13-12-2010 09:31 PM
كل الاردن -
سلطان العجلوني
لم يعرف التاريخ قرناً يستحق أن نسميه قرن الثورات كما هو القرن العشرين..
ولست في صدد الحديث عن الثورة بمعناها التعبيري كالثورة الصناعية والعلمية والتقنية، بل عن الثورة الفعلية، ثورة الشعب المقهور على المحتل الخارجي أو المستبد الداخلي ...
باختصار تاريخي لا تختلف الثورات عن بعضها البعض؛ شعب حر يأبى الضيم فيتمرد عليه ويتحرر من القمع والتبعية..
وإذا سلّمنا بأن الثورة أشبه بالدواء المرّ لداء عضال، فإن لكل دواء أعراض جانبية، وللثورات أعراض جانبية أيضاً قد تكون أحياناً أسوأ وأشد بلاء من الداء ذاته..
في هذه العجالة نتحدث عن عرَض واحد من هذه الأعراض العديدة، لا لشيء إلا لأنه يتكرر في العديد من التجارب الثورية التي نعرف، ألا وهو تقديس الثورة ورفعها فوق الشعب والوطن.
فالثورة جاءت أساساً من الشعب ولأجله، ومن تراب الوطن وفي سبيله، ولكن بسبب الظروف التاريخية والتضحية من جهة ونشوة الانتصار وتبدل الجيل الثوري و'توريث الثورة' من جهة أخرى تنقلب الموازين، فالثورة تصبح هي الشعب وهي الوطن، ثم يتطور الأمر أكثر من ذلك فتصبح الثورة ( المجسَّدة طبعاً في شخوص الثوار المجاهدين المناضلين وورثتهم ) إلى كيان مقدس يجب على الوطن والشعب أن يحيى لأجلهم ويتحمل كل شيء منهم، ولا يتطاول عليهم بالنصح أو النقد، فهم الثوار الذين حرروا البلاد، وهم القادة الملهمون، وهم الإداريون، وهم الوطن ذاته!!
هم وهم فقط يمكنهم أن يديروا سياسة البلاد واقتصادها وعلاقاتها الدولية، وهم وهم فقط ومن غير رقيب ولا حسيب المؤتمن الأوحد على موارد البلاد ورقاب العباد..
من ينتقدهم أو يرفع طموحه لمشاركتهم بناء البلد خائن مرتبط بأجندة خارجية، ومن يطرح مشاريع إصلاحية عميل متضرر من الثورة حتى لو ولد بعدها، فالثورة فوق المكان والزمان والشخوص ( إلا شخوص حزب الثورة ).
والنتيجة عودة البلاد إلى التخلف والخوف والفقر والفساد، ولكن هذه المرة بيد أهل البلد لا بأيدي الغرباء، وهو أمر أنكى وأشد وأصعب على التغيير؛ فعندما تقاتل ضد الغريب فأنت ثائر، وعندما تقاتل ضد الطاغية فأنت مناضل، ولكن ماذا تكون عندما تقاتل ضد الثورة؟؟؟؟
ويبقى التساؤل الشرعي والمنطقي حول ' حتمية تقديس الثورة '، كيف يضمن الشعب وفاء الثورة له بعد الانتصار؟ وكيف السبيل إلى إثبات خطأ المقولة القائلة بأن: الثورة يفجرها حالم ويستشهد فيها البطل ويقطف ثمارها الجبان؟؟