23-01-2011 07:04 AM
كل الاردن -
خالد حميد حسين البطاينة
بعد أن قدمت الحكومة مجموعة من الإجراءات في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي الذي تجلى في المسيرات الأسبوعية قد تسعى الحكومة نحو الدخول في مواجهة مع نخب المعارضة والإعلام إذا نجحت في عزل الحراك الشعبي عن خطاب المعارضة ومطالبات الإصلاح عبر الإجراءات التي قدمتها مع الإشارة إلى أن الحكومة لم تقدم توجها نحو الاستجابة حتى الآن لأي من مطالبات المعارضة والإعلام المتعلقة بالإصلاح السياسي والذي نرى هنا انه أكثر أهمية من الإصلاح الاقتصادي الذي لن يتحقق فعليا وبشكل مستدام دون الإصلاح السياسي.
قد يكون للتنازلات التي قدمتها الحكومة أثر على تخفيف الاحتقان الشعبي ولكنها لن تكون كافية لإزالة ذلك الاحتقان .كما يمكن أن تساعد تلك التنازلات على إطالة عمر حكومة الرفاعي الثانية التي واجهت شيخوخة مبكرة ولكن تلك الآثار لن تستمر لوقت طويل ما لم تتبعها الحكومة بإجراءات إضافية لتحسين مستوى معيشة المواطن وإجراءات في مجال الإصلاح السياسي .
و يجب أن تدرك الحكومة بأن الدخول في مواجهة مع النخب ومحاولة عزلها عن الحراك الشعبي ستكون محاولة فاشلة بعد أن أظهرت القراءة الدقيقة للشعارات التي تم تقديمها أن الحراك الشعبي لا يسعى فقط إلى مجرد تحسين طفيف على مستوى المعيشة ,وهذا إن كان يمكن اعتبار الإجراءات الحكومية الأخيرة ذات اثر على مستوى المعيشة ونحن لا نرى ذلك,ولكن هناك وعي قد نشأ لدى المواطن بالضرورة الملحة للإصلاح السياسي.
المواجهة التي أتوقع أن تدخلها الحكومة قد يؤيدها المجلس النيابي كما أظهرت العديد من المؤشرات الضمنية والصريحة المتضمنة فيما تناقلته وسائل الإعلام من ردود أفعال بعض النواب نحو اعتصام المعارضة أمام مجلس النواب الذي وصل إلى حد توجيه الشتائم المباشرة لبعض رموز المعارضة ومطالبة بعض النواب للحكومة بالتصدي لوسائل الإعلام .
من الأسباب الأخرى التي أرى أنها ستفشل تلك المواجهة التي أتوقعها أن الخطاب الذي تتبناه نخب المعارضة والأعلام والمواطنين الذين شاركوا في المسيرات لا يخالف التوجهات الملكية وتطلعات جلالة الملك منذ توليه سلطاته الدستورية.ففي المقابلة التي أجراها معه Peter Jennings من شبكة ABC في 18 أيار 1999 وفي رده على سؤال عن أسباب الاستقرار في الأردن أجاب جلالة الملك بأنه"عندما يكون هناك طعام على طاولة الأردنيين يكون هناك استقرار" . يدرك جلالة الملك ومنذ وقت طويل ضرورة تحسين الوضع المعيشي للأردنيين ونرى بان الإجراءات التي قدمتها الحكومة كانت بتوجيه مباشر من جلالته.
حتى مطالبة المعارضة بانتخاب رئيس الحكومة فلا تتعارض مع التطلعات التي عبر عنها جلالة الملك ومنذ وقت طويل,فكما أشار مراسل وكالة الاسوشييتد برس جمال حلبي في تقريره حول اعتصام أحزاب المعارضة أمام مجلس النواب الأخير والمنشور يوم الثلاثاء 18-1 فأن جلالة الملك أشار بعد اعتلائه العرش إلى انه يطمح لان يصبح الأردن يوما ما ملكية دستورية شبيهة ببريطانيا ,حيث يتم انتخاب رئيس الوزراء من قبل المواطنين,وقد وجه جلالته الحكومات لتقديم دعم مالي للأحزاب مما يصب بهذا الاتجاه.
نحن نرى أن أمام الحكومة فرصة لتحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية تتفق مع تطلعات جلالة الملك ومطالب المعارضة والإعلام والمواطن,وقادرة على فرض تلك الإصلاحات على المجلس النيابي الذي يعترف للحكومة بفضلها ويظهر تقاربا كبيرا معها ولا أرى بان دخول الحكومة والمجلس النيابي في مواجهة مع نخب المعارضة والإعلام ستشكل ضمانة لاستمرار أي منهما ,فجلالة الملك يتابع الوضع بشكل مباشر بعد أن أظهرت الحكومة عجزا عن التعامل مع الاحتقان الشعبي والنخبوي بشكل ملائم.