15-11-2010 07:11 AM
كل الاردن -
د. فاطمة الصمادي
لا يجب أن تفرح المرأة الأردنية بالرقم ,13 و دفعا للنحس الذي يرافق هذا الرقم دعونا نقول 12+1 , فثلاث عشرة امرأة في البرلمان الأردني ليس إنجازا عقب مرور سنوات على إقرار نظام الكوتا, او ما يعرف بمصطلح (نظام الحصص النسائية) أو(الكوتا النسائية), الذي جاء لتقليل الهوة بين تمثيل الرجال والنساء في البرلمان .
و إن كان الزميل أحمد أبوخليل استخدم تعبير "الحصّادين" و تعبير "اللقّاطين"لتوصيف نواب المجلس من الرجال, فلا أجد المرأة الأردنية لا "حصادة" و لا "لقاطة" , بل هي كمن يتلقى صدقة فرض على الناس تقديمها لها,فهم يقدمونها كرها لا طوعا.
نظام الكوتا بات في تجربتنا الديمقراطية لا يتعدى أن يكون صدقة تدفع للمرأة, بل ويتبعها من و أذى- رغم أن النساء لا يجب أن يكن من أصحاب الصدقات- و إلا لنجح نظام منح الحصص هذا في تغيير قناعات المجتمع, وأخرجه من ذكوريته, و أعطى المرأة الفرصة لتنافس و تفوز بصورة مساوية للرجل الذي تتقاسم معه العناء و البناء في البيت وخارجه إن لم يكن نصيبها من الضنك أعلى و أكبر.
يحمّل زميل صحفي غطى أخبار مجلس النواب لسنوات , النساء "النائبات" مسؤولية الفشل في تغيير قناعات المجتمع, فالأداء لم يكن "سارا"و الحقيقة أن أداء المجالس التي أفرزها قانون انتخابنا "الفريد" وليس أداء النساء فقط لا يسر. ورغم أن تغيير القناعات مسألة اجتماعية معقدة و طويلة إلا ان النتائج بعد مرور سنوات على تطبيق نظام الحصص لاينبىء بحدوث تغيير, و أن تفلت إمرأة واحدة و تستطيع الحصول على مقعد في المجلس خارج "الكوتا" لا يغير من الحقيقة شيئاً.
لا أريد أن أدخل في الجدل القديم و المكرر عن الحقوق المأكولة للنساء في بلادنا, و الإجتهادات الفقهية و السياسية بشأن المكان الأنسب لحضور المرأة و مشاركتها, كما أنني لست في معرض الدفاع عن أفكار "التمركز حول الأنثى" و معاداة الرجل ,لكن القضية تقول ما يلي: إذا كان معيار الحكم هو الكفاءة و الأحقية ففشل المرأة يأتي إما لأنها غير كفؤة أو لأنها ليست صاحبة حق, و مع التحفظ على قضية غياب الكفاءة - إذ أنها قضية تحتاج إلى النمو في وسط تنافسي نزيه - فإن الكوتا هي التي أوجدت ثقافة "الحق المنقوص" أو المحدود للمرأة الأردنية, فقد أصبحت غير قادرة على التحرك والمناورة خارج دائرة "الحصة" المتصدق بها.
تاريخيا يعود نظام الكوتا إلى مصطلح الإجراء الايجابي Affirmative action وأطلق لأول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية كسياسة لإنصاف الجماعات المحرومة في المجالين العام و الخاص, وقد كان في الأصل ناجماً عن حركة الحقوق المدنية ويتصل بالأقلية السوداء وقد أطلقه لأول مرة الرئيس جون كيندي في عام (1961) وتابعه جونسون في برنامجه الذي كان يمثل جزءاً من الحرب على الفقر في بداية عام ,1965 وتوجه بداية لأقليات أثنية, لكن الحركة النسائية استثمرته للمطالبة بحقوقها وشكل مرحلة انتقالية هامة في تاريخها, لكنه لم يبق ثابتا.
وعودة إلى المرأة الأردنية, فوضعها سيكون مقبولا و يليق بكرامتها و مكانتها , فقط إذا أتى ذلك اليوم الذي تتمكن فيه من المنافسة معتمدة على ذكائها و كفاءتها وعلمها, دون أن تستمد قيمتها الإنسانية من أب أو زوج أو عشيرة.
(العرب اليوم)