11-01-2011 07:57 AM
كل الاردن -
طاهر العدوان
ما هي الاهداف التي تسعى الى تحقيقها حكومة سمير الرفاعي الثانية? الاجابة الرسمية هي المحاور السبعة التي تعهد بها رئيسها امام مجلس النواب, قانون الانتخابات, اللامركزية, الاستثمار ...الخ .
غير انه ومنذ نيل الحكومة الثقة الكبيرة, وانا اتابع ما يصدر عنها من قرارات او ما يخرج من جلساتها من مداولات, فلا اجد ان هناك ماكينة حكومية قد بدأ هديرها لتحقيق محاورها السبعة, بل اجد انها تسعى الى هدف رئيسي يمكن ان يسمى (ابو الاهداف) وهو تخفيض العجز الهائل في الموازنة وتوفير الاموال لها, وهو ما يثير المخاوف من اقدام الحكومة على تقليص مخصصات الدعم لعدد من المواد والسلع والخدمات الاساسية.
تتحدث الاوساط الحكومية عن اوضاع صعبة للموازنة العامة, وهي بالتأكيد ستكون اشد صعوبة اذا صدقت التوقعات بان اسعار النفط ستظل تراوح مكانها بين 80-100 دولار خلال هذا العام. لانه يصبح من الخطورة بمكان رفع الدعم عن السلع المدعومة, في ظل توقعات بارتفاع اسعار جميع السلع الاخرى مع ارتفاع اسعار المشتقات النفطية.
اذا المشكل المالي بدأ يضغط على حكومة الرفاعي الثانية, وهو يزداد صعوبة في ظل حقيقة عدم وجود خيارات اخرى يمكن الاعتماد عليها لاسناد الموازنة, مثل الحصول على مساعدات من دول الخليج, التي استغلت الازمة المالية الاقتصادية لوقف هذه المساعدات بحجة انها هي ايضا تعيش اوضاعا مالية صعبة, اما الممول الرئيسي للخزينة وهو الولايات المتحدة, التي تقدم (300) مليون دولار, فلم يطرأ اي زيادة على هذه المساعدات بينما تحصل اسرائيل على حصة الاسد وقيمتها 3 مليارات دولار من اصل 5.440 مليار هي قيمة مجمل المساعدات الامريكية الخارجية لعام 2011 .
عندما نتابع ما جرى في الجزائر وما يجري في تونس من انتفاضات شعبية ردا على قرارات حكومية برفع الاسعار او احتجاجا على الغلاء وتفشي البطالة فان الدرس الاول الذي علينا استخلاصه هنا في عمان ادراك مدى خطورة استمرار الاوضاع الاقتصادية الراهنة, من ازدياد البطالة وغياب سياسات التوظيف, وعدم ايجاد فرص العمل اضافة الى استمرار الغلاء, فكيف ستكون الحال اذا اقترنت هذه الاوضاع بقرارات (صعبة) مثل رفع الدعم الجزئي او الكلي عن بعض السلع والخدمات الرئيسية!.
ليس من المبالغة القول بان حالة من التململ تسري بين صفوف الاردنيين على وقع تزايد الضغوط على اوضاع الاسر المالية. وفي هذه الحالة, وازاء الحالة الراهنة للموازنة وقصور امكاناتها فان البحث عن حلول لمواجهة الوضع الصعب يفرض حالة جديدة من تبادل الحقوق والواجبات بين الحكومة والمجتمع, للوصول الى قرارات ذات طابع وطني تلاقي التفهم والتفاهم العام. قرارات تبني الثقة بين الحكومة والشعب وتعيد الى الصدارة اهمية الاهداف النبيلة, مثل (التضحية) وشد الاحزمة..الخ, لكن بشرط ان يبدأ مسؤولو الدولة بأنفسهم عبر التضحية وشد الاحزمة, والتوقف عن حياة الاسراف والبذخ, مع شد الاحزمة على رقاب الفاسدين الذين يسرحون ويمرحون.
ان محاربة الفساد وتقديم حيتانه الى المحاكم, واطلاق الحريات العامة والبدء باصلاحات سياسية وادارية ملموسة, تقود الى مشاركة اوسع بالقرارات والغاء النفقات التي يمكن تأجيلها في بنود الموازنة مع اضفاء الشفافية التامة على جدول نفقات الدولة هي مثال على نوع الحلول التي تسهل على الاردن والاردنيين تجاوز اي وضع اقتصادي خانق.
(العرب اليوم)