06-01-2011 07:15 AM
كل الاردن -
حسين رواشدة
ايهما اجدى وافضل: ان يخرج الناس في اعتصامات للمطالبة بحقوقهم وايصال رسائلهم؟ ام ان يخرجوا في مشاجرات يحتدم فيها العنف وتحرق فيها المرافق العامة وقد تزهق فيها الارواح؟
امس كنا امام مشهدين: أحدهما جسده اخواننا المعلمون الذين خرجوا للاعتصام امام مجلس النواب للمطالبة بانشاء نقابة لهم ، الصورة كانت حضارية بامتياز ، فقد استقطب المعلمون فعاليات المجتمع للتضامن معهم ، لا سؤال عن المنابت والهويات ، ولا حديث عن الاختلافات السياسية ، ولا جدل حول المطالب الزائدة والناقصة ، القضية وحدت الجميع وعكست قيمة الانسجام والتوافق الوطني الذي اصبحنا في امس الحاجة اليه.
اما المشهد الثاني فقد جاءنا من مدينة معان ، وفيه طالعنا صورة انفلات وصورة المشاجرات التي افضت الى حرائق في المتاجر والمؤسسات ، ولم نكن نصدق أعيننا ونحن نتابع هؤلاء الشباب الذين ارادوا ان ينتقموا من كل شيء ، ولو قيض لنا ان نسأل لماذا، لما وجدنا غير جواب واحد هو: 'الغضب' ، ممن. وعلى من؟ لا ندري.
لا نريد ان نقلب المواجع ، ولكن المقارنة بين المشهدين تضع ايدينا ولو مؤقتا على الحل ، وتقدم لنا الاجابة الصحيحة على سؤال 'العنف' وتدلنا على العنوان الصحيح الذي يفترض ان نذهب اليه ، كيف؟ اخواننا المعلمون فهموا درسهم جيدا ، وحددوا هدفهم ، واستخدموا 'الابواب' المشروعة لنقل رسائلهم والمطالبة بحقوقهم ، صحيح انهم تعرضوا لمضايقات في الماضي وواجهوا الكثير من العقبات ، لكنهم لم ينحازوا الى خيار الانفلات وانما دخلوا من بوابة الحرية هذه التي تحتاجها اليوم ، لايصال صوتهم الى المسؤولين ، ولم يخسروا ولم نخسر ايضا ، وهذا يعني ان فتح الابواب المشروعة واطلاق الحوار والانتصار لمنطق التفاهم هو السبيل الاجدى والآمن لحث الناس على الالتزام وتجنيب بلدنا معمعة الصراعات المغشوشة والمشاجرات البائسة.
لا يكفي ان نرفض احداث العنف ، سواء في جامعاتنا او مدتنا او حتى داخل بيوتنا ، ولا يكفي ان نتبرأ من العابثين بامننا الجتماعي والخارجين على نواميس اخلاقنا وقيمنا ، هذا تحصيل حاصل نتفق عليه جميعا ، ولكن لا بد من التفكير في سؤال واحد وهو: لماذا 'تولـّد' هذا العنف في مجتمعنا وانتشر ، ولماذا وجد بيننا من يستقبله ويوظفه ويستخدمه ، لماذا لا نتعهد التربة التي نمت فيها احساك العنف واشواكه بالرعاية والاهتمام ، لكي نقلع هذه الاشواك من جذورها لماذا؟ بلدنا يستحق منا ان نفكر جديا في هذه الاسئلة وان نجيب عنها بامانة وانتباه.
(الدستور)