أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 22 كانون الثاني/يناير 2025
الأربعاء , 22 كانون الثاني/يناير 2025


ســـؤالان

بقلم : سميح المعايطة
14-02-2014 12:07 AM
خلال لقاء مع بعض طلبة الدراسات العليا الأمريكيين الزائرين للأردن سألني أحدهم عن سر هدوء الحدود الأردنية السورية وعدم حدوث أحداث أمنية قياساً لما حدث على الحدود التركية السورية حيث شهدت تفجيرات وقصفا...، رغم أن حجم التدفق من اللاجئين السوريين على الحدود الأردنية أكبر بكثير مما شهدته الحدود التركية.
قلت للسائل إننا أحياناً نشاهد طالباً نظيفاً مؤدباً مجتهداً فنوجه التحية له معجبين به، لكن الحقيقة أن هذا الطالب بمواصفاته الايجابية خلفه من يستحق الإعجاب والشكر، فهناك الأب الذي أمن له متطلبات التعليم والحياة الكريمة، والأم التي أحسنت التربية والعناية بنظافته وطعامه، والمعلم الذي قدم المعرفة والأدب وساهم برسم الصورة الايجابية.
وكذلك الأمر عندما ترى حدودا آمنه مطمئنة بلا أي أحداث أمنية أو تفجيرات فإن هذا المشهد وراءه جهد سياسي أمني عسكري كبير وعلى مدار الساعة، فالدولة التي انحازت للحل السياسي ولم تنغمس في الأزمة السورية كطرف لتأجيج الصراع، وقدمت ما هو أكبر من امكاناتها في مساندة الأشقاء إنسانياً، هذه الدولة ساهمت بأمن حدودها ومدنها.
ومن خلف الموقف السياسي رجال محترفون في الأمن والعمل العسكري عملوا ويعملون على مدار الساعة لمنع السلاح والتشدد من دخول الأردن، ويعملون لتجسيد الموقف السياسي بجهد أمني عسكري محترف ومتعب على مدار الساعة.
ربما لا يرى الناس الأم وهي تعتني بولدها أو تحرص على نظافته، ولا المعلم الصادق المجتهد الحريص، لكنها ترى الطالب باجتهاده ونظافته وأدبه، وهكذا هو الأمان والاستقرار نراه لكن لا نشاهد صناعته التي تقوم على الموقف السياسي والجهود الأمنية والعسكرية الجبارة.
دارس أمريكي آخر تحدث حول تأثر الحراك الأردني بالأحداث في مصر وسوريا، وعن ما اسماه تراجع الحراك الذي أنتج هدوءاً سياسياً في الأردن كان ايجابياً وبخاصة مع ازدياد اشتعال المنطقة حولنا.
ولعل البعض سمع العديد من التحليلات الدقيقة، لكننا نحب أن نضيف إليها أن الوعي الذي يملكه الأردنيون مهما كانت مواقفهم سبب رئيسي، فالأردنيون يملكون مزاجاً معتدلاً، لا يذهب في الحدود القصوى إلى العنف والدم ولهذا فالوعي الأردني جعلنا جميعاً حكومات وقوى سياسية واجتماعية نتوقف عند تجارب الأشقاء ونتعلم منها، فالشقي من أتعظ بنفسه، لكننا كنا السعداء وأصحاب الوعي الذين اتعظنا بغيرنا، لم تكن القضية انكسار طرف أو هزيمته لكنها كانت حالة وعي بالدرجة الأولى.
طبعاً هذا الجانب الهام لا يُلغي جوانب وأسبابا أخرى سياسية تخص بعض القوى السياسية، لكن عندما نتحدث عن مجموع الناس فإنها حالة وعي تسجل لنا جميعاً، لأن غياب هذا الوعي كان ثمنه باهظاً.
وهذا الوعي لم يبدأ مع اشتعال الساحات المحيطة بل كان منذ اليوم الأول للربيع في الأردن، حيث كانت حكمة القيادة في أن لا يحمل رجل أمن سلاحاً، بل كان البعض يستغرب من حمل الشرطة للماء والعصير الذي يقدمونه حتى لمن يشتم، لكنها الرؤية الحكيمة التي صنعت أمناً بل وتبنت الكثير من المطالب الإصلاحية وعلى رأسها تعديل الدستور.
أحياناً نحتاج نحن الأردنيين أن نستمع من الآخرين عن مشهدنا الأردني لنرى كم أنجزنا ورسمنا صوراً ايجابية لكننا لا نراها لأننا في داخلها وجزء منها.
(الراي)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012