20-11-2010 10:38 PM
كل الاردن -
د. حسن البراري
كنا وما زلنا نأخذ على معسكر الاعتدال العربي مسألة غياب وجود خطط بديلة في حال فشل المسار السلمي في الشرق الأوسط برمته، وكان الكثير من المحللين وما زال يرى بأن في جعبة الولايات المتحدة خطط بديلة في حل فشل المسار ذاته، لكن واقع الحال يشير إلى غير ذلك.
ويروي كل من ميكي بريغمان ورفائيل فرانكل في مقالة لهما نشرت على موقع الفورين بوليس أنه ليس للإدارة الأميركية أي خطة بديلة في حل فشل المفاوضات الحالية، فلدى سؤال أوباما عن خططة البديلة قال بأن الإدارة ستبقى منخرطة أو مشتبكة في المنطقة، منطق يذكرنا بمنطق آخر يرى بأن الحياة مفاوضات!
ما لا يريد أوباما الإقتراب منه هو الإعتراف بأن عجز إدارته في دفع الجانب الإسرائيلي- الذي يشعر بالإستقواء نتيجة الإنتخابات النصفية- الوفاء في التزاماته حيال عملية السلام هو نتيجة ضعف إدارته الداخلي عندما تكون إسرائيل موضعا للنقاش. وما لا يريد أوباما الإقتراب منه هو الإعتراف بأن غياب الخطط البديلة يعني أن مقاربة الولايات المتحدة في حل الدولتين تتهاوي وتتبخر على نيران تعنت الجانب الإسرائيلي في حين تخفق فيه إدارته عن خلق الزخم المناسب واللازم لبدء عملية سلام حقيقية.
المفارقة أن الجانب الأميركي يعرف حدود الحل التي لن تختلف كثيرا عن ما يسمى بمقترحات كلينتون التي عرضها على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في الثالث والعشرين من ديسمبر عام 2000، لكنه في الوقت ذاته يفتقر لميكنزمات تنفيذ التصور الأميركي المستند على مقترحات كلينتون والذي كتب عنه بريجنسكي بشكل واضح في أكثر من مناسبة.
المفارقة الأخرى هي أن هناك الكثير من المؤسسات الأميركية التي تضع خططا بديلة وسيناريوهات مختلفة لمناح السياسة الخارجية الأميركية المتنوعة، فغياب خططة بديلة على المسار السلمي لا يعني أن أميركا تفتقر للقدرة على وضع خطط بديلة في مسارات أخرى، لكن مرة أخرى تكبل أميركا نفسها بالموضوع الإسرائيلي لأسباب داخلية وليست استراتيجية وإلا لتعلمت أميركا من دروس الماضي والحاضر.
للأسف لم يتعلم العرب للآن ضرورة التفكير ببدائل، فنهاك فرق بين عدم إمتلاك القدرة على الاختيار من بدائل وبين القدرة على إنتاج وصنع خيارات على المستوى النظري، فكل ما نراه من محاولات من بعض الباحثين والسياسيين لإنتاج خيارات بديلة تأتي في سياق معزول عن الدولة برمتها، فالدولة في المنطقة العربية لا تولي أهمية لضرورة وضع الخطط البديلة والبدائل غير الارتهان لما سيؤول عنه التدخل الأميركي في تل أبيب.
لذلك نطرح تساؤلا طالما حيّر العديد منا: لماذا لا تفعّل الدولة العربية مجالس أمن قومية تقوم بدراسة كل التحديات وبخاصة الأمنية منها وتضع سيناريوهات وتبدع في تركيب بدائل تعمل على دفع الأذى على الأقل ولا نقول تعظيم المكاسب؟ لما لا تقوم معاهد البحث بالمهمة نفسها؟ قادم الأيام ربما لا يحمل الشيء الجميل ولكن من الأفضل أن نكون مستعدين للتعامل مع التحديات القادمة بشيء من التحضير وأن لا نكتفي بردات الفعل التي طالما ما تكون نتائجها عكسية.