تثلج الصدر هذه الهبة العربية الاسلامية لاستنكار جريمة استهداف 'كنيسة القديسين' للاقباط في الاسكندرية وقبلها الهجوم الانتحاري على كنيسة سيدة النجاة في بغداد, وهي دلالة على ان العرب لا يمكن ان يخرجوا من جلودهم, فكلهم مسلمون, سلموا امرهم لله تعالي, فمنهم من اسلم تحت راية القرآن ومنهم من اسلم تحت راية الانجيل, فالعرب المسيحيون هم ابناء الحضارة العربية الاسلامية وشركاء اصيلون للعربي المسلم في العروبة و الوطن والقرار والمصير.
جميلة حالة الاستنفار في المجتمع المصري لرفض الارهاب ورفض استهداف الاقباط, وخاصة تلك المسيرات والاحتجاجات الطلابية في الجامعات المصرية من الطلبة المسلمين دفاعا عن اخوانهم الاقباط وقد راينا لافتات مرفوعة تقول ' يا مسيحي... دمك دمي, ابنك ابني, وطنك وطني' وهتافات تقول 'يا محمد يا جرجس يا احمد يا مسكين... خلي بالك دي فتنة ملاعين' واخرى 'الاسم إرهابي... العنوان, لا وطن ولا دين' وصور تجمع الهلال والصليب في مشاهد من الوحدة الحقيقية تقشعر لها الابدان.
وقد خففت حالة التعاطف الفوري التي ابداها شيخ الازهر ومفتي الديار المصرية ووزير الاوقاف مع كارثة الكنيسة والمؤتمر الصحافي المشترك الذي عقدوه مع البابا شنودة من هول المصيبة على اخوانهم الاقباط وكانت احتجاجاتهم وكلماتهم بلسما لتضميد الجراح.
ان وجود الاقباط كطائفة مسيحية في مصر سبق الفتح الاسلامي وقد راى الاقباط في المسلمين مخلصا لهم من ظلم واستبداد الدولة البيزنطية حتى ان الاقباط لعبوا دورا في تسهيل مهمة عمرو بن العاص في فتح بلادهم مما سهل حريتهم الدينية لاحقا ومنح الامان للبطريرك القبطي بنيامين الاول (659م) بعد ان كان فارا لمدة 13عاما من هرقل ملك الروم.
ما يجري من استهداف لاماكن العبادة في اي منطقة من الوطن العربي هو وحشية مرفضة مهما كان مصدرها وتشكل ضرارا مباشرا للدين الاسلامي وللعروبة وللعيش المشترك بين ابناء الوطن الواحد, وقد رآينا كيف فتحت تفجيرات بغداد والاسكندرية شهية البعض في طلب 'حماية مسيحيي الشرق ' في دعوة الى استقدام الاستعمار من جديد وتبرير الاعمال الوحشية لدولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
صحيح ان المجتمع الدولى فرض معادلات وحقوقا للافراد والجماعات لا يمكن الاخلال بها, لكن حماية المواطنين هي واجب على دولهم اينما كانوا, ولا يمكن للاجنبي ان يحمي مواطنا في دولة اخرى, ولا يجوز للمواطن ان يرتجي حماية الاجنبي لان حقه على دولته ونظامه السياسي.0