18-12-2010 01:26 AM
كل الاردن -
عريب الرنتاوي
أعلن مصدر فلسطيني مسؤول ، أن الرئيس محمود عباس سيتوجه برسالة إلى الشعب الفلسطيني والأمة العربية ، يعلن في ختامها ، استقالته من جميع مناصبه ، وإحالة نفسه إلى التقاعد ، ورجح المصدر أن يتخذ الرئيس عباس قبيل استقالته ، قرارات بإقالة عدد كبير من المسؤولين السياسيين والأمنيين ، الذين رافقوه طيلة رحلة السنوات الخمس الفائتة ، وفيما يلي أبرز ما تتضمنه ، خطبة الوداع:
يا أبناء شعبنا الفلسطيني العظيم...با أبناء أمتنا العربية الماجدة:
أقف أمامكم اليوم وقفة مصارحة ومراجعة واعتذار...تليق بما يمكن وصفه 'آخر لقاء' معكم وأنا في موقع المسؤولية ، فقد عودتكم على المصارحة ، بل والمصارحة الجارحة ، التي أثارت غضب الكثيرين منكم ، ممن نشأوا وتتلمذوا على خيار المقاومة والانتفاضة والكفاح المسلح...بنفس الروحية سأحدثكم اليوم ، عن خيار المفاوضات والسلام ، الذي آمنت به ، وعملت عليه طيلة حياتي ، وأحلته إلى 'سياسة وطنية عليا' مذ توليت مقاليد 'الرئاسات' خلفاً للزعيم التاريخي الراحل ياسر عرفات.
لقد وصل هذا الخيار ، طريقاً مسدوداً ، وأصدقكم القول ، بأنني مصدوم حقاً لرؤية رهان حياتي ينهار أمامي دفعة واحدة ، لقد قدتكم على هذا الطريق ، ونزعت أنياب مقاومتكم وأظافر انتفاضاتكم ، ودعوتكم للتطبيع بكل أشكاله ، وحثثتكم على استلهام 'ثقافة السلام' ، وأشعت بينكم بأن إسرائيل جاهزة له شأنها في ذلك شأننا تماماً ، وأنبأتكم بأن كل ما كان يفصلني أنا وصديقي أولمرت عن إتمام الصفقة النهائية ، لم يتعد البضعة أمتار ، ولم يكن يتطلب سوى بضعة أيام وأسابيع من محادثات 'السقيفة' أو 'العريشة' في منزله بالقدس....لقد أدخلت في روعكم ، أنه ما أن نَثبت للعالم بأننا شعب مسالم ، لا أنياب له ولا مخالب ، حتى تنهال علينا عروض السلام العادل والدائم والشامل ، لقد سعيت في ترويضكم للقبول بالتخلي عن قضية اللاجئين والقبول بحلول رمزية لها ، وعن أجزاء من الأرض المحتلة عام 67 لقاء دولة على كل مساحة الضفة ، وليس على كل الضفة والقدس ، وكنت بذلك أريد أن أجعل حياة شركائي من الإسرائيليين سهلة للغاية ، لكن ذلك لم يُجد نفعاً أبداً ، فهؤلاء قوم لا يريدون السلام ، ويفضلون عليه الاحتلال والاستيطان ، أولمرت لا يختلف عن نتنياهو ، والاثنان لا يختلفان بشيء عن شارون وباراك وحتى الراحل رابين ، الذي طالما خاطبه أبو عمار بـ'شريكي' ، كلهم كذّابون ومخادعون ، كلهم توسعيون واحتلاليون عنصريون.
كل شيء تغير الآن ، حتى العالم الذي طالما وجهنا أصابع اللوم للراحل عرفات ، على الإخفاق في كسب ودّه ، خصوصا الولايات المتحدة ، انقلب علينا ، وتبنى وجهة النظر الإسرائيلية ، مع أنه هو أول من طرح شرط وقف الاستيطان لاستئناف المفاوضات ، ها هم ينقلبون علينا ، ولا يجدون مبررا كافياً للأخذ بوجهة نظرنا ، أنهم يقفون خلف 'القوي' ، والقوي في هذه المعادلة ، هو المُحتل المدعوم بالانحياز الأمريكي.
لقد سقطت الرهانات ، ولم يعد بوسعي الاستمرار في لعبة 'تبديد الوقت' و'ترويج الأوهام' ، لن أخدعكم بعد اليوم ، أعترف بأنني فشلت ، وبأن الطاقم الذي صفق معي لهذه السياسات قد أخفق ، لن نزايد عليكم ، لن نقول لكم أننا أول المقاومين ، لن ندعوكم للأخذ بمقولة 'خياركم في الجاهلية ..خياركم في الإسلام' ، نحن فشلنا ، فريقنا فشل ، ولكم وحدكم الحق في اختيار من سيقودكم في المرحلة المقبلة ، نحن لن نكون هناك ، لن نجلس في المقاعد الأمامية بعد اليوم ، فشلنا وفشلت مبادراتنا ومشاريعنا ، سنظل في صفوف شعبنا ، ولكن ليس على رأسه أو في مقدمته.
لقد ضحينا بكل شيء من أجل هذا الخيار ، ظنّاً منا بأنه أقصر الطرق للعودة وتقرير المصير وبناء الدولة وعاصمتها القدس ، ظننا أن الطريق إلى القدس يمر بأوسلو وجنيف ومبادرة السلام العربية ، كل هذا ثبت أنه كذب في كذب ، وخداع في خداع ، ثبت أننا ضحايا أكبر عملية خداع في التاريخ ، تحمل اسماً كودياً هو 'عملية السلام' ، لن نستمر في هذه اللعبة ، كفى فقد وصلنا نهاية الطرق.
لقد ضحيت بالوحدة الوطنية على مذبح الرهانات على عملية السلام ، ، استمعت لكل مندوب وموفد أمريكي أو غيره ، نصح بعدم الاقتراب من حماس ، استمعت لنصائح بعض العرب بأن أتوخى الحذر من هؤلا 'الظلاميين' ، غلّبت رهان المفاوضات على مقتضيات الوحدة الوطنية ، زججت بالألوف في سجون السلطة ومعتقلاتها ، دمرنا بناهم ومؤسساتهم التحتية ، وأنشأنا سلطة بأسنان ومخالب لمواجهة خصوم الداخل ، وليس احتلال الخارج ، عملنا بخلاف كل ما فعله ياسر عرفات ، ظنّاً منا أن تلك الممارسات والسلوكيات ، هي المسؤولة عن إحباط فرص السلام وتبديد تعاطف العالم واضاعة فرص قيام الدولة.
إلى أن اكتشفنا الحقيقة المرة ، أنهم يريدون لنا أن نكون 'دويلة سعد حداد أو أنطوان لحد' ، لا أكثر ولا أقل ، أنا لن أكون مثلهم ، لن أرضى بهذا ، أنا ابن حركة لها تاريخ كفاحي مجيد ، حركة فجرت طاقات الشعب واستعادت هويته وقادت نضالاته طوال سنوات وعقود ، لست منبت الجذور كعملاء إسرائيل في جنوب لبنان ، أنا ابن 'النكبة' المصمم على إزالة آثارها.
لقد فشلت في قيادتكم إلى ضفاف الحرية والاستقلال ، لم يساعدني المقربون مني ، ولم يساعدني أخوة النضال في الفصائل ولم تساعدني حماس والجهاد ، لقد غلّبوا مصالحهم وحساباتهم الصغيرة ، ها أنا أمتلك القدرة على المراجعة وممارسة النقد الذاتي ، فهل يمتلكون القدرة على فعل شيء مماثل.
أما عن العرب ، فحدثوا ولا حرج عليكم ، لم أسمع منهم كلمة تشجيع واحدة على الصمود والمقاومة ، 'نصائحهم' كانت تذهب جميعها في اتجاه واحد: 'اقبل بما يعرض عليك ، لا تقاوم ولا 'تقاوح' ، اتعظ بدروس من سبقك: عرفات وصدام حسين ، هذا هو العصر الأمريكي ، 'بكفينا إللي فينا' 'بدك إيانا نحارب عشان سواد عيونك' ، إيران هي العدو ، حذار من حماس وحزب الله والإخوان ، لماذا تزور سوريا ، هل أنت مجنون لتقبل دعوة أحمدي نجاد ، إلى غير ما هنالك ، إنهم عاجزون ومفلسون ، وهم يغطون عجزهم بالقول: نقبل بما يقبل الفلسطينيون ، وعندما نحاول الخروج على عجزهم ، ينُزلون علينا غضب الأرض والسماء ، خصوصا العواصم الكبرى والشقيقات الكبريات.
لم أعد أحتمل الاستمرار في هذه اللعبة ، فالوقت من دم وحقوق واستيطان ومعاناة وحصار وألوف المعتقلين الأسرى ، لذا قررت أن أعيد الأمانة إلى أصحابها ، مشفوعة بكل مشاعر الأسف والاعتذار عن الفشل في استرداد الحقوق واستعادة الوحدة وبناء المصالحة وتأسيس قاعدة للصمود والمقاومة.
وفق الله شعبنا وحركته الوطنية ... عاشت فلسطين حرة عربية.
أخي القارئ: هذه الرسالة متخيّلة بالكامل ، وهي من نسيج أحلام صاحب هذه الزاوية ، أو بالأحرى أضغاث أحلامه ، وعذرا على أي إزعاج يمكن أن تكون قد تسببت به.