أضف إلى المفضلة
الخميس , 23 كانون الثاني/يناير 2025
شريط الاخبار
إدارة ترامب تقبل استقالة سفيري واشنطن في الأردن والسعودية ولي العهد يلتقي رئيس وفد البحرين في المنتدى الاقتصادي الصفدي: أمن الأردن يحميه الأردنيون وتفجر أوضاع الضفة يؤثر على المنطقة وزير الدفاع السوري: بناء القوات المسلحة لا يستقيم بعقلية الثورة والفصائل سويسرا تدرس شكاوى ضد الرئيس الإسرائيلي وزارة الصناعة: عدم استيراد الشعير يعود لارتفاع سعره عالميا ابو صعيليك : مقابلات توظيف حكومية مسجلة بالصوت والصورة .. ووظائف خارج جدول التشكيلات المقاومة تكشف أدوات تجسس زرعها الاحتلال في غزة ولي العهد يلتقي رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مندوبا عن الملك .. ولي العهد يشارك بأعمال المنتدى الاقتصادي العالمي - صور رئيس هيئة الأركان المشتركة: القوات الخاصة ركيزة أساسية في الحفاظ على أمن الوطن الملك يزور دار الدواء بمناسبة 50 عاما على تأسيسها - صور بالتفاصيل ... قرارات مجلس الوزراء النواب يحيل 6 مشاريع قوانين إلى لجانه المختصة النائب طهبوب: الهدف مرصود والرشاش جاهز
بحث
الخميس , 23 كانون الثاني/يناير 2025


الإنسان

بقلم : احمد حسن الزعبي
17-03-2014 12:15 AM
منذ شهر واغلبية أخبار وزارة التنمية الإجتماعية , إما مرتبطة بالزوجات اللواتي يتعرضن للتعنيف , وإما بدور الرعاية ..وإما بالأطفال مجهولي النسب , بمعنى اخر كلها مرتبطة (ببلاوي زرقا) ...
للان لم تنتبه وزارة التنمية لتصاعد ظاهرة التسول على الإشارات ... أول أمس وأنا متجه للزرقاء , جاء أحدهم ووضع على الإشارة صبية, معاقة على كرسي خاص للمقعدين , الصبية مبتورة الأقدام ..ومبتورة اليد اليمنى وتظهر عليها معالم الإعاقة العقلية , وفي إنتهاك صارخ لقيمة الأنسان ..تم رفع البنطال عن أقدامها المبتورة ويدها أيضا .... وتم وضع (كرتونة) فارغة أمامها من أجل لم ( الغلة) ..
في الجهة المقابلة وقف شاب وبدأ بالمراقبة , وكان البعض ينزل من السيارة ويضع مبلغا ماليا....بشاعة المنظر والإنتهاك الصارخ للقيمة الإنسانية , جعلني أتوقف بعد الإشارة وأبدأ بالمراقبة , تبين لي أن الشاب الموجود في الجهة المقابلة من الشارع كان يتقدم كل نصف ساعة , ويقوم بجمع ما وضعه الناس في (الكرتونة) الفارغة ...
في النهاية ولعدم قدرتي على تحمل البرد , ذهبت إليها ..وأكتشفت أن رجفة جسدها تجعل الكرسي هو الاخر يهتز , وأكتشفت أنها لا تملك قدرة على النطق ولكني عرفت أنها بحاجة للماء ...وكانت دموعها تسيل ليس بدافع البكاء وإنما نتيجة طبيعية لحجم البرد التي تتعرض له , حاولت أن أنزل الرداء على القدمين ...أن أبعدها قليلا عن الإشارة حتى لا تتأثر بأدخنة السيارات ...ولكني إكتشفت في لحظة أن جيشا من المتسولين جاء إلي ...يريدون حمايتها مني وأحدهم قال لي :- هاي أختي .
وأنا لم أترب في القصور الفارهة ولم أتلق تعليمي في السوربون ...أنا أعرف الحياة بتفاصيلها وبكل صخبها ووجعها , وأعرف الزقاق من أولها إلى اخرها ...أوهمتهم أني أحمل مسدسا ووضعت يدي على خصري وتلك المرة الأولى في حياتي التي أفعلها ...ولو أن القانون يحمي العواطف لما توانيت لحظة عن قتلهم جميعا لو كنت أحمل ذاك المسدس المزعوم. هربوا كلهم , ولم أعرف في تلك اللحظة ماذا أفعل مع بنت في (الخامسة عشرة من عمرها) مبتورة الاقدام ومعاقة , وأظن أن الماء لم يلمس شعرها منذ عام ...وأجزم أن الحياة أخذت منها كل شيء ..لم أعرف ماذا أفعل غير البكاء , والعجز ...تلك المرة الأولى في حياتي والتي أبكي فيها على أرصفة شوارع عمان ...وتلك المرة الأولى التي ينشغل فيها مجتمعنا بمعاهدة السلام والربيع العربي , وحكومة النسور وننسى أننا فقدنا جزءا من إنسانيتنا ....
في النهاية عدت لسيارتي مهزوما , وعيون تلك العصابة التي كانت توظف البنت ظلت ترقبني , وأنا في لحظة تمنيت أن أفعل شيئا لها ...ولكن لا الحال ساعدني ولا يدي المرتجفه ولا برد عمان ...ولا دولة تخلت عن واجبها .
وزارة التنميه لا نعتب عليها , لأننا لا نرتجي شيئا منها ..ولكننا نعتب على زمن جعل من عصابات حقيرة ودنيئة توظف إعاقة الناس وعجزهم من أجل التسول ...
لقد اكتشفت فيما بعد أن هذه البنت توظف من قبل بعض العصابات للتسول ويتم تبادلها وبعضهم قال لي أنها تباع من قبل مجموعة لأخرى ...
على ماذا يقتل الإنسان ؟ ألا يمارس القتل دفاعا عن شرفه وكرامته ....وماذا عساي أن أفعل حين يتم سلب أنثى كرامتها وإنسانيتها وتصبح سلعة توظف على إشارات عمان من أجل ( الشحده) ...تمنيت وقتها لو أقتلهم جميعا هؤلاء الذين يتاجرون بالبشر كسلعة ويستخدمونهم كأداة.
إن اصعب شيء نمر به الان هو حين نلتفت للسياسة ونحترف شيئا إسمه الربيع العربي وننسى إنسانيتنا ...هي ضاعت ولم ننساها فقط .
(الراي)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
17-03-2014 01:05 AM

.
-- سامحك الله يا استاذ أحمد فتحت لي جرحا قديما.

-- كنت كثير التردد على اديس ابابا عاصمة اثيوبيا و هي مليئة باطفال الشوارع ..و كنت بعد مواعيدي اجلس في كافيتيريا على شارع بولي رود الرئيسي احتسي القهوة يوميا بعد الظهر و يتواجد امام الكافيتريا حراسا يحملون الخيزران لإبعاد المتسولين .فيقفون على الرصيف المقابل دون تحرك لساعات.

-- و لفت انتباهي طفلة في السادسة او السابعة كانت كل يوم تحدق بي من بعد و تشير بيدها الى قدمها .

-- و في يوم كان برفقتي رجال اثيوبيين فطلبت منهم مرافقي للذهاب و التحدث للطفلة و فهم ما تريد.

-- فقالت لهم ترجموا له اريد حذاء و نظرت الى قدميها فرأيت تشققات تدمي فقلت لمن معي قولوا لها سأشتري لها حذاء و ملابس , فأجابت : اريد حذاء و بدلا عن الملابس اشتري بثمنها احذية لزميلاتي و كان حولها حوالي عشر بنات من عمرها ..فتعجبت من وعيها و روح التضامن لدى طفلة في عمرها.

-- فسألت من معي كم قيمة الحذاء فاجاب نصف دولار اي انني استطيع بخمسة دولارات فقط ان اشتري احذية للعشرة فتيات .. فطلبت من سائق من معي ان يأخذ الفتيات لشراء احذية لهن و عدت الى الكافيتريا انتظر عودتهن .

-- وبعد ساعة عادت الفتيات و كأنهن ملكن العالم فبكيت امام الجميع .

-- وعدت في اليوم التالي في نفس الوقت للكافيتيريا فلم ارى ايا من الفتيات على الرصيف المقابل و كذلك لليوم التالي .

-- في اليوم الثالث رأيت الفتاة و معها رفيقتين و لكن حفاة و مصابات بكدمات قوية ملاحظة عبر الشارع فإتجهت صوبهن فهربن هلعا .. و عرفت لاحقا بأن من يشرف عليهن باع احذيتهن و تعرضن لضرب مبرح لكي يبقين في حالة مزرية تستجلب الشفقة.

-- اكثر من عشر سنوات مرت على الحادثة و كأنها ماثلة امامي .

.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012