14-11-2010 07:57 AM
كل الاردن -
أحمد أبو خليل
في النقاش الدائر حول نزاهة أو عدم نزاهة الانتخابات الأخيرة توجد مسافة كبيرة بين موقفين أحدهما يراها نزيهة جداً وآخر يراها غير نزيهة بالمرة. وهناك في بعض الحالات كلام عن نزاهة عالية في دائرة وانعدام نزاهة في دائرة مجاورة في ذات المنطقة رغم أن الجهة المشرفة واحدة في الحالتين.
الحكومة اعتبرت أن تطبيق القانون هو معيار النزاهة الحقيقي والرئيسي, ولكن تعالوا ننظر إلى هذا القانون نفسه ونتفحصه ونرى إن كان تطبيقه يقود إلى النزاهة بالمعاني التي يطلبها أو يفكر فيها الناس. لماذا لا يكون السر في القانون ذاته?
إن الدول "العاقلة" عموماً تحدد قوانينها بناء على رؤيتها لمستوى التطور الذي وصلت إليه في مختلف الميادين, ثم تقرر صيغ ومحتوى القوانين التي ترى أنها تدفع بهذا المستوى إلى الأمام. إن الأمر يتعلق بالأهداف الكبرى للدولة في مرحلة معينة.
يعد قانون الانتخاب أهم القوانين ذات الصلة المباشرة بالأهداف الكبرى, إنه عنصر أساسي في بناء الدولة وتكوين الأمة ومواصلة هذا البناء والتكوين, وذلك لأن الانتخاب هو الميدان الذي من خلاله يمارس الشعب السلطة, إن الشعب يرسل مندوبيه ويفرغهم لممارسة السلطة لأنه من غير المعقول أن يتفرغ كل أفراد الشعب لهذه المهمة.
هذا هو المعيار الذي ينبغي أن نحاسب قانون الانتخاب على أساسه. وفي حالة دولة مثل الأردن, وفي مجتمع مثل مجتمعنا يعيش عدة محاور انقسام (مناطق, جهات, عشائر, أصول, منابت..الخ), كان يفترض أن يكون الهدف الرئيسي من قانون الانتخاب متركزاً حول قضايا تتعلق بتوحيد الشعب والمجتمع وتشجيع عناصر الاندماج والهوية الموحدة وتجاوز الهويات الفرعية, أي مواصلة صناعة الأمة (الشعب) والدولة.
الدول لديها عقل جماعي يساعدها في اتخاذ القرار الصائب أو غير الصائب. وابتداء من اليوم أمام عقل الدولة الأردنية فرصة أربع سنوات للتفكير بقانون الانتخاب ومحاكمته بإنصاف على ما نتج عنه بعد سنوات من تطبيقه وإخضاعه هو لمعايير النزاهة ذات الصلة بالوطن ككل خاصة في ظروف كظروف بلدنا الاقتصادية والاجتماعية, وبشكل خاص ظروف وجود عدو بجوارنا لا يخفي عداءه لنا.
(العرب اليوم)