12-01-2011 12:04 PM
كل الاردن -
الهاجس الامني والتوتر يدفعان بوقوع اخطاء في غزة
السلطة امر مفروض علينا في غزة
سياستنا تقضي بعدم اعطاء ذريعة للحرب
المواجهة مع حزب الله صعبة جداً ومع ايران غير ممكنة من دون امريكا
خروج دحلان من الساحة الفلسطينية امر مفيد للقضية
فهد الخيطان - "افق المصالحة الفلسطينية بعيد جداً", والحرب على غزة هي "الاقل ضرورة بالنسبة لاسرائيل لكنها الاكثر سهولة". و"تراجع شعبية حماس في غزة امر غير مستغرب بالنسبة لنا". "تضررنا الى حد كبير في الضفة الغربية, لكن حماس ستفاجىء الجميع في قدرتها على استعادة العافية".
"ابو مازن سيحسم المعركة مع دحلان لصالحه لكنه سيخرج مهشماً", "يئسنا من طرق البوابة الاردنية, والتسهيلات على الجانب الانساني تحسنت".
تلك العناوين كانت خلاصة لقاء صحافي مطول مع قادة في حركة حماس بدمشق امس الاول كان في مقدمتهم رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل.
المصلحة المعطلة
في شهر رمضان الفائت شعرت قيادة حماس ان المصالحة الفلسطينية باتت ممكنة ومرد هذا الشعور لقاء غير مخطط له جمع خالد مشعل بمدير المخابرات المصرية عمر سليمان في مكة المكرمة. اتضح من اللقاء انه ليس لدى القيادة المصرية "الراعي الرسمي للحوار الفلسطيني" اي مانع لاجراء تفاهمات ثنائية بين حماس وفتح ثم مع باقي القوى الفلسطينية لتكون ارضية وجزءاً من اتفاق المصالحة المقترح في الورقة المصرية.
فتح هذا اللقاء الباب لاجتماع في دمشق جمع القيادي الفتحاوي عزام الاحمد مع وفد من حماس. الاجتماع الذي عقد اواخر ايلول الماضي جاء بعد اتفاق بين الرئيس الفلسطيني وعمر سليمان على خلفية لقاء مكة بين الاخير ومشعل. جرى التفاهم في لقاء دمشق على عناوين الحوار المقبل بين فتح وحماس وتم تلخيصها في ست نقاط وهي:
1- لجنة الانتخابات الفلسطينية.
2- محكمة الانتخابات.
3- موعد الانتخابات.
4- اطار قيادي مؤقت لمنظمة التحرير.
5- بناء وهيكلة الاجهزة الامنية.
6- اللجنة العليا لرسم السياسات الامنية.
لكن التفاؤل بالاتفاق تبدد في اللقاء الثاني الذي حضره مدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج ومسؤول فتح في دمشق سمير الرفاعي. فقد تراجع وفد فتح عن النقاط التي تم الاتفاق عليها في اللقاء الاول, فبالنسبة لمحكمة الانتخابات, تمسكوا بالقول انها "حق حصري للرئيس ولا يمكن تشكيلها بالتوافق".
الخلاف الاهم كان حول قضية اعادة بناء الاجهزة الامنية والموقف من استمرار التنسيق الامني مع اسرائيل. وقدم فرج تفسيراً لهذا الامر لا يمكن لحماس ان تقبل به وملخصه الآتي:
وينقل قادة حماس عن فرج قوله: "المشكلة هي في غزة المتمردة". والمقصود باعادة الهيكلة هي القوة في غزة وليس الاجهزة الامنية في الضفة الغربية. اما اللجنة الامبنية فلا توافق حولها. اما اعادة البناء فتعني بالنسبة لفتح: "اعادة بناء المقرات التي تهدمت في غزة". في المقابل تمسكت حماس في موقفها القاضي بان اللجنة الامنية ينبغي ان تشمل في مظلتها الضفة الغربية وغزة.
بهذا الموقف المتعنت حسب قيادة حماس اصبحت المصالحة الفلسطينية بعيدة المنال.
ولكن لماذا تقدمت فتح للمصالحة ثم تراجعت. لدى قيادة حماس اكثر من تفسير:
الاول: ربما كان المطلوب هو استخدام اللقاء مع حماس كنوع من الضغط على نتنياهو لتليين موقفه التفاوضي مع "السلطة" وبالتالي لم يعد هناك حاجة من الناحية التكتيكية لهذه الورقة بعد فشل المفاوضات.
الثاني: عدم قدرة فتح على الوفاء بالاستحقاق الامني للمصالحة في الضفة الغربية تحديداً في ضوء التنسيق الامني عالي المستوى مع اسرائيل.
والتفسير الثالث: ان ترتيبات المصالحة تحتاج الى موافقة اسرائيل والولايات المتحدة وهذا امر متعذر لان الطرفين لن يقبلا بأي حال عودة حماس الى مؤسسات السلطة في الضفة الغربية.
في تقدير قيادة حماس "الوضع الحالي مناسب لاسرائيل. يقول خالد مشعل فهناك حكم ذاتي "ديلوكس" يمثل في الجوهر صيغة انتقالية دائمة "هدفها تهجير الفلسطينيين الى الاردن لان الضفة الغربية في البعد الاستراتيجي الاسرائيلي هي "يهودا والسامرة".
اما حركة فتح فتشعر انها غير مضطرة للمصالحة ما دام بالامكان استعادة غزة بقوة الامر الواقع واذا لم يحصل ذلك فلا مشكلة ما دامت السلطة في الضفة الغربية تحظى بالشرعية الدولية والعربية.
خلاصة القول ان قيادة حماس متشائمة حيال فرص المصالحة في هذه الظروف, لكنها تتمسك بقناعتها "ان المصالحة ضرورة وطنية سنبقى نعمل من اجلها".
حماس في الضفة وغزة
انسداد افق المصالحة يضاعف من الضغوط على حركة حماس في الضفة الغربية ويستشهد مشعل بعدد معتقلي الحركة في سجون السلطة الذي فاق الـ 800 معتقل وما يتعرضون له من تعذيب "يفوق الوصف".
"اجهزة السلطة واسرائيل يتحالفان ضدنا في الضفة الغربية", وفق خالد مشعل الذي يشير بأسى الى "التنسيق والتكامل في الادوار" بين الجانبين لقمع حركة حماس وتصفية عناصرها في الضفة الغربية.
ويعترف قياديون في الحركة "ان بنية حماس تضررت الى حد بعيد" لكنهم على قناعة بأن الحركة ستفاجىء الجميع في قدرتها على استعادة عافيتها وحيويتها مذكرين بما حصل "معنا" في غزة عام .2006
وتعليقاً على المفارقة في نتائج استطلاعات الرأي التي تظهر تراجع شعبية حماس في غزة واستقرارها في الضفة الغربية يؤكد قادة حماس ان النتائج لم تكن مفاجئة بالنسبة لهم: "من يكون في السلطة يدفع الثمن", يقول قيادي حمساوي, ويضيف "يصبح الثمن مضاعفاً عندما تكون في السلطة وسط حالة الحصار التي تعيشها غزة والظروف الاقتصادية القاسية جراء الحصار الاسرائيلي".
وفي رأيهم من الطبيعي في مثل هذه الظروف ان تتراجع شعبية حماس في القطاع.
ويأخذنا هذا الحال الى السؤال عن الانتهاكات التي تسجل في غزة في مجال الحريات وحقوق الانسان وما يقال عن تجاوزات تحصل.
يقر قادة حماس بوقوع تجاوزات في مجال الامن. ويشرح احد القياديين ذلك على النحو التالي: "اجواء الحصار المستمر على القطاع ومحاولات الاختراق الامني المستمرة من اكثر من طرف تسبب حالة من التوتر الامني العالي في اوساط المسؤولين جراء الشعور بالخطر تدفع الى الوقوع بالاخطاء" واستمرار الحصار يخلق لدى الموجودين في القطاع حالة لا مبالاة تجاه العالم الخارجي ومعاييره في الحكم ما دام يصمت على تجويع القطاع.
هذه الامور لا تغيب عن بال قيادة حماس وتؤكد ان المسؤولين في حكومة غزة لا يتهاونون في معالجة الاخطاء ومعاقبة المتورطين فيها.
في المحصلة يدرك قادة حماس ان الجميع في الساحة الفلسطينية يعيشون في مأزق و"السلطة امر مفروض علينا في غزة" حسب تعبير احد قياديي الحركة.
خطر "القاعدة" وموقف الحركة من التشدد
المزاج العام في غزة حسب وصف حماس "محافظ ومتشدد" وهناك "فائض دين" في غزة لكن تنظيم القاعدة وحركات السلفيين لا تتوقف عن "المزايدة" على حركة حماس.
يدرك قادة حماس هذا الامر ويؤكدون ان لا حضور واسعاً لهذه الحركات في غزة وما هو موجود من خلايا هي في نظرهم من "صناعة اجهزة عربية واجنبية".
وفي هذا الصدد يؤكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ان الحركة معنية "بمقاومة فكر التشدد السياسي" ويضيف نعمل بشكل ممنهج مع "طبقة الشيوخ" في الحركة على اشاعة فكر الاعتدال والوسطية في أوساط كوادر حماس وجمهورها. "ففي فلسطين لا تصلح مدرسة التشدد".
احتمالات الحرب, ماذا عن غزة؟
السؤال الذي يشغل بال المراقبين والسياسيين ومعهم الرأي العام العربي هذا اليوم هو سؤال الحرب. هل ستقع حرب في المنطقة ومن المستهدف اولاً في الهجوم الاسرائيلي: حزب الله ثم ايران ام العكس؟ وهل لحماس نصيب من العدوانية الاسرائيلية؟
لا يملك قادة حماس جواباً شافياً على السؤال مثلهم مثل جيع الاطراف في المنطقة. لكن ثمة احتمال ان "العام الحالي قد يشهد حرباً".
لدى حماس مقاربة للجبهات الثلاث تشكل في مجملها خلاصة لما يمكن وصفه "بتحليل الموقف" لمعادلة الحرب والسلام في المنطقة.
الحرب بالنسبة لاسرائيل ضرورة لا بد منها كي تستعيد صورتها كقوة عسكرية متفوقة بعدما تعرضت للتهشيم في العدوان على لبنان وغزة.
الحرب الاقل ضرورة لاسرائيل هي على غزة لكنها في نفس الوقت الاكثر سهولة واغراء.
اما الحرب الضرورية والاكثر الحاحا بالنسبة لاسرائيل فهي ضد ايران بيد انها الحرب الاكثر صعوبة تليها الحرب على حزب الله.
"غزة لا تشكل تهديدا لاسرائيل في الوقت الحالي" يقول قيادي في حماس لكن اسرائيل وقبل خوض اي حرب تريد ان تضمن نتائجها وهذا ان لم يعد ممكنا.
في غزة اسرائيل غير مضطرة للحرب وتواجه استحقاقا اخلاقيا على المستوى العالمي خاصة بعد ما جرى من فظاعات في العدوان الاخير, اضافة الى ذلك فان "بنك الاهداف" في غزة غير متوفر. لكن هذا امر مغر بحد ذاته وقد "تركب" عليه حرب لرفع المعنويات تمهيدا لحرب اصعب "قادمة".
قيادة حماس تقول بشكل واضح: "سياستنا تقضي بعدم اعطاء ذريعة للحرب" لكن التحسين غير المبرمج قد "يذهب بنا الى حرب".
مع حزب الله المواجهة ستكون صعبة للغاية لان ميزان القوى على الارض يتطور بشكل كبير.
اما "العدوان على ايران فلكي يكون "فاعلا" يجب ان تشترك فيه امريكا وهذا غير وارد الان حسب تقدير حماس".
رغم الضغوط التي يمارسها نتنياهو بجعل الحرب على ايران مصلحة امريكية"..
اسرائيل تراهن على القرار الظني الخاص بمحاكمة المتهمين باغتيال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري كورقة لاضعاف حزب الله ومن ثم الهجوم عليه.
المواجهة بين عباس ودحلان
يتابع قادة حماس باهتمام التطورات المتعلقة بالمواجهة بين الرئيس محمود عباس والقيادي الفتحاوي البارز محمد دحلان. وهناك اعتقاد بان دحلان كان يخطط بالفعل للاستيلاء على السلطة وازاحة عباس "لكنه اساء التقدير واستعجل", واعتقد اي دحلان ان بامكانه تكرار تجربة عباس مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
قبل عام يقول قادة حماس ان دحلان حاول "تسويق" ناصر القدوة كرئيس بديل لعباس لكنه لم يستطع ان يحقق اختراقا ملموسا في الاوساط العربية والدولية ثم قرر ان يخوض المعركة مباشرة لكنه وقع في عدة اخطاء ابرزها الهجوم الشخصي على ابو مازن وابنائه وقاد حملة تحريض ضد ما يصفه "برئيس الصدفة" في اشارة الى عباس.
حاولت مصر ومن خلال مدير مخابراتها عمر سليمان التوسط بين عباس ودحلان لطي الخلاف لكن الرئيس الفلسطيني صمم على قرارة بمحاسبة دحلان وتقديمه للجنة التحقيق قراءة حماس ان لا خلاف جوهريا في السياسة بين عباس ودحلان. لكن الوجه الايجابي بالنسبة لحماس هو ان هذا الصراع ينتهي بخروج دحلان من الساحة وهذا "امر مفيد للقضية الفلسطينية" وفق رؤية حماس .
"ابو مازن سيهشم لكنه سيحسم المعركة لصالحه".. يقول قيادي في حماس: الاردن وحماس بوابة مغلقة واخرى مفتوحة ويظل السؤال الدائم العلاقة الاردنية مع حماس هل يستمر الحال عما هو عليه: "لقاءات انسانية" في غزة وقطيعة سياسية مع دمشق..؟
تواصل حماس ترديد موقفها التقليدي "نحن مع الثوابت الاردنية في كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية ونقف في خندق واحد ضد التوطين والوطن البديل".
قلنا ذلك مرارا يؤكد قيادي في الحركة لكن "الحكومة الاردنية ترفض لغاية الان الانفتاح على الحركة" ويضيف "لقد يئسنا من الاستمرار في طرق البوابة الاردنية المغلقة لاننا حاولنا كثيرا ولم نحصل على نتيجة"..
قيادة حماس تقدر عاليا الدعم الطبي والانساني الاردني لاهل غزة.. وتنظر باحترام الى مواقف الاردن تجاه القضية الفلسطينية في المحافل الدولية كما تنظر بارتياح الى المرونة في التعامل مع القضايا الانسانية الخاصة بكوادر الحركة.
(العرب اليوم)