14-11-2010 07:07 PM
كل الاردن -
محمد النجار- رغم تراجع حدة الاحتجاجات التي تلت الانتخابات البرلمانية الأردنية في سبع من محافظات المملكة الـ12، يرصد مراقبون ما يعتبرونها نتائج مقلقة لـ"العرس الديمقراطي" وفق المصطلح الرسمي ليوم الانتخابات.
وفيما سجلت قوى الأمن 54 حادثا أمنيا خلال يوم الاقتراع، ارتفع العدد ليزيد عن ستين حادثا خلال ثلاثة أيام بعد إعلان نتائج الانتخابات أدت لتخريب ممتلكات عامة وخاصة وطالت مساحات حرجية في غابة وصفي التل الواقعة على الطريق الدولي بين عمان ودمشق.
وفي حين يرى سياسيون ومراقبون أن الحاجة باتت ملحة للتوقف عند الأحداث الأخيرة لمعرفة مدى ارتباطها بعلاقة الدولة بمواطنيها، ترى الحكومة أن أحداث ما بعد الانتخابات عابرة وأن مثيريها هدفوا للاحتجاج على رفض الحكومة منحهم معاملة تفضيلية خلال الانتخابات.
ويبحث مرشحون خسروا الانتخابات تشكيل إطار يجمعهم للتخاطب من خلاله مع مؤسسات الدولة، ويعزز من حجية منطق هؤلاء وجود عشرين نائبا فازوا بمقاعد بالبرلمان بفضل نظام الدوائر الوهمية الذي منحهم الأفضلية على مرشحين خسروا هذه المقاعد رغم حصولهم على أصوات أكبر من الناجحين.
وترى السياسية المعارضة توجان فيصل أن أكثر ما يلفت الانتباه في "الهزات التي تلت زلزال الانتخابات" هي أن مثيريها هم من أبناء النظام الموالين للدولة وحكوماتها وكانوا دوما خصوما للمعارضة السياسية.
وقالت للجزيرة نت "من تظاهروا وأججوا العنف غالبيتهم من الموالين بل ومن الأقطاب ومن أعوان الدولة الذين اكتشفوا أن الانتخابات كانت مزورة ضمن قانون الانتخاب وفي مواده وليس من خلال أدوات التدخل المباشر المعتادة".
غضب يتراكم
وتدعو توجان من يقللون من ظاهرة غضب "الموالين" للتوقف عند تراكم الحوادث والظواهر المقلقة، وتتابع "التغيرات لا تحدث بين يوم وليلة، والفساد يتراكم حتى تحدث الثورات الاجتماعية، وأكثر ما يقلق في أردن اليوم هو فقدان الدولة لهيبتها في عيون أبنائها".
وزادت "نحن في مرحلة تغيير جذرية ينضم فيها التقليديون والعشائريون للمعارضين على اختلاف أهدافهم ورؤاهم للإصلاح"، وتوقعت ألا يكمل البرلمان الحالي مدته الدستورية، وترى أن إكمال مدته الدستورية "يحمل مخاطر غير محسوبة".
بالمقابل اعتبر مصدر حكومي مطلع في تصريح للجزيرة نت أن غالبية من قاموا بالاحتجاجات العنيفة على نتائج الانتخابات هم من "الذين اعتادوا على دلال الحكومات ومعاملتها التفضيلية لهم". وبحسب المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه فإن رسالة من خسروا الانتخابات إلى الحكومة هي أنهم تضرروا وأنه يجب استرضاؤهم. ويربط المصدر بين هذه الاحتجاجات وأخذها طابعا شعبيا وقرب إعادة تشكيل مجلس الأعيان.
وبحسب المصدر فإن نزاهة الانتخابات كانت محل شهادة كل من راقبها من داخل الأردن وخارجه، كما أن "قرار الحكومة الصارم بعدم التدخل" فيها أغضب الكثير من المرشحين.
سؤال الشرعية
غير أن المحلل السياسي ومنسق مبادرة الملكية الدستورية جمال الطاهات يؤكد للجزيرة نت أن اتهامات صريحة بتزوير الانتخابات من مرشحي العشائر الذين منحوا النظام شرعيته منذ تأسيس الدولة، وهو ما يؤسس لسؤال كبير جدا حول الشرعية.
ويذهب الطاهات لاعتبار أن الجهات الرسمية انقلبت على المعادلة القائمة بين السلطة والثروة تاريخيا في الأردن، وأضاف "هناك شخصيات نزلت على المناصب بالبراشوت (المظلات) مما أغضب القاعدة الشعبية وأبناء النظام والدولة التاريخيين"، ويعتبر أن "ما يجري اليوم يقود لتركز السلطة في أيدي القصر مقابل الاحتجاج على هذا التركز".
وبرأيه فإن "كل من كان ذا نصيب في الدولة ومناصبها وثروتها لن يقف مكتوف الأيدي على استيلاء فئات جديدة على حقوقه".
ورغم إخماد حرائق عنف الانتخابات فإن مراقبين يرصدون بؤرا ساخنة مرشحة للعودة للاشتعال سواء على مستوى الشارع أو من خلال النقاش السياسي الذي سيستمر في البرلمان بساكنيه الجدد.
(الجزيرة نت)