01-12-2010 11:39 PM
كل الاردن -
طاهر العدوان
بغياب نواب للحركة الاسلامية في المجلس النيابي السادس عشر بسبب قرار المقاطعة, فان السؤال هو: هل توجد معارضة نيابية? وإذا كانت فمن هي وما المعطيات التي تؤشر على وجودها في المستقبل القريب والبعيد?
رغم الفترة الزمنية القصيرة من عمر المجلس, التي لا تتجاوز بضعة ايام إلا ان الحراك الذي يحدث في مسألة تشكيل الكتل واتجاهاتها, وانتخاب رؤساء ومقررين للجان النيابية يدفع باغلبية الكتل في مسار واحد, ان لم يكن مؤيدا للحكومة فهو شديد القرب منها, فيما تظهر كتلة حزب التيار الوطني (13 نائبا) معزولة او شبه محاصرة. والسؤال: هل ستنتقل هذه الكتلة الى موقع المعارضة رسميا, ام انها ستقبل بالامر الواقع وتبدأ بالتعامل معه من منطلق جذب نواب جدد الى صفوفها لكسب رضا السلطة التنفيذية بحيث لا يمكن وصفها بانها كتلة معارضة.
أما كتلة التجمع الديمقراطي التي تمثل اليسار (8 نواب) يبدو من الصعب تحديد مساراتها واولوياتها, خاصة بعد ما قيل بانها دخلت في تفاهمات مع الكتل الاخرى للحصول على مواقع في رئاسة اللجان النيابية ومقرريها.
يبقى المستقلون , (20 نائبا) الذين رغم قلة عددهم الا انهم يمثلون قوة معنوية في المجلس امثال النواب عبدالكريم الدغمي وعبدالله النسور وايمن المجالي وممدوح العبادي, هؤلاء وغيرهم من المستبعد اعتبارهم في صفوف المعارضة النيابية الملتزمة بخط وبرنامج واضح, وان كانوا سيتخذون مواقف معارضة من بعض الموضوعات والقوانين التي ستدرج على اجندة النقاش.
لا يزال من المبكر رسم بيان لمسار الكتل النيابية بمختلف مسمياتها وتلاوينها, فهناك من يراهن على انفراط عقد اكثر من كتلة على ضوء نتائج التعيينات و(التوافقات) على تشكيل اللجان ورؤسائها ومقرريها, فيما يراهن آخرون على (فرط) كتلة التيار الوطني, التي تنتمي سياسيا الى المهندس عبدالهادي المجالي.
المجلس النيابي بصورته الراهنة من الغموض بحيث يصعّب القراءة التحليلية في ضوء وجود 81 نائبا جديدا, وكتلة نسائية كبيرة. والاهم, غياب وجود كتلة معارضة واضحة, فمن دون هذه الكتلة (المعارضة) واشهار نفسها بانها كذلك وبصفة رسمية معلنة من قبل نواب التيار الوطني او كتلة اليسار, فان صورة مجلس النواب ستفتقر الى الديمقراطية والتعددية, فلا ديمقراطية من دون معارضة, ولا تعددية بغياب برامج متنافسة بين الكتل النيابية. وقد يكون لهذا الوضع اثر سلبي بالغ على فرصة اعداد قانون انتخابات يلقى القبول العام او على اجراء تعديلات جدية على التشريعات الاخرى التي تدخل ضمن الـ 48 قانونا مؤقتا التي اصدرتها حكومة الرفاعي.
لقد نجح الاخوان المسلمون منذ عام 93 ، في احتلال موقع المعارضة في الحياة السياسية والمجالس النيابية, فيما فشلت احزاب الوسط واليسار والمستقلون في تبوؤ هذا الدور, ما اضعف مسألة التعددية والمشاركة الشعبية في القرارات, واكثر من ذلك الحق ضررا بعملية الاصلاح السياسي ان لم تكن سببا في تراجعها الى الخلف.
إذا لم تظهر معارضة برلمانية, مؤثرة ومشاهدة من قبل الرأي العام الاردني, فان المعارضة السياسية الحقيقية ستظل في الشارع وحكرا على الجماعة وحزب العمل الاسلامي, وهو ما لا يعكس حقائق ووقائع الحالة الشعبية في البلاد, فخلال السنوات الاخيرة ظهرت تيارات واسعة بين الاردنيين تتبنى طروحات المعارضة للسياسات الرسمية, الاقتصادية وغير الاقتصادية, وبغياب وجود ممثلين لمثل هذه التيارات او متبنين لهذه الحالة داخل مجلس النواب, فان عملية الاصلاح السياسي والمشاركة الشعبية في القرار التي دعا اليها الملك ستفقد القدرة على السير الى الامام.
taher.odwan@alarabalyawm.net