أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 22 كانون الثاني/يناير 2025
الأربعاء , 22 كانون الثاني/يناير 2025


اعتقال النساء

بقلم : د. رحيّل غرايبة
19-02-2014 11:57 PM
منذ عدة أشهر تتكرر مناظر مرعبة ومنفرة في معظم الدول العربية تستعصي على القبول والإقرار تحت أي باب من أبواب الاختلاف السياسي أو الصراع الحزبي، أو حتى التطاحن على السلطة، حيث وصلت درجة المبالغة فيها والإفراط إلى المستوى الذي يسيء إلى آدمية البشر وانسانيتهم فضلاً عن الكرامة والمروءة التي كانت تنسب إلى العرب عبر تاريخهم الطويل حتى في عصور الجاهلية.

التاريخ العربي مليء بالحروب والصراعات التي سجّلها التاريخ ممزوجة بالغرابة والاستهجان أحياناً، خاصة فيما يتعلق بالأسباب وشرارة الاشتعال، مثل حرب البسوس، وحرب داحس والغبراء، وغيرها، حيث زادت الثارات وسالت أنهار من الدماء، وكان دائماً هناك مسعروا حرب، امتهنوا اشعال الحروب وإثارة الفتن، وأدمنوا على القتل واستسهلوا زهق الأرواح.

عبر هذا النهج كانت هناك بعض الأمور الإيجابية التي تستحق الذكر والإشادة والإبراز، من أجل اكمال الصورة، وإتمام معالم المشهد الحقيقي، ومن أجل إكمال الصورة، ومن أهم هذه المواقف التي ينبغي أن نقف عليها في هذه الأيام، وفي هذه اللحظات الحرجة من عمر الأمة:
كان هناك احترام للمرأة، فمهما وصلت درجة التوترات والاختلاف، ومهما اشتدت لحظات القتال كان هناك عرف غير مكتوب ولكنه صارم، لا يجرؤ طرف على تجاوزه، يتعلق بالحرص على حماية النساء وعدم التعرض لهن بالقتل أو بالإساءة، حيث كان هذا الخلق من صميم الفروسية ومن علامات اكتمال الرجولة، ومن صفات الشهامة التي لايجوز التخلّي عنها حتى في أوقات الحروب.

الأمر الثاني يتعلق بظهور العقلاء والحكماء والكرماء والقادرين على السير بالصلح بين الأطراف المتنازعة، والساعين في احلال معاني الوئام، ومحاولة التغلب على العوائق مهما كانت كبيرة أو شديدة وخاصة إذا تعلق الأمر في وقف مسلسل الثأر والانتقام وما يتطلب ذلك أحياناً من بذل مادي ومعنوي كبير وهائل، ودائماً ما يكون الصلح نتيجة إعمال العقل واللجوء إلى التنازل عن بعض الحق، والجور على الذات.

عرب العصر الحديث أكثر ايغالاً في الجاهلية، وأقل تمسكاً بالقيم، واقل تحكيماً للعقل، وأكثر بعداً عن خصال المروءة والنخوة العربية، وليس هناك التزام بالأعراف الجميلة والعادات السامية الموروثة التي كانت ثمرة للعقل العربي والانساني، والتي تصب في تحقيق المصلحة العامة وإعلاء شأنها، وليس أدلّ على ذلك من مظاهر اعتقال النساء في الشوارع بطريقة وحشية وهمجية حيث تجد ما يزيد على عشرة رجال مدججين بالسلاح يهجمون على امرأة عزلاء مسالمة، ويتم القبض عليها في الشارع بعنف مفرط أمام عدسات المصوّرين، وأمام المارّة على هذا النحو المشين الذي يؤدي إلى إيذاء الأعصاب.

أما الأكثر إيلاماً، أن نجد اقواماً من أبناء يعرب، من السياسيين، والكتاب والإعلاميين، وأصحاب الأقلام والتاريخ العريق بالدفاع عن الديمقراطية والحرية، يصمتون صمت أهل القبور وهم يشاهدون هذه المناظر المقززة، بل يذهب بعضهم إلى تمجيد هذا الفعل، ووصفه بأنه بطولة وإنقاذ، بل وصل الأمر بهم إلى التلذذ بهذا الاعتقال الذي يعد وصمة في جبين الإنسانية، ووصمة عار في تاريخ العرب الحديث، فلا غرابة أن ينحبس الغيث، ويسود الجفاف، وتزداد رقعة التصحر، على كل الأصعدة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأدبية والعلميّة.
(الدستور)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
20-02-2014 03:02 AM

.
-- استغرب من دكتور فاضل و عالم ان يكتب مقالا كهذا عن عالم مثالي لا صلة له بالتاريخ .

-- الم يكن من اسباب الغزو بين العرب اخذ السبايا و مفردتها سبية... و التي حورت مع الوقت الى صبايا و مفردتها صبية.

-- الم يسبي جيش الامويين حرائر اليمن المسلمات .

-- ثم الم تساق نساء بيت الحسين بن علي بعد كربلاء بالاغلال الى دمشق .

-- مشكلتنا ان الاسلاميين يطلبون الحكم بحجة إحياء دولة نموذجية لم يكن لها وجود اصلا في اي عصر ,فحتى الخلفاء الراشدين الاربع قتل منهم ثلاثة اثنان منهم بصراع بين المسلمين , و ما تلى ذلك أشد بشاعة.

-- المهم هو صلاح المجتمع و هذا يجب ان يكون دور المصلحين الاسلاميين .

-- اما الحكم فادفعوا له اهل الكفاءه و استأجروا له القوي الامين و ليس الناسك الصالح فذلك موقعه بين الناس يهديهم .

-- تريدون النساء في ساحات السياسة وهل تتوقعون ان يعاملهن الخصم كربات البيوت .

-- قوة حركة الاخوان هي الساحة الاجتماعية فابقوا هناك و ضعفهم في الساحة السياسية فإبتعدوا عنها .

-- و من يظن ان المجتمع و الحكم ساحة واحدة لم يقرأ رسالة الاسلام بعمق كاف .

.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012