27-11-2010 11:30 PM
كل الاردن -
سلامه الدرعاوي
منذ سنوات قليلة والاردنيون يسمعون عن وجود ليبراليين ومحافظين في السلطة يتصارعون على المناصب ويتبادلون الادوار الرسمية كما يتبادلون الاتهامات فيما بينهم على اعتبار انهم انصار مدارس فكرية مختلفة وبالتالي فان التضارب في منهجية الحكم امر طبيعي, والحقيقة غير ذلك على الاطلاق.
في الواقع لا يوجد في الاردن لا ليبراليون ولا محافظون, انما هناك تصارع بين فئة من المجتمع للسيطرة على المناصب الرسمية من اجل تنفيذ اجنداتها الخاصة, وهم اشخاص يجيدون اللعب بالاوراق الثلاث, ولتغطية اعمالهم المشبوهة وفسادهم الذي يمارسونه اثناء العمل الرسمي يحاولون اطلاق اوصاف فكرية على اعمالهم وانهم تيار اصلاحي فيما الطرف الآخر رجعي.
الدليل على ذلك ان الفئتين اللتين تتبادلان الاتهامات على الدوام, وقد انتقل صراعهما فعليا الى وسائل الاعلام بعد ان انضم بعض الكتاب الى فئات الليبرالية والمحافظة المزعومتين, مارستا السلطة والعمل العام لفترات زمنية كافية فماذا حققا للبلد من نهجيهما ان كان صحيحا انهما من انصار مدارس فكرية?
بالنسبة لاؤلئك المحافظين فان الكثير منهم ترعرعوا في كنف القطاع العام ضمن عقلية ومنهجية رسمية, ومارسوا كافة اشكال الادارة واسسوا لمنظومة قوانين وقد اخفقوا في تحقيق التنمية المستدامة واغرقوا المملكة في مستنقع المديونية وترهل كبير في القطاع العام وتراجع عام في مستوى المعيشة ناهيك عن شبهات فساد طالت اعمالا معينة في بعض السنين, ولا ننسى ان الاقتصاد الوطني انهار ايام بعضهم اواخر عقد الثمانينيات, علما ان الذين كانوا يشرفون على العملية الاقتصادية هم من خريجي الجامعات الغربية الراقية ومن انصار اقتصاديات السوق الحر.
اما من يطلقون على انفسهم بالليبراليين فانهم يزعمون انهم من انصار مدرسة فكرية جديدة مبنية على اسس واضحة وحرية وفلسفة في ادارة الحكم, والنتيجة كانت ان هؤلاء الذين تساقطوا على القطاع العام بالبراشوت واستلموا زمام الادارة الرسمية للدولة تفننوا في تفتيت الجهاز الرسمي الاصيل واستحدثوا مؤسسات رديفة للوزارات بقوانين خاصة استطاعوا خلالها تنفيذ اجندات خاصة حققت لهم مكاسب مالية كبيرة في حين عادت بالويل على خزينة الدولة.
هؤلاء الليبراليون الذين اداروا عملية خصخصة موارد الدولة وباعوا ملكيات الخزينة في الشركات بثمن لا يعادل ربح شركة تعدين واحدة في سنة واحدة فقط, هلعوا في السنوات الاخيرة الى مضاعفة الدين العام للمملكة لاكثر من ثلاثة اضعاف وتجاوزه لما كان عليه لحظة انهيار الدينار سنة .1989
وهم انفسهم من قام بتأسيس برامج اطلق عليها تنموية وهي في الحقيقة غير ذلك واضاعوا موارد الدولة مثلما حدث في برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي الذي انفق 356 مليون دينار من اموال المساعدات دون مساءلة, او مثل صفقة نادي باريس التي اضاعت من خلالها عوائد التخاصية لشراء جزء من ديون نادي باريس في صفقة مازالت الى يومنا هذا تثير تساؤلات حول كيفية القيام بمثل هذا العمل الذي يفتقد لابسط قواعد دراسات الجدوى ولمصلحة من انجزت الصفقة?.
بالمحصلة, الدين على حاله والفقر في كل مكان مصحوبا ببطالة منتشرة بين آلاف الشباب, والفساد تطور كثيرا لدرجة ان البعض يشعر ان هناك مؤسسة معنية بتنظيمه اكثر من مكافحته, ولا يوجد من يحاسب او يقيم, ومن يدخل في السلطة يتملك القرار, ويعمل ما يشاء, واذا ما تحدثت الصحافة عن فساد او شبهات من هذا النوع اتهمت وسائل الاعلام بانها تغتال الشخصيات ولا ادري لماذا لا يتم التدقيق فيما يكتب لتبيان الحقيقة للشارع العام المتعطش لمحاسبة من اضاع موارد البلاد.
اخيرا لا يوجد لا ليبراليون ولا محافظون في الاردن بل يوجد فاسدون مفسدون, والصراع مستمر بينهما طالما انه لا يوجد من يحاسب او يقوّم السياسات والاعمال.0
salamah.darawi@gmail.com