أضف إلى المفضلة
الأحد , 22 كانون الأول/ديسمبر 2024
الأحد , 22 كانون الأول/ديسمبر 2024


«عرض جاد»!!

18-12-2010 01:24 AM
كل الاردن -

ياسر الزعاترة

لم يكن متوقعا أن توافق لجنة متابعة المبادرة العربية على العودة إلى المفاوضات المباشرة بعد فشل الإدارة الأمريكية في دفع نتنياهو نحو تجميد الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر (فقط ثلاثة أشهر) ، فمثل هذا الموقف سيتسبب في إحراج كبير للقيادة الفلسطينية ومرجعيتها المصرية وللعرب عموما.

 

من هنا وللخروج من مأزق الرفض الحازم الذي يستعيد شرط وقف الاستيطان ولا تستطيعه القاهرة ، كما لا تستطيعه السلطة التي تعيش على المفاوضات وعوائدها الاقتصادية (المعونات) والسياسية (التأكيد على أن وضع السلطة تحت الاحتلال الراهن ليس نهاية المطاف) ، للخروج من المأزق المذكور تفتق ذهن الطرفين المصري والفلسطيني عن صيغة أخرى عنوانها أن تقدم أمريكا 'عرضا جادا' لاستئناف المفاوضات.

 

و'العرض الجاد' المذكور هو تعبير فضفاض بالطبع ، إذ مَن هو المؤهل للحكم على ما إذا كان العرض المقدم جادا أم لا؟ إنها الدبلوماسية المصرية بالطبع ، وإلى جانبها سلطة 'الحياة مفاوضات' وقادتها الذين سيصبحون في العراء إذا ما أعلنوا فشل المفاوضات (خيارهم الوحيد) ، هم الذين دأبوا على القول: إن ما لا يحل بالمفاوضات سيحل بالمزيد منها.

 

واللافت هنا أن مصطلح 'العرض الجاد' يبدو منسجما إلى حد كبير مع الرؤية الأمريكية الرامية إلى إنجاز 'اتفاق إطار' يكون مقدمة لعملية سياسية خاصة بمرحلة أوباما ، وهو ما أعلن عنه ميتشيل في رام الله وفي القاهرة ، لولا أنه كان من الصعوبة اعتبار ذلك أمرا عظيما بعد الفشل مع نتنياهو في ملف الاستيطان.

 

الآن سيبدأ ميتشيل في العمل على إنجاز 'اتفاق الإطار' الذي سيصاغ بشكل ذكي على طريقة أوسلو ، بحيث يمكن اعتباره جادا وكافيا لعودة المفاوضات المباشرة ، في ذات الوقت الذي يكون فيه فضفاضا ولا يفرض شيئا على الدولة العبرية غير ما يتم التوافق عليه ، بقدر ما يكرس المشروع الوحيد الذي يتحرك على الأرض ممثلا في مشروع السلام الاقتصادي أو الدولة المؤقتة التي بات القوم أكثر قابلية للموافقة عليها بعد رفض طويل بالكلام فقط.

 

والحق أن القوم لم يتوقفوا لحظة واحدة عن مطاردة المشروع المذكور ، من دون أن يقولوا أنهم يفعلون ذلك ، وإلا فما معنى التنسيق الأمني المحموم الذي يركز على استعادة الصلاحيات الأمنية في المدن الفلسطينية (مناطق أ) وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل اندلاع انتفاضة الأقصى نهاية أيلول عام 2000 ، ومن ثم تطوير الوضع نحو تحويل مناطق ب إلى أ ، مع أمل بأن يصل الوضع في غضون عامين أو أكثر إلى السيطرة الأمنية على سائر تجمعات السكان الفلسطينيين باستثناء القدس ، وبتعبير أدق ، وضع الأساس لدولة الجدار الأمني التي ستسمى مؤقتة ، بينما يعلم الجميع أنها ستغدو دائمة وذات نزاع حدودي مع جارتها.

 

في الأثناء ، ومن أجل دفع السلطة ومرجعيتها العربية (مصر) إلى النزول عن الشجرة والموافقة على العودة إلى المفاوضات المباشرة ، سيعلن عن اتفاق الإطار المذكور ، فيما سيجري منح السلطة بعض الحوافز التشجيعية مثل نقل الصلاحيات الأمنية في بعض المدن لأجهزة السلطة ، الإفراج عن بعض السجناء ، تفكيك حواجز جديدة ، وقد ينطوي الأمر على تحسين طريقة التعامل مع حملة بطاقات الفي آي بي بعد مرحلة من 'البهدلة' التي مروا بها خلال الشهور الأخيرة،،

 

هكذا نفهم على نحو واضح حكاية 'العرض الجاد' الذي سيخرج به العرب بقيادة مصر من مأزق الرفض إلى ساحة التفاوض من جديد ، فيما يدرك الجميع أن من العبث لمن يعجز عن تجميد الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر في الأراضي المحتلة عام 67 ، من العبث أن يواصل الحديث عن الدولة المستقلة كاملة السيادة على تلك الأرض.

 

تلك مهزلة لم تعد تمر على شعبنا ، لكن قدرته هذه الأيام على الرد عليها تبدو متواضعة في ظل وضع داخلي وعربي ودولي سيء ، لكن ذلك لا يعني تمرير اللعبة بينما يواصل نتنياهو العبث بالقدس ومقدساتها والاستخفاف بالفلسطينيين والعرب أجمعين ، بل بالولايات أيضا ، فقد عودنا هذا الشعب العظيم على اجتراح المعجزات ، وستبقى جعبته حافلة بالمفاجآت حتى يتحقق الانتصار الأكبر.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
18-12-2010 07:50 PM

اتفاق اطار, عرض جاد, فرصة حقيقية, حل مرحلي, نبذ العنف, مفاوضات ليوم المفاوضات, مفاوضات لأبو موزة....الخ الخ من التعابير التي تزدحم بها ذاكرتنا جرّاء الطحن بالماء الذي يمارسه جماعة المفاوضات حياة ومن خلفهم الجدعان!! عرض جاد هو اخر مصطلح جديد لنج "بعده بالكرتونة" ينتظر التسويق علينا كشعوب! والذّي استغربه يا سادتي هو مقدار الاستغباء الذي يحاول جماعة المفاوضات ممارسته علينا, حيث لا يحترمون عقولنا أبداً أو بصراحة ليس بمقدورهم التّخلص من ورطهم الأخيرة –اشتراط وقف الاستيطان- وهم الذين عجزوا عن التخلص من ورطاتهم الكثيرة بسبب إيمانهم الشديد بالحلول المرحلية و وبسبب تصديقهم للأمريكان والصهاينة, وقبل هذا كلّه بسبب إسقاط خيار المقاومة بل ومحاربتها!! كل هذا يدلل على سقوط الاستراتيجية التي اتبعها هؤلاء منذ ظنّوا أنهم باعترافهم بالدولة الصهيونية فسوف يستطيعون "العمل معهم من أجل السلام" لا يزالون يتحدثون عن "شركاء السلام", وهناك تحليل رائع جداً على الجزيرة نت, كتبه سيف دعنا بعنوان مأساة منظمة التحرير تناقض الفكر والمشروع , تحليل يوجز الحدث بشكل رائع حين يدلل على نجاح الصهاينة بتحويل مشروع منظمة التحرير وتقزيمه تدريجياً , ومن ثم عكسه تماماً ليتحول على أيدي من نجا من الاغتيال(.........) من قادتها الى مشروع يدافع عن مشروع الصهيونية بدلاً من محاربته بالأصل حيث كان هذا هو الهدف من انشاء المنظمة واذا بهم يخرجون بالاختراع العبقري المسمَى سلطة حسب وصفهم هم!!, ويعرض الكاتب الى الفكر السياسي الفلسطيني حيث يقول" الفكر السياسي الفلسطيني لم يسهم فقط في تعزيز القطرية (فلسطنة الصراع) على حساب موضوعية قومية وعروبة الصراع, بل شوه الاثنين, وبدل بناء تصور فعال لعلاقة الوطني بالقومي أنتج علاقة مشوهة ساهمت في تبريرها وتعميمها قراءات مضطربة لهزيمة 1967 ورؤى مغلوطة لمعناها قادت فيما قادت إلى استدخال فكر سياسي قطري مشوه." وفي هذا انسلاخ تام عن الرؤية السليمة للأمن القومي العربي الاسلامي, ونهايةً سقطة أخرى لهم تسجل عليهم, وسيمكر بهم الصهيوني وسيبيعهم الأمريكي بأبخس الأثمان.... عذراً يوجد في حلقي لوح صبر مر وليس شوكة واحدة فقط !!

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012