26-01-2011 10:52 AM
كل الاردن -
الحملة الاردنية للتغيير تحدد في بيانها الاول اولويات المطالب الشعبية
(جايين).. تأطير الحراك المطلبي وربطه بالسياسي
الحراك الشعبي يواصل تدفقه بتسارع, فـ "الكرة" التي بدأت التدحرج قبل ثلاثة أسابيع ببطء, تواصل حبات الثلج الانضمام اليها بتؤدة وثقة, قلما تمتع بها الشعب الاردني في السابق, سيما ان حركة الاحتجاجات في الشارع ابتداء من "ذيبان", مرورا بمسيرة يوم الجمعة الاولى, وانتهاء بفعاليات "الجمعة" الماضي, لم تكن الشكل الوحيد للتعبير عن سخط الناس من الوضع المعيشي المتردي لهم, وحنقهم المتزايد من اجراءات وتدابير الحكومة, وتدني ثقتهم بالمؤسسة التشريعية, بل واصل الناس التعبير عن انفسهم في هذا السياق عبر المواقع الالكترونية, وفي وسائل الاعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة, كل بطريقته, وكل وسيلة بهامشها المتاح, ولعل هيمنة حالة الاحتقان الشعبي على احاديث الاردنيين الجماعية والثنائية طوال أيام الأسابيع الماضية, تعبير حقيقي لنبض الشارع الاردني بفئاته وتلاوينه كافة.
الحراك الشعبي المتواصل تمخض يوم السبت الماضي عن إطلاق الحملة الاردنية للتغيير "جايين", فقد اجتمع نشطاء يمثلون فئات اجتماعية ذات مصلحة حقيقية بالتغيير وفقاً للناطق الرسمي بإسم الحملة محمد السنيد, كالمعلمين المطالبين بانصافهم عبر تأسيس نقابة لهم, والطلاب, والمتقاعدين العسكريين والمدنيين على السواء, ومن موظفين وعمال المياومة, ومن تيارات سياسية واجتماعية وطنية ويسارية وقومية غير حزبية, وهي الفئات التي اطلقت شرارة تحركات الشعب الاردني الاحتجاجية ابتداء من ذيبان.
يتحدث بيان "جايين" عن مواصلة الحركات الشعبية الاحتجاجية الى ان تحقق الاهداف التي من أجلها انطلقت حملة "جايين", وهي وفقا للسنيد نفس اهداف الشارع الاردني التي عبرت عنها الفعاليات الشعبية خلال الاسابيع الماضية, من اقالة حكومة سمير الرفاعي, الى تشكيل حكومة انقاذ وطني, تأخذ على عاتقها في بيانها الوزاري ضرورة انشاء محكمة خاصة بملفات الفساد الكبرى, بما فيها ملفات الخصخصة, وبيوعات موجودات القطاع العام, واسترداد اموال الشعب الاردني, واعادتها الى الخزينة, والعمل على اعادة تشكيل القطاع العام, اضافة الى انشاء وزارة للتموين, بصلاحيات واسعة وتداخلية, بغض النظر عن اية قوانين اخرى, تكون مهمتها الرئيسية فرض السيطرة الحكومية على سوق السلع والخدمات الاساسية, التي تشكل عصب سلة العيش للمواطن الاردني, ومعالجة ازمة المديونية بشكل جذري, وتمكين الخزينة من الانفاق على البرامج الاجتماعية, فتقليص التفاوت الطبقي لا يمكن ان يتحقق من دون قانون ضريبي يقوم على الغاء ضريبة المبيعات على سلع وخدمات "سلة العيش", وتخفيض ضريبة الدخل على الفئات الاجتماعية غير الغنية, وفرض ضريبة تصاعدية على الدخل والارباح وفقا لنصوص الدستور, وانشاء نقابة للمعلمين بقرار سياسي, فمن شأن تحقيق ذلك اليوم ليس فقط تعزيز مكانة المعلم الاجتماعية والمعيشية بل يشكل ذلك ارضا خصبة لانقاذ التعليم العام.
السنيد اكد ل¯ "العرب اليوم" ان المجموعات المنضوية تحت يافطة "جايين" من الناشطين يتطلعون الى التغيير الجذري في البلاد, تغيير السياسات الاقتصادية التي أوصلت الاردنيين الى ما وصلوا اليه من ترد في اوضاعهم المعيشية, ولا سيما سياسة الخصخصة حسب السنيد, التي ظلت الحكومات المتعاقبة تضخ على مدى 20 عاما في وسائل الاعلام عناوين بركاتها ومنافعها, التي ستطال كل الاردنيين, ليتبين لاحقا وفقا للسنيد ايضا انها لم تنفع من الاردنيين سوى افراد معدودين زادوا غنى على غنى, واما باقي الشعب الاردني فقد كانت ظروفهم المعيشية قبل الخصخصة افضل كثيرا معها, فالأغنياء لم يعودوا يسيطرون على القطاع الخاص فقط, بل باتوا اليوم هم المتنفذون في القطاع العام, يديرونه كما يديرون شركاتهم, الامر الذي اخرج عشرات آلاف المواطنين من دورة الانتاج, وحولهم الى عاطلين عن العمل وهم في مقتبل العمر, ما شكل بيئة مناسبة لهيمنة اليأس والاستسلام عليهم, ولكن ما إن انطلقت شرارة الحراك الاحتجاجي الشعبي الاخير تسلل بريق امل الى وجدان الناس, وأخذوا يشعرون ان امكانية التغيير متاحة, خاصة وهم ينظرون الى الحالة التونسية, وما حققته الى اليوم.
يتمنى السنيد على الأحزاب القائمة ان ترتقي الى مستوى التحديات التي يواجهها الاردنيون اليوم, صحيح ان التنسيق بين الاحزاب, خاصة احزاب المعارضة منها, وبين الناشطين الذين انضووا تحت يافطة "جايين" قائم, ولكن اذا لم ترغب الاحزاب في التغيير الحقيقي والجذري, بأن يكون لها دور فاعل في رسم ملامح المرحلة المقبلة فإنها ستنعزل عن محيطها, والعمل العام ليس حكراً على جهة دون غيرها, وهو ما يدعو اليوم الى إعادة التأكيد على أن وجود مجلس نواب يمثل الشعب الاردني بشكل حقيقي من شأنه اعادة الهيبة لمجلس النواب وللدولة الاردنية.
حملة التغيير الاردنية "جايين" ستواصل تحركاتها الاحتجاجية دعت الى مسيرات احتجاجية يوم الجمعة المقبل في المحافظات والعاصمة عمان, وتنظم يوم السبت المقبل اعتصاما شعبيا حاشدا امام رئاسة الوزراء يشارك به فعاليات وناشطون من المحافظات, للمطالبة بالبنود التي وردت في البيان الاول للحملة, وستركز الشعارات التي سيرفعها المشاركون في المسيرات يوم الجمعة واعتصام يوم السبت على ضرورة رحيل حكومة سمير الرفاعي, التي جاءت بموظفين من الشركة التي كان يديرها الرفاعي قبل تشكيله الحكومة, وسلمتهم مواقع حساسة في الدولة, فالأردنيون لا يرغبون في مسؤولين يتعاملون مع الدولة كما يتعاملون مع الشركات, لإدارة مقدراتهم وتشكيل حياتهم.
العرب اليوم - محمد ابو عريضة