28-11-2010 09:37 PM
كل الاردن -
سلامه الدرعاوي
بدلا من مواصلة سياسات الدمج بين المؤسسات الرسمية لجأت حكومة الرفاعي الثانية الى استحداث وزارة المشاريع الكبرى بعد ان تم فصلها عن وزارة تطوير القطاع العام حققت رقما قياسيا في استبدالها وتغيير شكلها من حكومة لاخرى.
تارة تسمى تنمية ادارية, واخرى تطوير القطاع العام تم مراقبة الاداء الحكومي ومرة يتم دمجها وهكذا والغريب من ذلك كله انه لا قطاع عاما تطور ولا تنمية ادارية حدثت ولا رقابة فعلية على الاداء الحكومي انجزت, والمحصلة ان الترهل والبيروقراطية اصاب معظم مفاصل الدولة الرسمية والانجاز متواضع, لا بل تم تفتيت معظم هيئات القطاع العام بقوانين ادت الى ما نحن فيه الان من تضخم كبير لجهاز الدولة مصحوبا بزيادة هائلة في النفقات الامر الذي ساهم سلبا في الوصول لعجز مزمن غير مسبوق في الموازنة (1.5 مليار دينار) لسنة ,2010 ولا احد يعلم لماذا لم يتم مساءلة او تقييم عمل هذه الوزارة التي حصلت على اكثر من مليار دولار كمساعدات من البنك الدولي لاصلاح القطاع العام ?.
الجديد هو وزارة تطوير المشاريع الكبرى, طبعا المقصود بهذه المشاريع قناة البحرين والديسي والطاقة النووية والصخر الزيتي وغيرها من المشاريع التي تتغنى بها الحكومات في كل الاوقات دون الحديث الفعلي عن خطوات السير التنفيذية لها.
بعض تلك المشاريع جرى تنفيذها مثل جرمياه الديسي حيث كانت نسبة الانجاز فيه اقل مما هو مخطط له بكثير ناهيك عن اجراءات العمل التي تتم ببطء شديد, والمشروع هو من اختصاص وزارة المياه التي وقعت كافة اشكال عقود واتفاقيات المشروع قبل ان تكون هناك وزارة معنية بالمشاريع بالكبرى.
اما المشاريع الاخرى فكل منها يملك وزارات وهيئات رسمية معنية بها حسب القانون, مثل هيئة الطاقة النووية ووزارة الطاقة. وهكذا فلماذا يتم سحب بساط هذه المشاريع الى وزارة لا احد يعرف كم ستبقى عاما أم عامين? وقد تلتغي مع رحيل الحكومة فلا يوجد شيء ثابت في العام المقبل, فالكل يتغير ويتبدل دون مساءلة او محاسبة او تقييم.
والمشاريع السابقة التي هي اصلا من اختصاص جهات رسمية بحكم القانون فإذا كانت الحكومة معنية بعملية تسريع اجراءات السير في هذه المشاريع بامكانها إنجاز عمل ذلك من خلال وحدة تنسيق بين رئاسة الوزراء والوزارات المختصة لا ان يتم تفصيل وزارة جديدة لا يقابلها اي وزارة في اي حكومة بالمنطقة ولا ادري من سيكون نظير وزير المشاريع الكبرى في اجتماعات اللجان العليا المشتركة بين الاردن والدول الصديقة في حال اجتماعها.
من التجارب السابقة تبين انه في السنوات القليلة الماضية التي جرى فيها استحداث برامج تنمية او هيئات خارج رحم الدولة كان الهدف منها هو تمرير صفقات معينة تحت مظلة رسمية مزعومة, وكانت النتيجة اضاعة اموال وموارد على الخزينة وخسائر لحقت بالاقتصاد الاردني وتفتيت العمل العام الذي زالت هيبته وبات جسرا لتحقيق ثروات غير عادية لمن تولوا مسؤوليات من هذا النوع ?
تحت حجج الاصلاح تم تقسيم القطاع العام الى درجة اولى تسيطر عليه فئة تساقطت عليه بالبراشوت وتحكموا في القرار النهائي وحصلوا على امتيازات وعقود خاصة, ودرجة بقيت على حالها من ترهل وسوء في احوال المعيشة لهم دون تطوير او تاهيل او تحسين ودائما ما يتهمون بانهم هم من تسبب بهذا الوضع المزري للقطاع العام.
في الواقع, ان الذي تسبب بهذا الشكل المريب للقطاع العام هو تلك السياسات التي استحدثتها مجموعة من المتفهلوين على الاقتصاد الاردني الذين يملكون اجندات خاصة نجحوا من خلالها بتقسيم الدولة الى جزيئات صغيرة اضعفت القرار وشتته والمحصلة ضياع بوصلة الاصلاح.0