرشحين خلال جولاته على المنازل وعد "شفهيا" بتوفير أجهزة كهربائية في حال تم التصويت له.
وطالبت أمين عام حزب الشعب الديمقراطي "حشد" ( حزب يساري معارض) عبلة أبو علبة، المرشحة عن محافظة العاصمة، الحكومة الأردنية بتكثيف الرقابة على شراء الأصوات معلقة بالقول: "سمعنا عن كثير من الحالات داخل البيوت، لكنني لا أعرف شيئا عن الإجراءات الحكومية حيال ذلك."
ويتطلب إثبات حالة شراء الأصوات أدلة صوتية ومرئية، بحسب الناشط الحقوقي عامر بني عامر، مدير حملة التحالف المدني لرصد الانتخابات "راصد" الممثلة عن عدد من منظمات المجتمع المدني الأردنية.
وبيّن بني عامر ورود شكاوى بالعشرات يوميا إلى الحملة، تتعلق بتسجيل مقاطع مصورة من عمليات مقايضة من خلال الهواتف الخلوية أو شكاوى خطية لكن من دون توثيق الشكوى ولعدم اكتمال الأدلة.
وفيما لم ينكر بني عامر جدية الحكومة الأردنية في متابعة وضبط حالات شراء الأصوات، إلا أنه أشار إلى أن ثمة مخاوف لدى الناخبين بالتبليغ عن حالات شراء الأصوات، "لأسباب عائلية من جهة ولصعوبة إثبات الواقعة من جهة أخرى."
وحول دور الناشطين في الحملة من الراصدين، أشار بن عامر إلى أن نشاطهم اقتصر حتى الآن على تسجيل الشكاوى والمشاهدات في المناطق المختلفة من دون التحقق منها، لافتا إلى أن الحملة تحرص على "سلامة" الراصدين في الوقت الذي ينتمي فيه كثير من "سماسرة الأصوات" إلى فئة "أصحاب السوابق" بحسب تعبيره.
(سي إن إن)