29-12-2010 09:11 AM
كل الاردن -
أحمد أبو خليل
استناداً إلى الصلاحيات المخولة لعميد كلية الهندسة في الجامعة الهاشمية قرر توجيه عقوبة الإنذار النهائي لثلاثة من طلاب الكلية بسبب قيامهم بتعليق ملصق غير مسموح به.
الملصق المذكور هو ورقة صغيرة موقعة باسم مجموعة طلابية رُسمت عليها خارطة الوطن العربي مع أبيات الشعر التالية:
فهبوا يا بني قومي
إلى العلياء بالعلم
وغنوا يا بني أمي
بلاد العرب أوطاني
في الأمر فجيعة مركبة, أولاً لجهة محتوى الملصق, وثانياً كونه يأتي في ظل افتقار الجامعات لأية أصوات خارجة عن سياق التفتيت والعصبيات والانتماءات الضيقة, وثالثاً لأن العقوبة وقعها أستاذ دكتور هو عميد كلية الهندسة كان يفترض أن تبقى علاقته بطلابه في إطارها الطبيعي كونه يعطيهم العلم, وقد تكون هذه رغبته بالفعل, لكن تخويله بصلاحيات إيقاع مثل هذه العقوبة يحمل الكثير من الإساءة لمركزه.
أعرف أن الجامعة تقول أن الأمر لا علاقة له بمحتوى الملصق وأن القصة تقتصر على مخالفة تعليق ونشر مادة من دون إذن, لكن هذا يحصل في جامعة تفتقر إلى الحساسية ذاتها عندما يتعلق الأمر بما يقال وينشر وينادى به من أمور تمس وحدة المجتمع ووحدة الطلبة وعلاقاتهم ببعضهم, بل إنه حصل في جامعة كانت قبل أشهر قد اقترفت خطيئة تخريج الطلبة بأرواب مصنوعة عند العدو, حينها لم نلمس مثل هذه الحساسية.
بالنسبة لي, أكتب بمرارة شديدة, ففي أوراقي القديمة كتاب فصل نهائي من جامعة اليرموك عام 1981 وقعه بحقي رئيس الجامعة آنذاك الدكتور عدنان بدران لأسباب مشابهة من حيث الجوهر, وهو قام بذلك بموجب الصلاحيات المخولة اليه أيضاً, وحرمني مع عشرة طلاب آخرين من اكمال الدراسة, وكل ما أرجوه اليوم أن يتم الاستماع لتقييم الدكتور بدران نفسه لذلك الإجراء ولتلك المرحلة. اسألوه سيما وأنه اليوم من أبرز المهتمين بما آلت اليه الحياة الداخلية في الجامعات.
أرجو أن يتم التعامل مع الأمر كاقتراح فعلي, أي أن يلتقي رؤساء الجامعات القدامى والحاليون ويناقشوا الأوضاع بمسؤولية. فعند القدامى منهم خبرة مع تحركات طلابية كبرى حزبية ونقابية ومع اضرابات ومواجهات خارج وداخل الجامعات, ليجلسوا معاً وليجيبوا على سؤال: أيهما أكثر خطورة على الوطن وتقدمه وصورته ودوره ومركزه, وجود حركات طلابية مسيسة أقصى درجات التسييس, أم سيادة روح التفرقة على أسس انتماءات ضيقة تفتت الطلاب وتشوه شبابهم وتخلخل تصورهم لمستقبلهم ومستقبل بلدهم? أيهما أفضل أن تتأزم الجامعات بسبب نشاط سياسي أم بسبب مشاجرات عشائرية? هذا إذا افترضنا أن التأزيم ضروري في الحالة الأولى.
(العرب اليوم)