أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 30 تشرين الأول/أكتوبر 2024
شريط الاخبار
أحزاب ومنظمات ومتظاهرون مغاربة يستنكرون تصريحات ماكرون في برلمانهم عن المقاومة الفلسطينية العمل: لا صحة لعدم تشغيل أردنيين بمول تجاري في الكرك محافظة: الأردن أول دولة عربية رائدة في مجال التربية الإعلامية والمعلوماتية نقابة الصحفيين تقرر إجراء الانتخابات في نيسان اتلاف مخدرات ضبطت في 58 قضية - صور طاقم حكام عُماني لمباراة الحسين إربد والوحدات ارتفاع حصيلة العدوان على غزة إلى 43163 شهيدا حسان يثني على دور المحافظين ويؤكد أهمية الدور التنموي لهم وإدامة التواصل مع المواطنين الأردن يدين مصادقة الكنيست على قانون يمنع فتح ممثليات دبلوماسية لفلسطين في القدس (153) مليون دينار صافي أرباح (البوتاس العربية) لنهاية الربع الثالث من العام الجاري رغم التحديات العالمية الخرابشة: نتطلع لأن نكون مركزاً لإنتاج الطاقة الخضراء سلطة وادي الأردن تحذر من حالة عدم الاستقرار الجوي ضبط مركبة تسير بتهور على الصحراوي بدء تقديم طلبات الاستفادة من البعثات والمنح والقروض الداخلية رئيس وأعضاء مجلس الأعيان يؤدون اليمين الدستورية
بحث
الأربعاء , 30 تشرين الأول/أكتوبر 2024


لعنة الأمن والأمان

بقلم : د. علي المستريحي
14-12-2013 12:07 PM
الباحث المنصت لنبض الناس، والقارئ المتفحص لما يرددونه عندما يتحدثون في شأنهم العام يلحظ بشكل ملفت استخدام الكثير منهم لمفردتي 'الأمن والأمان'، مقرونتين عادة بمفردة 'النعمة'. والملاحظ أيضا أن الكثير من الناس، من مستوسات مختلفة، تختلط هذه المفردات بذهنهم ويرددونها كما وردت اليهم بصيغتها الأولية دونما تمعن أو فهم عميق لما تحويه أكثر من مجرد التلفظ بها. ما هو أخطر من ذلك، أن البعض يستخدمها كوصفة جاهزة (ناجعة أحيانا) للرد على كل من 'تسوّل له نفسه' بانتقاد وضع خاطئ بقصد رتق الخرق واصلاح العطب. لذا، فأنت لست بحاجة الى أكثر من أن ترد على المنتقِد بقولك: 'أُحمد الله يا رجل على نعمة الأمن والأمان'! التي غالبا ما تُتبع باشارة المقارنة بما يحدث في 'سوريا' أو 'مصر' أو 'تونس' أو غيرها. ويكفي هنا للتدليل على خطورة استخدام هذه المفردات (عندما تكون منزوعة الفهم) بأن ندرك أن أحد أهم الأسباب التي تفسر التردي الذي وصلنا اليه في الواقع يعود لثقافة المرددين (كالببغاء) لمثل لهذه المفردات دون فهمها. وأننا نخش أن نصل للحد الذي يشعر به عامة الناس والمطالبون بالاصلاح عند سماع هذه النغمة بلعنة تلك النعمة ان كانت تتضمن الاشارة لعدم الاقتراب من الفاسدين لفضح فسادهم!

وحتى نكون أكثر انصافا، علينا التفريق بين مفردتي (الأمن security) و (الأمانreassurance & faith ). فحاجة الأمن والشعور به تمثل المستوى الثاني الأعلى (من جهة القاعدة) على سلّم هرم الحاجات الانسانية للعالم الأمريكي ماسلو (Maslow)، ذلك بعد أن يشبع الانسان حاجاته الفسيولوجية الأساسية (المستوى الابتدائي). الا أنه لا يمكن تصنيف الحاجة 'للأمان' على نفس الدرجة من السلّم. فحاجة الانسان للأمان تمثل مستوى متقدم من حاجاته الانسانية. فان كان الأمن يتعلق بالحاضر (وبعض الماضي)، فالأمان يتعلق بالمستقبل. وصحيح أن الأمن (ماض وحاضر) أحد مكونات أمان (المستقبل)، الا أن معادلة الأمان تتضمن ما هو أكبر من مجرد الأمن. والمتعمق بالمفردتين يرى أن الخوف (بالماضي والحاضر) يعكس شعور الانسان بغياب الأمن، وهي حالة تتغير بما تقوم به السلطة الحاكمة (وقامت به في السابق) من درء الأخطار 'الملموسة' عن رعاياها أكثر من مجرد جلب المنافع المستقبلية لهم ودرء الأخطار المستقبلية المحتملة عنهم! فالخوف من المستقبل يعكس شعور الانسان بغياب الأمان، ذلك الشعور يمثل حالة لا تتغير الا أن يرى الفرد المواطن ويعتقد جازما أن ما تقوم به السلطة الحاكمة يؤمّن له ولأفراد أسرته ولمجتمعه العيش الكريم الذي يحفظ كرامته في غده ومستقبله من خلال عملها الجاد والدؤوب لجلب المنافع لهم ودرء الأخطار المحتملة عنهم. والواضح أن المفردة الأولى (وهي الأمن) تعتبر أحد الأسباب (أحدها فقط) التي تمهّد الطريق للوصول لحالة الاعتقاد بتوفر المفردة الثانية (الأمان).

وللحق، وبالنظر للجانب الملآن من الكأس، فقد قطع الأردن شوطا معتبرا (ولا زال، ولكن ربما باهتمام أقل نسبيا) بما يخص توفير الأمن لرعاياه. فليس لدي شك أن جهاز الأمن العام الأردني هو من أكفأ الأجهزة الأمنية وأكثرها التزاما واحتراما، ليس فقط على المستوى العربي بل العالمي أيضا. هذا مع اعترافنا ببعض التحديات الأمنية المتعلقة بزيادة نسبة الجريمة وتعقّد وسائلها وأشكالها وأدواتها الناتجة عن هجرات اللجوء المتعاقبة والسياسات الحكومية المتخبطة وعدم توفر الجدية الحقيقية للاصلاح. ذلك حقا لا يعود بدرجة أساسية للمنتسبين لهذا الجهاز أنفسهم، بل للتردي العام والخلل الذي أصاب مؤسساتنا جميعا ودون استثناء. لذا، فان ظروف واجراءات الأمن اتسمت بالتذبذب، فقد كانت تضعف تارة وتقوى تارة أخرى تبعا لهذه الأسباب وللسياسة الأمنية التي تتبناها السلطة الحاكمة وظروف المرحلة التي تمر بها.

أما الشعور بالأمان فهو قضية أخرى لها شجون! ذلك الشعور الذي يتعلق بمدى توفر الاجابات على أسئلة المواطن الأردني فيما يخص مستقبله ومستقبل أسرته ومستقبل وطنه بشكل أوسع. فعلى مستوى الوطن، هناك الكثير من التساؤلات التي يطرحها الأردنيون حول مستقبل وطنهم: ترى، ما مستقبل الأردن بعد عشر أو عشرين عاما أو يزيد؟ ما شكل العلاقة التي ستربط الأردن بمحيطه العربي والاسلامي ومدى تلك العلاقة؟ ما مستقبل الهوية الأردنية مع موجات اللجوء المتلاحقة وحمّى التجنيس وسياساته الخرقاء؟ كيف سيغير من ثقافتنا وبأي اتجاه؟ ما المستقبل السياسي الذي ينتظر الأردن في ظل اقليم ملتهب؟ كيف سيكون شكل الحكم فيه عند منتصف هذا القرن؟ ما المستقبل الاقتصادي له من حيث الموارد والمياه والطاقة والهواء والرفاه الاجتماعي؟ ما مستقبل الاصلاح بالأردن؟ وهل سنرى في سنة 2030م نفس الوجوه التي نراها اليوم (أو نسخا منها بالتوريث)، ومنهم الكثير ممن أهلك الحرث وقطع النسل؟ ما الاجابة على كل هذه الأسئلة المشروعة والمقلقة؟ ان عدم توفر اجابات واضحة لكل هذه الأسئلة، أو معظمها على الأقل، هو ما لا يشعر الأردني 'بالأمان' والاطمئنان في وطنه.

أما على مستوى الفرد والأسرة، فالشعور بالأمن بالنسبة للأردني يعني أن تتوفر لديهم الثقة والاعتقاد (حد اليقين) أن حاضرهم أفضل من أمسهم، وأن غدهم أفضل من حاضرهم. أن ينام ليلته ممتلئا بأمل غد جديد أفضل .. أن حياتهم مؤمّنة بوظيفة تحفظ كرامة عيشهم، آخذين حقهم 'بالصاع الواف' دون محاباة أو واسطة أو محسوبية أو شللية أو جغرافية أو عرقية .. و .. أن يعتقد أنه اذا ترك الدنيا أن يأخد ابنه نفس الفرصة المقدمة لابن وزير خارجيتنا المبجل لوظيفة بالخارجية أو الديوان الملكي أو رئاسة الوزراء أو في ديوان الخدمة المدنية .. أن يشعر أن هناك تأمين صحي واجتماعي يغطيه وأفراد أسرته عند عجزه أو عوزه أو مرضه وصروف الحياة عندما تقسو! أن يكون شعوره بالولاء والانتماء لوطنه ليس ترفا أو نفاقا أو اكراها أو بلطجة أو خيارا لا بد منه! أن يرى الوجوه التي أثخنت الأردن بالجراح، وباعت ما تحت الأرض وعلى الأرض وما فوق الأرض، في السجون، لا في الصفوف الأولى بمحفل مكافحة الفساد والدعوة للنزاهة والشفافية! ان عدم توفر هذا الاعتقاد هو ما لا يشعر الأردني 'بالأمان' والاطمئنان في وطنه.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
14-12-2013 01:56 PM

شكرا جزيلاً للدكتور علي المستريحي على هدا المقال المفيد لغوياً ومعنوياً. أؤيدك في كل ما تفضلت به في مقالك هدا .وما أود قوله هنا أن المواطن الأردني "قلق" بطبعه على لقمة عيشه ولا يكاد يشعر بأي أمن أو بأمان طوال تاريخه المديد. فما دام هناك الفساد والمحسوبية وعدم مخافة الله، سيظل مواطننا الأردني في حالة قلق دائم الى أبد الآبدين إلا ادا شاء الله أن تتغير هده المعادلة المقيتة مع مرور الأيام، وهدا ما أشك فيه. فأين الشرفاء وأين الصدق وأين الأمانة؟ وقد عشنا حياتنا ولا نزال والفاسدون يتحكمون في قوت هدا الشعب المسكين في ماضيه وحاضره ومستقبله؟؟!! تساؤلات لا جواب عليها!

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012