04-12-2010 08:36 AM
كل الاردن -
اخبار قرارات الاستيطان التي تصدرها حكومة نتنياهو لا تتوقف, وهي لا تستهدف القدس المحتلة فقط انما جبال الضفة الغربية وسهولها وغورها. وهذا الزحف الاستيطاني يتقدم بخطى متسارعة في حقل من الفراغ. فلا يوجد رد فلسطيني قادر على وقفه, اما المواقف الرسمية العربية فقد وضعت كل بيضها في سلة الموقف الامريكي, واكتفت بادارة الظهر لمصير فلسطين, فيما لم يغيّر البيت الابيض من سياسته شيئا, كما هي العادة, لان صلب وجوهر السياسة الامريكية في الشرق الاوسط يقوم على هدف واحد هو حماية اسرائيل واحتلالاتها وجرائمها.
ما يجري بالفعل هو تنفيذ مخطط صهيوني سابق بضم الضفة الغربية الى اسرائيل. وكل ما كان يتردد من مخططات ومشاريع ومبادرات تجعل من الضفة قاعدة لاقامة دولة فلسطينية, او دويلة ملحقة بالاردن في اطار فيدرالي او كونفدرالي ليست سوى اوهام وعلل يتمسك بها الذين يجرون خلف سراب العملية السلمية.
هنا, تعود قضية الديمغرافيا الى الصدارة. فهل ستؤدي هذه السياسة الى تحويل مسار القضية الفلسطينية, من المطالبة بدولة مستقلة الى المطالبة بدولة واحدة من النهر الى البحر? اما اننا سنشهد عمليات تهجير قسرية للفلسطينيين ليس فقط في القدس المحتلة (التي تجري على قدم وساق) انما في داخل اسرائيل نفسها (الجليل والمثلث والنقب) وفي مناطق اخرى من الضفة المحتلة?
كلا الاحتمالين مطروحين, في الدوائر المختلفة, الفلسطينية والعربية والاسرائيلية, فالفلسطينيون يتحدثون, بالعلن والسر, عن احتمالية تغيير الهدف النهائي من دولة مستقلة الى جانب اسرائيل, الى دولة واحدة ديمقراطية من النهر الى البحر. والعرب كانوا قد طرحوا ذلك, منذ مشروع العقيد القذافي الشهير عن (اسراطين) واحدة للعرب واليهود.
اما الاسرائيليون, فكان آخر من اشار الى هذا الاحتمال من باب توجيه التحذيرات الشديدة لسياسات نتنياهو الاستيطانية, هي ليفني رئيسة حزب كاديما المعارض, التي وصفت سياسة الحكومة الحالية بأنها تقود الى دولة واحدة, سيكون للفلسطينيين القدرة فيها على تغيير (هوية اسرائيل) كدولة يهودية.
والان ما هي قدرة حكومة نتنياهو على تنفيذ مخطط ضم الضفة الغربية الى اسرائيل? وبالمقابل, ما هي قدرة السلطة الفلسطينية على افشال هذا التوجه والتمسك بهدف الدولة الفلسطينية التي يصر الرئيس محمود عباس عليها, مضيفا (انه يريد دولة الى جانب دولة اسرائيل).
على ارض الواقع, تنهال قرارات ومشاريع الاستيطان اليهودية في سرعة محمومة للاستيلاء على الارض وتغيير هويتها من القدس الى نهر الاردن, وبالمقابل تقوم حكومة السلطة بعمليات بناء في ما يسمى بمخطط حكومة فياض لبناء مؤسسات الدولة. الاول, اي نتنياهو يريد دولة يهودية, يكون فيها للفلسطينيين (معازل) تمنح حكما ذاتيا خاصة في المدن الكبرى, والثاني, اي محمود عباس يريد بناء نواة دولة طريق اقامتها يتم عبر وقف الاستيطان.
وبين الهدفين, الفلسطيني والاسرائيلي, يبدو اي حديث عن سلام وشيك او سلام مقبل بينهما هو ضرب من الخيال. ولا يبقى غير الرهان على مسألة واحدة هي ثبات الفلسطينيين فوق ارضهم في فلسطين. مع تمسك اللاجئين بحق العودة, ذلك ان هوية اي وطن لا تتحقق فقط بامتلاك الارض, انما بالوجود البشري عليها. فالقنبلة الديمغرافية الفلسطينية هي الرهان المتبقي في زمن الانحدار واليأس والخنوع للتحالف الامريكي- الصهيوني.
' العرب اليوم '