أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 30 تشرين الأول/أكتوبر 2024
شريط الاخبار
أحزاب ومنظمات ومتظاهرون مغاربة يستنكرون تصريحات ماكرون في برلمانهم عن المقاومة الفلسطينية العمل: لا صحة لعدم تشغيل أردنيين بمول تجاري في الكرك محافظة: الأردن أول دولة عربية رائدة في مجال التربية الإعلامية والمعلوماتية نقابة الصحفيين تقرر إجراء الانتخابات في نيسان اتلاف مخدرات ضبطت في 58 قضية - صور طاقم حكام عُماني لمباراة الحسين إربد والوحدات ارتفاع حصيلة العدوان على غزة إلى 43163 شهيدا حسان يثني على دور المحافظين ويؤكد أهمية الدور التنموي لهم وإدامة التواصل مع المواطنين الأردن يدين مصادقة الكنيست على قانون يمنع فتح ممثليات دبلوماسية لفلسطين في القدس (153) مليون دينار صافي أرباح (البوتاس العربية) لنهاية الربع الثالث من العام الجاري رغم التحديات العالمية الخرابشة: نتطلع لأن نكون مركزاً لإنتاج الطاقة الخضراء سلطة وادي الأردن تحذر من حالة عدم الاستقرار الجوي ضبط مركبة تسير بتهور على الصحراوي بدء تقديم طلبات الاستفادة من البعثات والمنح والقروض الداخلية رئيس وأعضاء مجلس الأعيان يؤدون اليمين الدستورية
بحث
الأربعاء , 30 تشرين الأول/أكتوبر 2024


أعقاب الذبيحين أضاحي

بقلم : د.م حكمت القطاونه
01-10-2014 01:35 PM

كنا وما نزل ومنذ أن سلكنا درب الجد وتركنا اللعب والهزل، لا نبيت إلا على نية أن أحج البيت وأم عمر، فلا حجا حججنا وصاحبكم حتى اللحظة لم يعتمر.

لم أصل ديار الحجاز ولم أطوف بالبيت الحرام وحتى عمر وأبي بكر في المدينة وصاحبهما نالهم منا جفوة بقدر الشوق لهم والمُنَىَ في منى والوقوف على عرفة، ومن قعد بعذر كما الذي وقف ومن تخلفت به الأسباب عن البيت العتيق فكأنما وصل.

وحتى أم عمر، لم تنال شرف العمرة أو الحج، وكم هي في شوق وتوق؟، تخنقني عبرتي مودعا كل عام الحجيج، عاجزا عن رد الجميل أن صارت على ديني بسببي ومن أجلي، فكم هاجها الشوق إلى مرافقتي للديار المقدسة تقتفي أثر الرسول وأصحابه، تشرب من البئر بحفنتيها كما هاجر أسقت وليدها حتى ارتوى ثم شربت 'وزمي يا مباركه... زَمْ – زَمْ'، ووداع عجائز قومي لقوافل الحجيج (رَويدا) قديماً ما زال يرن في أذني حينما ودعنا جدتي فاطمة حاجة للحجاز -رحمها الله- طفلا صغيرا ينتظر هديته، 'براية أقلام على شكل دلة' ومزمار لونه احمر مرسوما عليه هندي مُعمم يُراقص ثعبانا، حاولت حينها عزفا لأغنية وداع الحجيج ' يا دريبة الحجاج عرجا وطويلة '.

ليس كل من قصد البيت حج، وكأني بطلائع الحج ألأول، جدنا إبراهيم وأبونا إسماعيل وهاجر بعد أن رفعوا قواعد البيت توجهوا إلى الله بسؤال ماذا بعد؟ فكان الجواب من فوق السماوات:' وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق'.

في واد غير ذي زرع مُحاط بجبال سود ومن بعدها صحاري قفار وحين تنادي أول ما يرتد إليك صوتك خائباً فهيهات أن يجيبك سامعين!؟، فمن أين يأتي الحجيج ومن يأتي بهم؟ ويا سامعين الصوت صلوا على النبي!.

إبراهيم عليه السلام امضي حياته مهاجرا ومسافرا بأمر الله والى الله، يخرج من البلوى ليدخل من جديد إلى الابتلاء والمؤمنون أشد بلوى فكيف بخليل الله؟... فكان إبراهيم هو العبد الذي وفى وزاد على الوفاء بالإحسان.

لن نروي قصة إبراهيم عليه السلام ولا يمكن أن نختزل سيرته بمقال أو قصة وإنما قصص كثيرة والله يقص علينا أحسن القصص، وفي ذي الحجة نقترب من الوقوف على عرفه والحج عرفة ومسك الختام رَجم إبليس.

نختلف مع بني إسرائيل فكل منا يؤكد أن الذبيح ذبحهم!... قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى ...فما كان من إسماعيل إلا أن يقول:' يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ.

فكم هو المشهد حرجا وكم هو حزين؟! ...رجل في الثمانين عقيم يرزقه الله بولد بعد عذاب وطول انتظار، وأي ولد؟ إنه نبي الله إسماعيل، تغار زوجته العقيم سارة وبأمر من الله يحمل هاجر وولده إلى حيث أشار الوحي في واد غير ذي زرع على مسافة تفلق أكباد رواحله ، محاطة بصحاري وجبال، لا ماء ولا شجر ويأبى حتى الطير مرورا من فوقها، يتركهما تحت سماء الله ويرحل ومن زمن لآخر يعودهما، مرة ليرفع قواعد البيت العتيق ومرة ليُطَّلقُ زوج إسماعيل ويغير عتبة بيته ومرة ليذبح ولده بيديه حينما صدق الرؤيا ويَبْتليَ الله هاجر وإبراهيم وإسماعيل ويخزي إبليس مرتين ومرتين كل عام على مدى السنين بعد إبراهيم.

يطيع إسماعيل والده العجوز وفي طاعته امتثال لأمر ربه، ويا لهف نفسَ هاجر من عناء السنين ويا لهف نفسها على فلذة كبدها إسماعيل...!...'فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نُجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم' ...خذ يا إبراهيم واستلم كبشا سمينا من يد جبريل، سنة لذراريك ومن بعدك أولاد إسماعيل ليهريقوا دماء أضاحيهم أنعاما احل الله ذبحها، ليأكلوا منها ويطعموا البائس الفقير والقانع والمعتر، ليطيبوا بها نفسا وأرجو من الله أن لا نفتري عليه زوراً فيما سنقول: أن يا أيها العرب ويا أيها المسلمون أًشْبعوا غريزة الذبح فيكم واذبحوا أنعامكم لتكفوا عن ذبح بعضكم بعضا وقتلكم لأنفسكم وافتدوا أنفسكم وإخوانكم كما افتدى الله جدكم إسماعيل بكبش سمين وافتدى عبدالله والد رسولكم الكريم ابن الذبيحين بمائة من حمر الإبل، ضحى بها عبدالمطلب ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.

درسين على التتالي كي لا يبيع بعضكم بعضا، أضاحي لبني صهيون من ولد إسحاق عليه السلام ذبيحهم المفترض ونحن وهم من أبناء قابيل، نضحي ببعضنا بعضا، وهم،... نحن أضاحيهم، وليس الحول شرط أضاحيهم فكم من رضيع قضى قبل حوله على أيديهم وبأيدينا في غزة وفي العراق وفي الشام ولبنان وفي كل مكان، نجمع بغاث البشر وكل مجرمي الدشر، نهيئ لهم الزمان والمكان لقتلنا وقتل بني جلدتنا بعد أن مللنا القتل بأيدينا وفي الأشهر الحُرم.

دعوة حق وإصلاح لا نملك آلية فرضها وكما سيدنا إبراهيم نؤذن بالناس ولا يأتينا إلا القليل من حجيج الأوطان التي أصاب إنسانها التوهان، وكما إبراهيم فبالله أملنا ولو بعد حين أن يوصل دعوانا إلى كل فج عميق وأن يغير عتبات أوطاننا ويكف أذى أبناء ضرة أمنا ممن ولَّاهم الله أمورنا ونرجم ذرية إبليس، فوا الله حتى أبن الضرة يعجز عن الأذى الذي ألحقوه بنا.

كثيرا ما أتخيل لو كانت الكعبة المشرفة - ولا اعتراض على مشيئة الله - في النمسا أو موسكو أو إيطاليا أو برلين وحتى في طهران أو بكين ، لكان الحج أيسر مما إلى جزيرة العرب وبلاد العرب أوطاني، ولو كانت في بعض ديار العرب والمسلمين خارج الجزيرة لفرضوا ضريبة نصف دينار وأكثر عن كل ركعة، ولو اسطاعوا لشغلوا عدادات تعد عملة صعبة بمجرد استقبال القبلة وعن كل تكبيرة إحرام فتحة عداد في حساب السلطات، حواشيها وطواشيها...{ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.

اللهم أحقن دماء العرب والمسلمين وكل الأمم عسى أن يأتي من أصلابهم من يُسبح اسمك، عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا... اللهم إنا نوينا الحج وباقيها عندك!.

د.م حكمت القطاونه hekmatqat@yahoo.com


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
01-10-2014 02:51 PM

السيد الدكتور المهندس حكمت القطاونة
الاكرم
مقطوعة نثرية رائعة


رُوِيَ عن الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السلام ) أنهُ قَالَ : الظلم ثلاثة : ظلم يغفره الله ، وظلم لا يغفره الله ، وظلم لا يَدَعه:
فأما الظلم الذي لا يغفره الله عز وجل فالشرك بالله .
وأما الظلم الذي يغفره الله عز وجلّ فظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين الله عزّ وجلّ .
وأما الظلم الذي لا يدعه الله عزّ وجلّ فالمداينة بين العباد ، وقال عليه السلام :
ما يأخذ المظلوم من دين الظالم أكثر مما يأخذ الظالم من دنيا المظلوم.

2) تعليق بواسطة :
01-10-2014 02:56 PM

ايها الدكتور الفاضل
مقطوعة رصينة جدا
تشكر عليها


اقتبس :

الحمد لله، الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مُبارَكًا فيه كما يحبُّ ربُّنا ويرضَى، فهو المحمودُ في الآخرة والأولى، وأشكرُه على نعمه التي لا تُحصَى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الأسماء الحُسنى، وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه المُجتبَى، وخليلُه المُرتَضَى، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله وصحابته الأتقياء.

أما بعد:

فاتقوا الله حقَّ التقوى، واستمسِكوا من الإسلام بالعُروة الوُثقَى.

اذكُروا عظيمَ رحمة الله تعالى بكم؛ إذ علَّمَكم ما لم تكونوا تعلمون، ومنَّ عليكم بأنواعِ العبادات التي تُطهِّرُكم من الرذائِل والشُّرور، وتنالُون بكل عبادةٍ أعظم الأجور والمنافِع في دُنياكم وأُخراكم، ولم يُعلِّمنا الله تعالى ويهدِنا لكنَّا مُتلبِّسين بالقبائِح والمُنكرَات.

قال الله تعالى: وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وقال تعالى: بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ وقال تعالى: وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ وقال تعالى: وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا

والحجُّ فريضةً أو تطوُّعًا من أعظم العبادات، وأفضل القُرُبات، وجزاؤُه وثوابُه العظيمُ في الدَّارَين، ومنافعُه لا تتحقَّقُ ولا ينالُها إلا من أخلصَ في الحجِّ نيَّتَه لله، وبرَّ في حجِّه، واقتدَى في مناسِكِه بسُنَّة رسولِ الله - صل الله عليه وسلم -.

والحجُّ مجمعٌ كبيرٌ من مجامِع المُسلمين، يجتمعُ في العالِم والعامِّيُّ، والحاكمُ والرَّعيَّة، والذكرُ والأُنثَى، والصغيرُ والكبيرُ، والصحيحُ والمريضُ، والغنيُّ والفقيرُ.

وله أركانٌ وشروطٌ وواجِبات، وآداب وفضائل، وأخلاقٌ كريمات، من استكملَها غُفِرَت سيئاتُه، وتضاعَفَت حسناتُه، وارتفعَت في الجنات درجاتُه، قال - صل الله عليه وسلم -«من حجَّ فلم يرفُث ولم يفسُق رجعَ كيوم ولدَتْه أمُّه»؛ رواه البخاري ومسلم.

وقال صل الله عليه وسلم الحجُّ المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة

وقال النبي صل الله عليه وسلم لعمرو بن العاص - رضي الله عنه أما علِمتَ أن الإسلام يهدِمُ ما كان قبلَه، وأن الهِجرةَ تهدِمُ ما كان قبلَها، وأن الحجَّ يهدِمُ ما كان قبلَه

والمسلمون في الحجِّ تجمعُهم أُخُوَّة الإسلام، يتراحَمون بينهم، ويتعاطَفون، ويتعاوَنون، ويتواصَلون، ويتباذَلون، قال الله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ

وعن النُّعمان بن بشير - رضي الله عنه -، عن النبي - صل الله عليه وسلم قال: «مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثلُ الجسَد إذا اشتكَى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسَد بالسَّهَر والحُمَّى

وما أحسنَ الآداب والأخلاق والفضائل التي أُمِر المُسلمُ أن يتَّصِف بها، ويتخلَّق بها في الحجِّ وفي غير الحجِّ، ولكنها في الحجِّ آكَد وأعظم.

من تلك الآداب والأوامر: تركُ الجِدال والمِراء بغير حقٍّ؛ لأنه يُورِثُ الشحناء والتعصُّب، ويُوغِرُ الصدور. والحجُّ يجتمعُ فيه الناسُ من كل جنسٍ، وهو مظنَّةُ الجِدال، فنُهِيَ المسلمُ عن الجِدال في الحجِّ، قال تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ

ومن تلك الفضائل: الصدقة، وبذلُ الطعام، وإفشاءُ السلام، ولِينُ الكلام؛ لأن الحجَّ موسِمُ إحسانٍ وصدقة، وصفاءٍ، وقد فُسِّر الحجُّ المبرورُ بذلك.

ومن تلك الأخلاق والآداب المأمور بها: اجتِنابُ المُحرَّمات والباطل من الأقوال، والإكثار من الذكر والتلبِية، وقراءة القرآن؛ لقول النبي صل الله عليه وسلم -: «إنما جُعل الطوافُ بالبيت وبالصفا والمروة ورميُ الجِمار لإقامة ذِكر الله

وهذا يعُمُّ أعمالَ الحجِّ؛ فهي شُرِعَت لأجل إقامة ذِكر الله.

ومن تلك الفضائل المأمور بها: سلامةُ الصدر للمُسلمين، والنُّصحُ لهم، وسلامةُ الصدر من أكبر نعَم الله على العبد، وقد وصفَ الله المؤمنين بسلامةِ الصدر، فقال تعالى: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ

فالمُسلمُ مع جماعة المُسلمين مرحومٌ ومحفوظٌ، قال الله تعالى فيمن تابَ من النِّفاق: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا.

وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه عن النبي - صل الله عليه وسلم - قال: «ثلاثٌ لا يغلُّ عليهنَّ قلبُ مُسلم: إخلاصُ العمل لله، والنُّصحُ لأئمةِ المُسلمين، ولُزومُ جماعتهم؛ فإن الدعوةَ تُحيطُ من ورائِهم

ومعنى هذا الحديث: أن اجتماعَ الإخلاص والنُّصح لوُلاة الأمر، ولُزوم جماعة المُسلمين بعدم الخُروج عليهم تنفِي من القلبِ الغلَّ والحسَد، والحقدَ، والمكرَ، والغِشَّ، والخديعةَ والغَدر؛ لأن اجتماعَ هذه الخِصال الثلاث في المُسلم حافِظةٌ له من الشَّيطان، ويدخلُ بها المُسلم في دُعاء المُسلمين الذي ينالُ به النجاة والسعادة، ويُحفَظُ بهذه الخِصال في حِصن الإسلام.

وكلُّ مُسلمٍ يفرحُ باجتِماعِ المُسلمين في الحجِّ ووحدتهم، فمن استكمَلَ أعمالَ الحجِّ فقد أحسنَ إلى نفسه وإلى المسلمين، ومن سلِمَ له حجُّه سلِمَ له عُمرُه، ومن جاء إلى الحجِّ ليُؤذِيَ المُسلمين، أو جاء لمعصيةٍ، أو جعلَ الحجَّ وسيلةً إلى مقاصِد لا يُقرُّها الإسلام، أو أراد أن يُغيِّر تعاليمَ الحجِّ إلى مظاهر مُنحرِفة، أو إلى أهداف مُبتدِعة فقد ألحَدَ في بلد الله الحرام.

والله لا يخفَى عليه شيءٌ من نوايا الإنسان وأعمالِه، فهو العليمُ بذاتِ الصدور، والربُّ - سبحانه - هو الذي سيتولَّى عقوبةَ من يُلحِدُ في بلد الله الحرام، قال الله تعالى: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ

ولن ينفعَك - أيها الإنسان - من أمرَكَ بمعصيةٍ، ولن يدفعَ عنك عقوبةَ الله، وستندَمُ على طاعةِ الشيطان.

وهذا التجمُّع الإسلاميُّ الكبير في الحجِّ كلَّ عامٍ، وهذه الأُُخُوَّة الإسلاميةُ القويةُ الروابِط، وهذا التوحُّد في القيام بمناسِك الحجِّ يُذكِّرُ بمنافِع الحجِّ التي يشهَدُها المُسلِمون، فيتعلَّمُ الجاهلُ من العالِم، ويتعارَفُ المُسلِمون ويتعاضَدُون، ويُكمِّلُ بعضُهم بعضًا فيما قصَّروا فيه، ويجبُرون كسرَهم، ويتناصَرون في الدين، ويتعاوَنون على ما يصلُحُ لهم في دُنياهم، وينتفِعون بدُعائِهم المُستجاب في تلك الأماكِن المُقدَّسة، وينقلِبُون بحُسن العاقِبَة في الآخرة، ويشفَعون فيمن دعَوا له.

كما يُذكِّرُنا هذا المشهَدُ المُتوحِّد، والجمعُ المُبارَك، وتآلُف القلوبِ فيه من كل جنسٍ بما دبَّ إلى المُسلمين من الفُرقة والاختِلافِ والتدابُر والتنافُر، فيقولُ كلُّ مُسلم ناصِحٍ: ليتَ المُسلمين يتوحَّدون ويجتمِعون على الحقِّ كما يجتمِعون في الحجِّ.

فيتحسَّرُ لفُرقة المسلمين واختِلافهم، ويتحيَّرُ في الفِرق التي حادَت عن منهَج السلَف الصالِح، وابتعَدَت عن تفسير القرآن الكريم والسنة النبوية التفسيرَ الصحيح، ونابَذَت العلماءَ الراسِخين في العلمِ، فلم تنتفِع بالفَهم الصحيح للدين منهم، فضلُّوا وأضلُّوا كثيرًا من الشباب بزُخرُف القول، فاختَطَفوهم من محاضِنهم الآمِنة إلى فتنة التكفير والتفجير، واستِحلال الدماء المعصومة.

والرسولُ صل الله عليه وسلم يقول في حجَّة الوداع: ألا لا ترجِعوا بعدي كفَّارًا يضربُ بعضُكم رقابَ بعضٍ»؛ رواه البخاري ومسلم.

3) تعليق بواسطة :
01-10-2014 11:26 PM

سلمت يدك
مقالة جمعت التاريخ والايمان والادب والنصيحة.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012