05-01-2011 08:02 AM
كل الاردن -
أحمد أبو خليل
مرة أخرى يؤكد المعلمون أنهم بتحركهم يشكلون اختراقاً توحيدياً للوطن وللشعب في ظل سيادة أردأ أشكال التفتيت الوطني والاجتماعي.
بالأمس أمضى مئات من المعلمين القادمين من كل المناطق مع عدد من أنصارهم ساعتين أمام مجلس النواب احتجوا خلالها على موقف النواب وخاصة رئيس المجلس النيابي من موضوع النقابة. لكن من الواضح أن تحرك المعلمين يتجاوز موضوعياً هذا المطلب النقابي الحق لفئة مضحية نبيلة معطاءة ناكرة للذات هي فئة المعلمين.
التحرك ضروري ومهم على المستوى الوطني وخاصة الآن. وبلا تردد يمكن الجزم أنه لو تتوفر في البلد سلطة حكم راشدة متحملة لمسؤوليتها بالفعل, فإنها يمكن أن تبني على تحرك المعلمين هذا مشروعاً كبيراً تنموياً وثقافياً وسياسياً. إن المعلمين هم الفئة الوحيدة التي تحظى بالاتصال اليومي مع كل الأردنيين من خلال أكثر من مليون ونصف من أبنائهم, ولنا أن نتخيل ماذا سيبث هؤلاء من أفكار وقيم ومعان نحو كل البيوت في حال تمت إدارة موضوع النقابة بما يكفل للمعلمين كرامتهم ومصالحهم وحقوقهم.
إن المعلمين هم الطرف الأساسي في أية عملية تخطيط بعيدة المدى على صعيد إعادة بناء الإنسان. وإن فرصة تحرك المعلمين الأردنيين الحالية من الفرص التي لا تتكرر كثيراً في حياة الشعوب, إذ أن حالات الاندفاع والتوحد والتفاعل عند أية مجموعة بشرية تشكل تجارب نادرة في حياتها, ولا يمكن تأجيل استثمارها أو تأجيل توقيتها حسب الطلب.
من المفاجئ حد الذهول, أن الحكومة وهي ترى حالات العنف والتفتيت والصراعات الفئوية المنتشرة, لا تلتفت إلى ما تتيحه حركة المعلمين من فرصة لرد وطني شامل يعيد للناس ثقتهم بوطنهم وبقدرات شعبهم. ومن المذهل أكثر أن لا تجد الحكومة ما تنشغل به في موضوع المعلمين غير البحث عن وسائل لشق صفوفهم أي لدفعهم نحو التشتت والصدام, والمذهل أكثر وأكثر أن مجلس النواب في أول تجربة له مع جمهور من المعتصمين أصر بالأمس على فض الاعتصام عبر طلب تشكيل لجنة تلتقي الرئيس مع أن المعلمين لديهم عدة لجان لم يستمع المجلس لها قبل الاعتصام, هذا فضلاً عن المجلس وخاصة رئيسه, كانوا واضحين في موقفهم. والمفاجئ والمقلق أيضاً أن وزير التربية الدكتور خالد الكركي يبدو أنه يضحي بأفكار نبيلة حملها وأعلنها وكتبها وألقاها شعراً ونثراً وهي التي أسهمت في تشكيل صورته في الحياة العامة, ولكنه اليوم لا يلتقط فكرة أن المعلمين يوفرون لهذه الأفكار فرصة أن تخرج إلى الحياة وأن تغادر الورق ومنصات الخطابة لكي تعيش بين الناس.
مع كل هذا, لا ينبغي أن ننسى أن المعلمين يوم أمس ذكّرونا بأننا أبناء وطن واحد, وعلينا أن نشكرهم من أعماقنا.0
(العرب اليوم)