22-11-2010 09:22 AM
كل الاردن -
بعد ان ورثت الحكومة موازنة مزيفة من سابقتها بعجز حقيقي تجاوز الـ 1.5 مليار دينار لم يكن هناك خيارات ذاتية لمعالجة الاختلالات في سنة 2010 سوى الاعتماد على الغير في الامد القصير وهنا كانت المنح الخارجية الركيزة الاساسية لاعادة الاستقرار المالي للاقتصاد الوطني.
المملكة العربية السعودية وكعادتها كانت السبّاقة في تقديم المنح المالية للمملكة حتى في اصعب الظروف. والكل يتذكر دور السعودية الداعم الرئيسي للاقتصاد الاردني. فقدمت في هذا العام 300 مليون دولار من اصل 570 مليون دولار حصل الاردن عليها فعليا خلال السنة الجارية. وهذه الارقام هي ارقام حقيقية لا تقديرية. بمعنى انها دخلت الى الاقتصاد سواء للخزينة او الى مؤسسات اخرى مباشرة. فالمهم انها ساهمت فعليا بتقليص عجز الموازنة من 1.5 مليار دينار الى حدود المليار او 5.3 بالمئة من الناتج المحلي بعد المنح.
لم تغب السعودية ابدا عن المشهد الاقتصادي الاردني ولطالما لعبت دورا حاسما في تعزيز الاستقرار المالي ودعم المملكة في ظروف استثنائية واجواء كان الاردن بأمس الحاجة فيها الى الدعم.
بعد انهيار الدينار الاردني سنة 1989 بادرت المملكة العربية السعودية الى وضع وديعة مالية بقيمة 200 مليون دولار لدعم احتياطات المملكة من العملة الصعبة في خزينة البنك المركزي الخاوية, وهو أمر ساعد الحكومة آنذاك على البدء في مشوار الاصلاح المالي واعادة التعامل مع المانحين الذين بدأ بعضهم باجراءات الحجز على ممتلكات اردنية في الخارج نتيجة عدم قدرة المملكة على سداد الديون.
بعد احتلال القوات الامريكية العراق وزوال النفط التفضيلي العراقي هبّت المملكة العربية السعودية لتعويض الاردن بكميات نفط مجانية واخرى بأسعار تفضيلية, حيث بلغت كمياتها في الستة اشهر الاولى بعد انتهاء الحرب ما يعادل 50 ألف برميل من النفط الخام وهي تلبي اكثر من نصف احتياجات المملكة من النفط يوميا.
بعد ذلك تطورت العلاقات الاقتصادية الاردنية السعودية الى مستويات جديدة بعد ان انتقل الدعم السعودي للمملكة من النفط الخام الى المنح المالية المباشرة للخزينة التي ابتدأت بمقدار 220 مليون دولار في سنة 2004 ثم اخذت في التصاعد الى ان تجاوزت المليار قبل عامين.
التطور النوعي في العلاقات الثنائية بين البلدين جاء بعد ازدياد الاستثمارات السعودية في الاقتصاد الاردني ودخول المستثمرين السعوديين في شراكات اقتصادية مهمة في عدد كبير من القطاعات الحيوية مثل البنوك والصناعات الاستخراجية والخدمات المالية, وبات الاستثمار السعودي يحتل المرتبة الاولى على خارطة الاستثمار غير الاردني في المملكة باستثمار تجاوز الملياري دولار.
لا احد يستطيع انكار مدى اهمية المنح السعودية للمملكة في سد الفجوة التمويلية الحاصلة بين الايرادات والنفقات في الموازنة, والحقيقة ان المساعدات التي قدمتها الرياض خلال السنوات الماضية كانت ركيزة اساسية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي ودعم تنفيذ عدد من المشاريع التنموية الحيوية التي يعول الاردن الكثير على تحقيقها.
الكل يعلم ان العلاقات الاردنية السعودية ما كانت لتصبح على هذا الشكل من النمو لولا العلاقات الثنائية المتميزة والاستراتيجية بين قيادتي البلدين وعلى رأسهما الملك عبدالله الثاني وأخوه خادم الحرمين الشريفين الذي يطلع بدور ريادي في المنطقة ويعمل بروح المسؤولية القومية تجاه أمته العربية.
لا شك ان هناك من حاول استغلال العلاقة الاردنية السعودية في توظيفات خطأ لتخدم مصلحته الشخصية لكن العلاقات التي تربط الشعبين والقيادتين والمصالح المشتركة تحتم على الجانبين مواصلة تعزيز العلاقات وجعلها أنموذجا للعلاقات العربية.