أضف إلى المفضلة
الجمعة , 24 كانون الثاني/يناير 2025
الجمعة , 24 كانون الثاني/يناير 2025


لغة مرفوضة

بقلم : د. رحيّل غرايبة
19-06-2014 01:03 AM
عندما يقول رئيس الحكومة العراقية «نوري المالكي» في تعليقه على ما يجري في العراق، إن المعركة بين أنصار الحسين وأتباع يزيد، ويضيف من أجل استثارة العواطف واستخراج كل كوامن الحقد والتعبئة الطائفية المذهبية المقيتة «بأن المعركة لم تتوقف منذ مقتل الحسين»، فقد حكم على نفسه بالطرد من ساحة العمل السياسي ولم يعد له دور بالمنافسة على تحمل المسؤولية في إدارة الشأن العراقي.

عبارة المالكي يرددها عدد كبير من شخصيات سياسية ودينية عليا، بحيث أصبحت شعاراً يتم ترديده على ألسنة العوام في كل مواجهة سياسية داخلية صغيرة أم كبيرة؛ ما يضفي طابعاً طائفياً مذهبياً على المواجهات السياسية بين الأحزاب السياسية، وفي كل معارك الصراع على السلطة ومواقع النفوذ، من أجل حشد الأتباع بطريقة عاطفية انفعالية خلف الزعامات السياسية وتحصيل أكبر قدر من المكاسب والمغانم العامة.

الخطورة في هذا التصريح أو هذا اللون من الخطاب أنه صدر عن رجل دولة ورئيس حكومة يطرح نفسه رئيساً للشعب العراقي كله بكل مكوناته الدينية والمذهبية والعرقية، ويقدم نفسه أنه صاحب برنامج سياسي يهدف إلى انقاذ العراق تحت مسمى (دولة القانون) والذي يريد أن ينقذ العراق فلا بد له من السعي إلى توحيد مكوناته وحشدها جميعاً خلف برنامج الدولة الواحدة، من أجل التفرغ إلى عملية البناء والنهوض والتنمية، ومقاومة كل نزعات التعصب والفرقة بكل أشكالها وأنواعها.

ولو صدر هذا التصريح عن خطيب جمعة، أو شيخ مسجد أو زعيم قبلي، لكان أقل أثراً من رجل يتبوأ منصب رئاسة الحكومة، ويتولى مسؤولية حماية الشعب العراقي كله، ويتحمل مهمة إرساء العدالة، وتحقيق المساواة بين جميع أفراد الشعب العراقي وبين كل المواطنين بلا استثناء.

ما تفرضه الأعراف السياسية، وما يفرضه منطق المسؤولية ونظامها العام الذي يخضع له العقل العالمي الجمعي، بأن من يفوز في معركة الانتخابات ويصبح رئيساً للحكومة أو رئيساً للدولة، ينبغي أن يتخلى عن تمثيله الحزبي أو الفئوي وأن يرتفع إلى مستوى تمثيل الشعب كله منذ لحظة فوزه بالموقع، وأنه أصبح مسؤولاً لكل المواطنين دون تفريق بين من انتخبه ومن لم ينتخبه، فهذا أمر بديهي ليس محلاً للخلاف بين العقلاء، إذ ليس معقولاً أن يبقى أسيراً لتصور تمثيله الحزبي أو الفئوي الضيّق، وأن يبقى ينظر بعدائية لأتباع منافسه الخاسر، ويبقى أسيراً للعيش بعقلية الانقسام والتعصب.

القضية الكبرى التي يجب أن تظل محلاً للحوار الدائم والمستمر بين الفعاليات السياسية والاجتماعية والعملية، هي تلك المتعلقة بضرورة نقل المجتمع ونقل الأحزاب وكل القوى السياسية من مربع التنافس الديني والمذهبي والعرقي إلى مربعات التنافس البرامجي، وأن نسهم جميعاً في تطوير الأداء الانتخابي وتطوير معايير الفرز والاختيار لدى عامة المواطنين، نحو اعتماد مبدا الكفاءة والأمانة والقوة والحفظ والعلم، كما علمنا اسلامنا وقرآننا وتراثنا الحضاري العظيم، وعدم الذهاب إلى أساليب الحشد الطائفي، أو التبعية الدينية والمذهبية في مجال التنافس على السلطة ومواقع المسؤولية العامة.

ينبغي أن نسعى إلى تطوير الفكر السياسي السائد في مجتمعاتنا، وأن نسعى إلى تعظيم مساحات الوحدة بين مواطني الدولة وأفراد المجتمع، ويجب على كل عالم وعلى كل عاقل وكل صاحب رأي أن يجعل من الدين عاملاً من عوامل وحدة الأمة ولم شعثها، ويجب البعد عن كل ما يثير الفرقة ويؤجج الفتنة في النسيج المجتمعي الواحد.

نحن أمام منزلق خطير، يهدد أغلب الدول العربية، وهناك حرب طائفية يجري إشعالها بين شعوبنا، وهناك استجابة او انجرار خلف عوامل إيقاد نيرانها، وهناك من يصب الزيت على اللهب المتصاعد، بوعي أو دون وعي؛ ما يجعلنا على حافة مستنقع رهيب يبتلع الصالح والطالح، إن لم يتمكن المصلحون من تدارك الموقف، ووقف التدهور المريع.
(الدستور)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
19-06-2014 08:11 AM

مقال منطقي اشاركك الراي

2) تعليق بواسطة :
19-06-2014 09:13 AM

يا فضيلة الشيخ الدكتور ارحيل المحترم، هل المشكلة عند المالكي والطائفة الشيعية أم هي كذلك عندنا أهل السنة والجماعة...رغم أننا لا نعرف أي جماعة؟...ألم يعلن السيسي بيه الجهاد بإسم السنة والأقباط وكل طوائف مصر واحزابهم الجهاد على الشيعة والروافض والقومية وعلى سوريا؟....ألم يتصرف كزعيم طائفة ورئيس حزب رغم أنه كان رئيسا لكل مصر ولكل طوائفها؟.
المشكلة في البعير يا سيد ارحيل وليس المشكلة في الدين أو الطائفة..."ألبعير الذي لا يرى إعوجاج رقبته".

3) تعليق بواسطة :
19-06-2014 12:21 PM

تأبى الخيانه الا ان تخرج اعناقها . قالها عمر بالدراهم ونحن نقولها بالخيانه والاحقاد والجهل المدقع الذي يغلف رؤوس الروافض والمجوس اصحاب العقائد الجاهليه
والتخلف والاجرام .

يقول هؤلاء الجهله لاجهاد في غيبة الامام الى حين خروجه من السرداب هههههه . اي انهم يسقطون فريضة الجهاد ولكن عندما يتعلق الامر باهل السنه والجماعه جماعة الاسلام يشهرون سلاحهم القذر ويستغيثون بالكفار لنجدتهم ويريدون طائرات سلاح الجو الامريكي قصف الشعب العراقي ههههههه انظروا الى خيانتهم وجهلهم وحقدهم .

4) تعليق بواسطة :
19-06-2014 06:17 PM

هنالك حكمة لله من خلق البعير مِعْوَج الرقبة, ولكن قلي بالله عليك ,ما هي الحكمة من عواء المالكي على "يزيد" وتمسُّحه بـ "الحسين" إلا الفتنة؟!

5) تعليق بواسطة :
19-06-2014 07:46 PM

الحقيقة انه لم يقصر اي طرف فى هجومة على الاخر الشيعة يسبون ويلعنون رموز عظيمة والسنة تكفرهم وتبدعهم وهذة القصة لا تنتهيمنذ من اكثر من الف واربع مائة عام لقد اضطهد السنة الشيعة مئات السنين وتراكمة الاحقاد ففي البحرين اقلية سنية تحكم اكثرية شيعية وكذاللك في العراق اقلية سنية حكمت العراق حتى سقوط صدام وهناك اقلية شيعية مضطهدة في السعودية واليمن وفي كل مكان يكم فية السنة ان الظلم لابد ان يزول والشعوب المستضعفة لا بد ان تنال حريتها

6) تعليق بواسطة :
19-06-2014 09:56 PM

الامة بحاجة لمفكرين امثالك لنزع فتيل الاشتعال

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012