19-01-2011 09:40 AM
كل الاردن -
أحمد أبو خليل
تذكرون إضراب عمال الموانئ في العقبة قبل عام ونصف, وهو الإضراب الأول بالنسبة للموانئ وربما الأضخم والأطول عمالياً على العموم, وتذكرون قائد ذلك الإضراب عبدالهادي الراجح, هذا الشاب الباسل الذي لم يخذل زملاءه طيلة أيام الإضراب وتحمل الاعتقال والتهديد والوعيد من قبل عدة أطراف رسمية, وتذكرون أن الحكومة حينها اضطرت للرضوخ لعدد من المطالب العمالية, وهي مطالب بسيطة لكنها احتاجت حينها لصدام عنيف لا يزال العامل عاهد العلاونة يعاني آثاره في جسده بما يشبه الشلل.
الحكومة عندما خسرت المعركة أمام العمال الموحدين, أصرت على معاقبة منفردة لقائد الإضراب عبدالهادي الراجح الذي أمضى 23 عاماً من عمره عاملاً في ميناء العقبة بعد أن التحق به قادماً من المفرق, وأبعدته إلى مدينة معان إلى مجال عمل آخر, ولكن أيضاً براتب أقل بمقدار النصف بحسب شروط العمل الجديد.
خلال العام والنصف الماضيين طرق عبدالهادي الراجح كل الأبواب, وخاطب كل الجهات, ولما لم يجد من يستمع إليه, قدم استقالته منذ يومين في رسالة وجهها إلى رئيس الوزراء, وقد صيغت بمرارة عالية ولكن بمسؤولية عالية أيضاً, ففي ختامها لم ينس عبدالهادي أن يتوجه بالدعاء إلى الله أن يحفظ وطنه آمناً من كل سوء.
الحكومة الحالية تريد أن تحترم قرارات الحكومة السابقة, جرياً على مبدأ "مراكمة الانجازات". وبالفعل لقد أنجزت الحكومة السابقة تجربة في إخافة وترهيب أي عامل يتطوع لقيادة زملائه في المطالبة بحقوقهم البسيطة.
في الواقع لم تكتف الحكومة الحالية باحترام منجزات سابقتها, بل كررت التجربة مع العامل محمد السنيد الذي قاد عمال المياومة في تحرك حقق لهم الكثير من الانجازات, غير أن الحكومة قامت فوراً بفصله من عمله.
يعرف السنيد والراجح أن المكتسبات العمالية تحتاج لتقديم تضحيات, وقد كانا أهلاً لهذه التضحيات وربما لأكثر منها. لكن تعالوا معاً نبحث عن وصف للسلوك الرسمي في الحالتين: استفراد حكومة بعامل فرد بعد الرضوخ له وهو بين زملائه.
(العرب اليوم)