26-01-2011 10:14 AM
كل الاردن -
فهد الخيطان
العجز عن تنويع الخيارات في السياسة الخارجية لا يعفينا من المسؤولية عن الفشل في الاصلاحات .
من الطبيعي ان يشعر الاردن بالقلق وهو يشاهد الحرائق من حوله في الاقليم والمنطقة العربية, فها هو لبنان يشتعل بنار الفتنة الطائفية, والسلطة الفلسطينية تترنح تحت وقع الفشل السياسي لعملية السلام وافتضاح امر مفاوضيها في وثائق "الجزيرة" السرية وصراعات اجنحتها التي لا تنتهي, اما العراق فما زال بوابة للتهديد الامني ومعبرا لتصدير فكر الانقسام والطائفية, وعلى جبهة الحلفاء التقليديين سيل لا ينتهي من الازمات الداخلية والصراع على السلطة والتوريث, وفشل داخلي مدّو يهدد بحروب اهلية وولادة كيانات جديدة.
ودول الخليج لم تعد تلك الدول التي عرفناها في عقود مضت, تقدم المساعدات بلا حساب, فقد تبدلت اولوياتها ومصالحها. وسط هذه الاختلالات في البيئة الاقليمية يتعاظم خطر المشروع الصهيوني الذي استعاد خطابه التاريخي المعادي للكيان الاردني ولحق الفلسطينيين في دولة مستقلة على ترابهم الوطني.
لم نتمكن خلال السنوات القليلة الماضية من قراءة التحولات في ميزان القوى بالمنطقة وبناء منظومة جديدة للتحالفات بما يخدم مصالحنا فبدا وكأننا دولة ضائعة تسير في خطى مرتبكة وسط اقليم مضطرب لا تعرف على وجه التحديد من هو صديقنا وحليفنا ومن هو عدونا وخصمنا.
اصبحت علاقتنا مع الولايات المتحدة اكثر وثوقا. هذا ليس امرا سيئا لدولة بمواصفات الاردن, لكن المبالغة في الاعتماد على امريكا سياسيا واقتصاديا صار مؤشر ضعف لا قوة ومبعث قلق لا ثقة بالنفس, فقد اظهرت تجارب دول عديدة ان الادارات الامريكية يمكن ان تتخلى عن اصدقائها مهما كانت علاقاتها معهم راسخة, وقد تلجأ في احيان اخرى الى ابتزاز الحلفاء بالدعم والمساعدات بحيث يعجز هذا الحليف عن مقاومة الضغوط والقبول بالاملاءات والشروط لاستمراره.
اذا كنا غير قادرين على التحكم بمفاتيح اللعبة الاقليمية والدولية ونخشى من عواقب تنويع الخيارات ونتردد في الانفتاح على القوى الصاعدة في المنطقة, فان من الصعوبة بمكان ان نستمر في هذا النهج, بينما جبهتنا الداخلية هشة ومتوترة. ما من دولة تستطيع ان تواجه التحديين معا وعليها ان تختار هذا اذا لم تكن قادرة على تغيير السياسات على المسارين الداخلي والخارجي.
نستطيع ان نفعل الكثير لتصويب الاوضاع الداخلية,المسألة ليست ازمة غلاء واسعار فقط, انها اعمق من ذلك بكثير, فالاردنيون جربوا فترات "البحبوحة" والازمات الاقتصادية وكانوا دائما قادرين على التكيف مع الظروف طالما يتمتعون بجبهة داخلية قوية ومتماسكة. المشكلة تبدأ او هي بدأت عندما شعر الناس انهم يفقدون الثقة بالمؤسسات ورجال الدولة وهم ينهبون ويضيعون منجزات سنوات من الشقاء والتعب والمكابدة.
لم يتعثر مشروع الاصلاح السياسي والاقتصادي فقط, انما تعرض للتعطيل والاختطاف بحيث افرغ من مضمونه وتحول الى اداة للثراء غير المشروع كما وصار شعار "دولة المؤسسات والقانون" طريقا لتفكيك المؤسسات وامتهان الدستور والقانون وامسكت فئات معزولة وطنيا واجتماعيا بمفاصل البلاد, من هناك بدأت المشكلة, ومن هنا يبدأ الحل.
fahed.khitan@alarabalyawm.net
العرب اليوم