09-01-2011 11:50 PM
كل الاردن -
نبيل غيشان
خرجت مجموعة من اهالي مدينة ذيبان بعد صلاة يوم الجمعة احتجاجا على الوضع الاقتصادي وارتفاع الاسعار مطالبين باستقالة الحكومة وهتفوا منتقدين اداء مجلس النواب 'لمنحه الحكومة ثقة غير مسبوقة ' وقد تفرق المشاركون بكل هدوء لكنهم بعثوا برسالة عاجلة الى الحكومة ومجلس النواب عبر الشارع تقول ' للصبر حدود '.
ان تعبير الناس عن آرائهم ومصالحهم حق مشروع كفله الدستور وخروج الناس الى الشوارع للاحتجاج على قرار او توجه سياسي هو دليل على انفتاح النظام السياسي واستيعاب الحكم لحركة المجتمع, وهنا تأتي نقطة 'الاحتكاك' ومدى ان تبقى الاحتجاجات في اطارها السلمي المشروع والابتعاد عن الفوضى والشغب والاضرار بالاخرين.
وقد لاحظنا كيف تحولت نتيجة مشاجرة بين عمال في الجنوب الى مقتل ثلاثة اشخاص بدون سبب معقول, لتنطلق بعدها اعمال فوضوية في مدينة معان طالت مؤسسات رسمية وخاصة, وقبلها ما حدث في الجامعة الاردنية احتجاجا على نتائج انتخابات مجلس الطلبة وما اوقعه من اصابات بشرية وتكسير وتخريب.
ويجب على الحكومة ان لا تنزعج من خروج الاحتجاجات الشعبية اذا كانت في اطارها السلمي المنضبط, بل يجب على الدولة ان تساعد الناس على التعبير عما يجيش في صدورهم لمعرفة الاتجاهات وتصحيح القرارت, لا ان تفأجئ الدولة بانفجار الازمة وتعبيراتها العنيفة في الشارع, مثلما جرى في هبة نيسان 1989، بسبب وجود الاحكام العرفية وعدم وجود الاطر التمثيلية (البرلمان والصحافة الحرة) مما شكل انسدادا لقنوات الاتصال السياسي بين الناس والحكومات.
فالاحتجاج هو تعبير عن مصالح اقتصادية وسياسية ومن واجب مؤسسات المجتمع والدولة 'ترشيد الاحتجاج' وتحويله الى اطر شرعية عقلانية ومستدامة تفرز قيادات ومطالب قابلة للحوار والنقاش تحت سقف الدستور والقوانين, لان الفقر والتهميش والانكفاء والفساد وعدم سيادة القانون كلها ادوات تؤدي الى الاحتقان السياسي وتشغيل بؤر العنف.
المعلوم ان حركات الاحتجاج المنظمة في الدول الديمقراطية اذا امتلكت قيادات كفؤة قد تتحول الى احزاب سياسية إن هي استطاعت انتهاز الفرصة التاريخية المتاحة, لكن المطلوب في حالتنا, 'ترشيد الاحتجاج' وتحويله الى 'ثقافة شعبية' قادرة على استعمال الاحتجاج من اجل الحوار وعرض المظالم والمطالب وتحويلها الى فعاليات مؤثرة قادرة على التعبير السوي بدون عنف او فوضى.
واخطر ما في الاحتجاجات الشعبية الاخيرة بقاؤها فردية بعيدة عن الاحزاب ومؤسسات المجتمع المدني, فالمطلوب ان تكون الاحزاب ونواب الشعب على رأس تلك الاحتجاجات والدفاع عن مصالح ناخبيهم وكذلك الاحزاب, ليكون هناك صوت واحد تسمعه الحكومة باسم الناس.
nghishano@yahoo.com
(العرب اليوم)