06-01-2011 10:50 AM
كل الاردن -
علي السنيد
وقفت متأملا على أنقاض عام مضى ، وأنا تتملكني الغبطة والامتنان إزاء تجربة نيابية كنت خضتها بوجداني في لواء ذيبان ، وقد انقضى النصف الثاني من العام المنصرم في جولات مكثفة بين بيوت الأهل والأحبة في اللواء ، وخلفت هذه التجربة الأولى مشاهد لا تكاد تغادر الذاكرة ، وما زالت تراودني حتى في منامي.
وقد انفتحت أمامي قضايا الناس اليومية ، وتفاصيل المجتمع ، ووجدتني مسؤولا مباشرا عن تقديم تصورات للحل ، وكان حوار عام يأخذني على أجندة الأهل الذين قدموا المحبة ، وما بخلوا ، وتجسدت الساعات على شكل سباق محموم مع الثقة الشعبية.
كان الوقت مليئا بالانجازات والساعات ثمينة ، وملتقيات تجتذب الحماسة ، والتطلع نحو المستقبل ، وانخرط المجتمع في الشأن العام ، وفي بلورة الاتجاهات ، وتولدت معالم حياة سياسية سرعان ما أن تسربت في أحشاء المجتمع ، حيث تعبر الناس من خلالها عن إرادتها ، وتعيد تشكيل المرحلة وفقا للتوازنات التي تحكم المجتمع ، وأسفر الحراك عن تباينات هادئة في التوطئة التي تسبق ولادة مجلس نيابي كان على الأبواب ، وتداخلت الصيغة الاجتماعية السائدة مع تعدد الخيارات الشعبية في سياق عملية تشكيل النخب الجديدة ، وراحت روح الشباب تنبثق لتعبر عن ذاتها وسط القوى التقليدية ، والأيام تنذر بقادم يوشك أن يولد من خلال صناديق الاقتراع.
كانت اللحظات ثمينة ، وشروط المنافسة تضع المرشحين أمام استحقاق نفسي عميق ، ومخاوف لذيذة ترافق الحالة ، وكنت أشاطر المؤيدين تداعيات الحدث اليومي ، وتقلص الليل إلى بضع ساعات معدودة ، وقاطرة الأيام تتجه بسرعة نحو صناديق الاقتراع ، والمهمة لا تكاد تترك لصاحبها قسطا من راحة ، وقد اختلط الليل بالنهار ما بين دعاية انتخابية ، ولقاءات نخبوية ، وتجمعات تأخذ طابعا اجتماعيا ، وصولا إلى تشكيل اللجان ، ومتابعة أعمالها ، ووضع برنامج انتخابي مستمد من مخرجات طاولة الحوار العامة التي اقتضاها الفعل النيابي ، حتى افتتاح المقر الانتخابي ، وجعله موئلا للمؤيدين ، والمؤازرين ، وما يلزم من اجتماعات عامة تنتهي بعمل المهرجان الانتخابي الذي يكون من مقدمات الثقة الشعبية ، ومؤشرا على نسبتها.
أيام متواصلة كانت فيها الحركات والسكنات تحت الرقابة الشعبية المشددة ، وتتراءى من خلفها الوجوه والأماكن ، والمواقف ، والأشياء المؤثرة ، وقد اقتضت التنسيق مع الحكام الإداريين وقوى الأمن ، واليقظة المستمرة لامتصاص الأزمات ، وإطفاء أجواء التوتر ، وبث الثقة ، والحماسة في المحيطين ، وبين جنبات المجتمع الذي يملك الأصوات ، ويمثل الإرادة الشعبية ، وترى الإرهاق باديا على الوجوه التي تخوض المعركة النيابية بوجدانها ، وقد انعدم الليل في الأيام الأخيرة ، وحالة عامة اقتضت الحكمة في مسايرة أدق تفاصيلها.
كان الحراك الاجتماعي يتبلور في اتجاهات متباينة على مقربة من يوم الاقتراع ، وباتت خيارات الناس اقرب إلى أن تأخذ شكل ملامحها النهائية ، ويوم الحسم يتراءى لفرقاء المشهد الانتخابي ، ولمؤيديهم الذين ابرزوا خطوطا عامة في المجتمع المثقل بالحراك الانتخابي.
ساعات إلى أن ينتهي شد الأعصاب ، وليالي السهر ، والتجاذب مع الإرادة العامة ، وينطبع مشهد اليوم الأخير في الذاكرة حيث مراكز الاقتراع تنتصب للمرشحين ، وغدا تنظيم وصول الأصوات إلى الصناديق مهمة عظمى تديرها غرف العمليات ، وملاحقة الإشاعات بشيء من الحكمة إلى أن يغلق المساء الطموحات العادلة ، ويعلن نهاية مرحلة تبدت فيها الإرادة الشعبية بأجلى صورها.
وأنا سأظل ممتنا ما حييت لما يناهز الألفين من الأصوات حصلت عليها ، وتظل تمثل ثقة طوقت عنقي ، وان كانت قصرت عن أن تبلغني شرف تمثيل الناس في دائرة أحببتها حتى الثمالة ، وفاز مرشحها بفارق عدة مئات من الأصوات.
Ali.sned@yahoo.com