25-11-2010 12:01 AM
كل الاردن -
سمير حباشنة
(1)
شرفت وللسنة السابعة على التوالي ان اكون ضيفاً محاضراً في كلية الدفاع الوطني ، بحديث متجدد عن الامن الوطني الاردني وعلاقاته العربية والدولية والظروف المؤثرة فيه داخلياً ، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتركيبة الديمغرافية ومدى متانة أمننا الوطني ومرونته في امتصاص أية صدمات محتملة داخلية كانت أم خارجية.
وأني أحيي قواتنا المسلحة الاردنية ـ الجيش العربي على هذا الصرح المعرفي والعلمي والاستراتيجي الهام ، الذي يسهم في رسم معالم الطريق الآمن ، للدولة بحيث تتجاوز وتتجنب أي ايذاءات محتملة.. واني اتمنى على جامعاتنا الاردنية ومراكز بحوثنا الوطنية ان تستفيد من تجربة كلية الدفاع الوطني ، من حيث الاداء والمخرجات البشرية. والتي تضاهي اية مخرجات اخرى.. فتحية الى القائمين على هذا الصرح الوطني.
(2)
من الاسئلة الهامة التي طرحت يوم امس الاول في لقائي مع دارسي هذه الكلية ، ذلك المتعلق بعوامل القوة التي تمتلكها الدولة الاردنية في مجابهة المخططات ، التي يتم تداولها في أروقة المؤسسات "الصهيونية" ، حول الوطن البديل تلك "البضاعة" المتداولة في اسرائيل "الاردن هو فلسطين" ، علماً بان هناك مؤتمرا تحت هذا العنوان سوف يلتئم في تل ابيب في الخامس من الشهر القادم بدعوة من أحزاب يمينية متشددة بالتعاون مع حزب يميني هولندي يحوز على ثالث قوة برلمانية في البرلمان الهولندي.
(3)
ان للدولة الاردنية عوامل قوة بعضها ظاهر والآخر كأمن ، نحتاج الى تعزيز الظاهر منها وتحريك الكامن ليصبح ظاهراً ، مسانداً للأمن الوطني الاردني وتمكينه من درء أي خطر داهم.
حين نتحدث كأردنيين عن تعزيز دور القوات المسلحة وتطويرها وحين نتحدث عن دور الاجهزة الامنية على اختلافها سواء في خطابات جلالة الملك وتوجيهاته للحكومة او في ما يصدر عن البرلمان او عن النخب الاردنية الواعية ، فاننا نلامس واحدة من اهم عوامل تمكين الاردن على مجابهة تلك الافكار المتغطرسة والحاقدة والمصابة بعمى الألوان وبجهل في الجغرافية والتاريخ سواء بسواء.
وحين نتحدث عن وحدة وطنية راسخة تضع الاردنيين جميعاً في قالب وطني أساسه سيادة المواطنة واسقاط الفوارق سواء كانت عرقية او اثنية او مذهبية. وان العلاقة بين الاردنيين من اصول فلسطينية والدولة ، على قاعدة الوحدة والتمايز ، وحدة المواطنة ـ الحقوق والواجبات ، والتمايز بالتمسك بحق العودة وباعتبار فلسطين هي الوطن الاول لهم التاريخي والمستقبلي. فاننا بذلك ندفع باتجاه تمتين بناء الدولة لتكون محصنة في وجه تلك الدعوات.
وحين ندعو الى تحويل النمو الاقتصادي الى تنمية ذات ابعاد اجتماعية تتيح لنا توزيع عوائد الثروة على امتداد الجغرافية الاردنية وعلى القطاعات المختلفة وعدم تركزها في فئة معينة ، وحين ندعو الى التحول للاقتصادات القادرة على خلق فرص العمل وبالتالي الحد من آفة الفقر فانا بذلك نخلق دافعية اضافية لدى المواطن ان يمسك بوطنه وان يكون مستعداً للتضحية من أجل استقلاله وسلامته.
وحين نتحدث عن الاصلاح السياسي وتوسيع دائرة المشاركة في صنع القرار بمستوياته المختلفة ، ووقف اساليب الاقصاء والتهميش والتعطيل للكفاءات الوطنية ويصبح اختيار القادة على اسس موضوعية أساسها التجربة والمعرفة والانتماء الى هذه الدولة ومشروعها الوطني وقيادتها الهاشمية ، فاننا بذلك نضع مدماكاً اضافياً يقوي من عضد الدولة ويجعلها قادرة على مجابهة أية اخطار محتملة.
(4)
وبعد: فان التاريخ انبأنا بأن الدولة القوية بالداخل هي بالضرور دولة قوية في الخارج ، والعكس هنا غير صحيح ذلك ان المساندة الخارجية تبقى عاملاً مساعداً ولا يمكن ان تكون الاصل كمصدر للقوة. واضيف اذا ما تحققت عوامل القوة الداخلية اعلاه فان مصداقية الدولة الاردنية والحضور الكبير دولياً لقيادتنا الهاشمية والملك عبدالله الثاني ، انما يشكل عاملاً اضافياً مساعداً في احباط المشاريع التي تستهدف الاردن كما تستهدف فلسطين. هذا دون ان نغيب أهمية العمل على لملمة العرب ليقفوا معاً حماية لوجودهم ولمصالحهم.